Accessibility links

إعلان
إعلان

وجدي الأهدل*

سعى الإنسان منذ قديم الأزل إلى إجراء اتصال مع (القوة العليا) التي تتحكم في الكون، وكانت له وسائله البدائية لتحقيق غرضه.. 

وأما الإنسان المعاصر الذي يتبنى استراتيجية أكثر ذكاءً من أسلافه، فقد أرسل في عام 1977 المركبة الفضائية (فوياجر1) التي تحمل “رسالة الأرض” إلى متلقٍ مجهول!

وفي مارس 2013 أعلن العلماء في وكالة ناسا أن (فوياجر1) قد غادرت النظام الشمسي إلى الفضاء البين نجمي متجهة صوب نجم (قنطور الأقرب) الذي يبعد عن الأرض حوالي 4.2 سنة ضوئية.

قليلة جدًا هي المعلومات التي وصلت إلينا عن اتصال مباشر بعالم غير أرضي.. وتكاد تكون مذكورة حصرًا في الكتب المقدسة. 

لكن الإنسانية منذ نجاح العالم (جاليليو) في رؤية جبال القمر بواسطة التلسكوب عام 1609 قد تأجج لديها الطموح المتفائل بحل ألغاز الكون، فاندفعت خيرة العقول البشرية، فيما يشبه هوسًا شمل العالم بأسره، لتطوير أدوات تكنولوجية تعمل دون اتفاق مسبق أو قصد محدد على إشباع الرغبة الأسمى في نفس الكائن البشري، ألا وهي تحقيق أيّ نوع من أنواع الاتصال.

الأقمار الصناعية وثورة الاتصالات التي صاحبتها، والمركبات الفضائية التي تسبح في الفضاء الخارجي، هي خطوات حثيثة دؤوبة في رحلة بحث الإنسان عن (الحقيقة التي تعجز أفهام البشر عن إدراكها).

يعكس تعطش البشر للقاء الكائنات الفضائية، مثل قراءة الكتب ومشاهدة الأفلام السينمائية المتعلقة بهذا الموضوع، الرغبة الدفينة في فك شفرة من أين أتى كل شيء، ومعرفة هل نحن وحدنا في هذا الكون أم لا.

بعد نحو خمس وسبعين ألف سنة ستصل (فوياجر1) إلى النظام الشمسي للنجم (قنطور الأقرب). وإذا ما تمكنت كائنات عاقلة من استلام “رسالة الأرض” فإنها على ما يبدو ستشعر بخيبة الأمل.. صحيح أنها حصلت على جواب للسؤال الثاني، وتأكدت أنها ليست وحدها في الكون، ولكن السؤال الأول -الأكثر أهمية- سيبقى معلقًا دون جواب.. ذلك لأن “رسالة الأرض” ليست سوى قرص من النحاس مطلي بالذهب عليه صورة إنسان، وسيحتاجون إلى جهاز فونوغراف -لا أعرف من أين سيستعيرونه- لسماع مقطوعات موسيقية وتحيات من الأرض بعدة لغات.. وهذا كل ما يعرفه الإنسان في الحقيقة!

يؤمن 56% من الألمان بوجود كائنات فضائية ذكية لديها القدرة على التواصل، بحسب استطلاع أجراه معهد “يوجوف” لقياس مؤشرات الرأي عام 2015. كذلك يبحث معهد “سيتي” الأمريكي منذ عام 1984 عن كائنات فضائية ورصد أية اتصالات لاسلكية قادمة من الفضاء الخارجي تدل على وجود حضارة ذكية.

صرح (إدوارد سنودن) في برنامج (satr talk) باعتقاده أن الكائنات الفضائية تحاول الاتصال بنا، ولكننا غير قادرين على فك شفرة رسائلها إلينا.

ترسل الأرض كمّا غزيرًا من الإشارات اللاسلكية التي تسافر عشوائيًا في أغوار الفضاء الكوني، وهذا ما حدا بالعالم البريطاني (ستيفن هوكينغ) إلى التحذير من أن الإعلان عن وجودنا من خلال هذا البث يحمل مجازفة خطيرة، فمن المحتمل أن تستدل حضارة أكثر تفوقًا على موقعنا فيأتي هؤلاء وينهبوا كوكب الأرض!

في أواخر العام الماضي (2024) شوهدت أجسام طائرة في أماكن متعددة من العالم عمومًا، والولايات المتحدة خصوصًا، ظاهرة وثقها الناس بكاميرات هواتفهم في مدن وبلدات عديدة، ولم يصدر أيّ تصريح رسمي يوضح ما الذي يحدث في السماء..

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أقترح إسقاطها، ومن المحتمل أن يصدر أوامر تنفيذية لوزارة الدفاع الأمريكية بالتصدي لتلك الأجسام الطائرة وضربها.

من الممكن أن كوكب الأرض قد وصل إلى نقطة حرجة ونحن لا نعلم، ولعل هناك بعثة إنقاذ مرسلة بهدف مساعدة البشر في تجاوز هذه المرحلة وإيجاد حلول للمصاعب القادمة.. وإن صح هذا الاحتمال، فهذا يعني أن في الكون حضارات متقدمة تكنولوجيا أكثر بكثير من الحضارة الأرضية، ولكنها تكتفي بالمراقبة من بعيد ولا تتدخل إلا في حالات الضرورة القصوى.

حتى لحظة كتابة هذا المقال يبدو ألا شيء يعكر صفو الحياة الطبيعية على كوكب الأرض، ولا إرهاصات على حدث كارثي شامل قد يؤدي إلى انقراض كل مظاهر الحياة على كوكب الأرض.

إنما توجد مؤشرات مقلقة، مثل الارتفاع التدريجي لدرجة حرارة الأرض، ما يسمى بظاهرة الاحتباس الحراري، وخطر ازدياد البراكين والزلازل بسبب السدود التي تحتجز كميات مهولة من المياه، مثل السدود في الصين واثيوبيا، ومخاطر أخرى قد تنتج عن النشاط البشري العلمي -عن طريق الخطأ أو سوء التقدير- مثل مشروع سيرن (مصادم الهيدرونات الكبير) والذكاء الاصطناعي.

إذا نظرنا نظرة محايدة إلى ما يدور في كوكب الأرض، سنجد أن الإنسان يتحرك في كل الاتجاهات عن جهل لتدمير الكوكب الذي يحيا فيه!

عودة مرة أخرى إلى الفيزيائي ستيفن هوكنغ الذي حذر العلماء في مشروع سيرن من أن تجاربهم قد ينتج عنها خلق ثقب أسود يبتلع كوكب الأرض بكامله.

وأما الذكاء الاصطناعي فإن نصف سكان الكرة الأرضية يشعرون بالقلق من هذا الجبار الذي سيغير كل شيء تقريبًا، ولعل الكابوس الذي يخشاه الجميع أن تحكم الروبوتات الأرض وينقرض البشر.

فجأة ولأول مرة منذ بدء الإنسان في التأريخ للأحداث، تتكاثر احتمالات دمار كوكب الأرض وبوتائر متسارعة.. وجميع هذه الاحتمالات المرعبة ولدت في المئة سنة الأخيرة فقط.

هل تعرف البشرية إلى أين تمضي حقًا؟! وهل يمكن أن ينشأ تحالف دولي مكون من جميع دول العالم لوقف هذه المسارات التدميرية قبل فوات الأوان؟

العالم القديم ولَّى إلى غير رجعة، والعالم الجديد الذي صنعه الإنسان بيده قد ينقلب عليه ويصير عدوًا له، وقد يقصيه نهائيا من الوجود.

* روائي وكاتب يمني

   
 
إعلان

تعليقات