جيمس زغبي*
يريد الناخبون الأميركيون إنهاء الحرب في غزة، ويرون أنه ينبغي على الرئيس ترامب حجب المساعدات الأميركية، إذا لزم الأمر، للضغط على إسرائيل لإنهائها.
خلال الحملة الانتخابية العام الماضي، وعد دونالد ترامب بإحداث تغييرات كبيرة في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وصرح بأن حرب غزة لم تكن لتقع لو كان هو الرئيس، ووعد بإنهائها، وتفاخر بأنه مارس ضغطًا على إسرائيل للقبول بوقف إطلاق النار، ثم – كرئيس – اقترح إجلاء الفلسطينيين من غزة لإفساح المجال لإقامة منتجع سياحي شبيه بالريفيرا.
قبيل انتخابات 2024، أجرينا استطلاعًا للرأي شمل الناخبين الأميركيين، ووجدنا أن هناك دعمًا عامًا لإنهاء الحرب، واستخدام المساعدات الأميركية لإسرائيل كورقة ضغط لدفعها لإنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية وإنهاء الحرب في غزة.
الآن، وبعد أكثر من ثلاثة أشهر على بداية الولاية الثانية للرئيس ترامب، ألغت إسرائيل وقف إطلاق النار، واستأنفت حملة القصف، وأعادت تنفيذ عمليات «الترحيل» الجماعي للمدنيين، وأعادت فرض الحصار على الغذاء والدواء على السكان الفلسطينيين في غزة.
في الأسبوع الماضي، أعدنا طرح نفس أسئلة استطلاع 2024 في استطلاع جديد. وكانت النتائج الإجمالية متشابهة تقريبًا، مع اختلاف جوهري واحد: فبعد ثلاثة أشهر من ولايته، لم يقتصر الدعم لتشديد الموقف تجاه إسرائيل على «الديمقراطيين»، بل شمل أيضًا قاعدة الناخبين «الجمهوريين» لدى الرئيس ترامب، الذين يريدون منه اتخاذ موقف أكثر صرامة للضغط على إسرائيل لتغيير سلوكها. كان هذا أحد النتائج الرئيسية في الاستطلاع الذي نُشر في 30 أبريل من قِبل مؤسسة المعهد العربي الأميركي. وقد كلفت المؤسسة شركة «جون زغبي ستراتيجيز» بإجراء استطلاع شمل 1000 ناخب أميركي لتقييم مواقفهم من سياسات إدارة ترامب تجاه حرب إسرائيل على غزة.
ما يتضح من النتائج هو أن آراء الناخبين لم تتغير كثيرًا بين نوفمبر 2024 وأبريل 2025. ولكن ما تغير هو أن إسرائيل بدأت تخسر تعاطف «الجمهوريين»، الذين يريدون الآن من الرئيس ترامب اتخاذ موقف أقوى لكبح جماح سلوكياتها. لكن هذا لا يعني أن الناخبين «الجمهوريين» لم يعودوا يدعمون سياسات الرئيس الداخلية، بشأن مزاعم معاداة السامية، وقمع الجامعات، وترحيل الطلاب المشاركين في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين والمعارضة لإسرائيل.
فيما يلي أبرز النتائج:
يُظهر الاستطلاع أن تعاطف الناخبين مع إسرائيل لا يزال أعلى إلى حد ما منه من تعاطفهم مع الفلسطينيين. لكن بفارق واضح يبلغ 46% مقابل 30%، يشعر الناخبون الأميركيون أن سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط منحازة للغاية لصالح إسرائيل، مع موافقة 39% من «الجمهوريين» على هذا الرأي، ومعارضة 37%. وهذا يمثل تحولاً كبيرًا عن عام 2024، حيث وافق 33% فقط من الجمهوريين على هذا الرأي، مقابل 43% قالوا، إن السياسة ليست منحازة أكثر من اللازم.
وبنسبة اثنين إلى واحد، يوافق الناخبون الأميركيون على أنه يتعين على الرئيس ترامب «ممارسة ضغط أكبر على إسرائيل لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية والسماح للفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة». وبينما تتماشى هذه النسبة مع نتائج العام الماضي، فإن الفرق الأبرز هذا العام هو الزيادة الكبيرة في نسبة «الجمهوريين» الذين يوافقون على ضرورة ممارسة الضغط على إسرائيل. ففي عام 2024، كانت نسبة التأييد بين «الجمهوريين» 37% والمعارضة 40%، أما الآن فإن نسبة التأييد 49% والمعارضة 29% فقط.
وعند سؤالهم عمّا إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة الاستمرار في تقديم مساعدات غير مشروطة لإسرائيل، أو تقييد هذه المساعدات إذا «واصلت إسرائيل العمل بطريقة تعرض أرواح المدنيين للخطر في غزة ولبنان»، جاءت نتائج هذا العام مشابهة للعام الماضي. 23% فقط يؤيدون المساعدات غير المشروطة، بينما يعارضها 53%.
النتيجة الأساسية من هذه البيانات الأولية هي أنه رغم استمرار تعاطف الأميركيين مع إسرائيل، إلا أنهم يعارضون سياساتها، ويريدون من الرئيس، سواء كان «ديمقراطيًا» أو «جمهوريًاً»، استخدام المساعدات الأميركية كوسيلة ضغط لتغيير تصرفات إسرائيل. ومن المهم أيضًا الإشارة إلى أن نسبة كبيرة من الناخبين «الجمهوريين»، بمن فيهم أولئك الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم «مسيحيون مولودون من جديد»، يريدون من الرئيس الذي انتخبوه أن يتخذ موقفًا حازمًاً تجاه سياسات إسرائيل في قصف المدنيين واحتلال الأراضي الفلسطينية.
ما يتضح من جميع هذه النتائج هو أن «الجمهوريين» وقاعدتهم المسيحية الإنجيلية أيضًا بدأوا يفقدون صبرهم أيضًا تجاه سياسات إسرائيل.
* رئيس المعهد العربي الأميركي – واشنطن
تعليقات