عبدالله الصعفاني*
عندما تتمنطق ممثلة يمنية بالسلاح في مسلسل اجتماعي، وتستعرض ناشطة “قشطة رصاص الكلاشينكوف” في فيديو حسابها الشخصي، ويُباع السلاح بسهولة في دكان أو بسطة، شأن القات والشيشة والسيجارة الإلكترونية، فإن على كل عاقل أن يخبط الجرس في رقبته ورقاب من حوله، ليصل الشعور بالخطر الى الجميع.
* ليس من لوازم أي باحث أو باحثة عن الشهرة أن يستهين بالأرواح، سواء كان الكلام الذي يسوقونه على المتابعين حقيقة أو لمجرد إشهار التنمر الذي يجعلك من مكان الباحث عن آدميتك تكتب لهم: بجاه الله.. روحوا ارقدوا، واستعيذوا به من إبليس دخولكم اليوتيوب طمعًا في الشهرة التي يصدرها غرباء وغريبات المشاعر..!
* ألا تعلمون أن السهر المتنمر يحدث تغييرًا فيسيولوجيًا في الأعصاب ويشجع على العنف..؟
ماذا جرى لكم..؟
هل زادت الأطماع المشوهة.. أم ضاقت عليكم الصدور..؟
وإذن اذهبوا أو لا تذهبوا لزيارة المقابر، ولكن لا تشجعوا بعضكم على ترحيل الأبرياء إلى القبور على نحو زوجة العاقل.
* علينا جميعًا، ذكورً وإناثً، شبابًا وكبارًا وشيوخً، متصابين، أن ننتصر على العته المتنمر في نفوسنا، ونبذ كل ظهور همجي بائس، وازدراء كل مشهد يُروِّج للعدوانية، ويبرر لشخص، كائن من كان، وهو يستعرض سلاحه الكلامي أو الآلي، بسبب وبدون سبب، لِيهدِّد خصمًا حقيقيًا أو افتراضيًا بالويل والثبور وعظائم الأمور.
* توضيحًا للصورة.. صدمتني الناشطة التي ظهرت تهدد وتتوعد كل أنثى تقترب من مصالح إحدى صديقاتها بأنها ستجعلها عبرة لكل من يعتبر، وبأن رصاصة الثلاثمائة ريال تكفي لإنهاء الموضوع وإحقاق الحق.. ولعل تلك الرصاصة هي نفسها التي أزهقت بها روحين داخل جسد واحد، في قضية القتل الشهيرة لامرأة حامل.
وبالمناسبة.. القضية تفرض على الجهات الرسمية في العاصمة صنعاء إلقاء الأضواء عليها دونما إخلال بسير الضبط والمحاكمة، ونزاهة وعدالة تحقيقات الشرطة والنيابة والقضاء..!
* في ذات سياقات الصدمة.. أي مصلحة عامة أو حتى خاصة سوية في إشاعة العدوانية في بلد غادر غيره إلى دنيا المدنية والحضارة وتركنا مشدودين إلى السلوك العدواني، ننتصر للعنف الكلامي، ونروج للهمجي من السلوك، ونستبسط قتل النفس بغير حق، حتى شاهدنا بالصوت والصورة من تقول: لقد مرمغت بها، بهذلتها، فحرتها، إلى ما هنالك من مفردات تجعلك تقول: ابعدي “الكلاشينكوف” من يدك “يا نوف”.
* مخيف أن تتحول نزعات الشهرة بين متابعي وسائل التواصل إلى غاية تبرر أي وسيلة، فينفلت العِقال، ويصبح اللا معقول علامة جودة.. ومن يدري..؟ قد يتم استبدال مفردات التغزل بالعطر والفل والبخور بعبارات عجيبة كأن يقول الزوج اليمني لزوجته: أهلا بمن شمها باروت.
* وهي مناسبة للتأكيد على أهمية مسارعة الأجهزة للإدلاء ببعض المعلومات الرسمية عن الجرائم بصورة لا تؤثر على سلامة التحقيقات والمحاكمات، وفي نفس الوقت تخفف من تضارب الحكايات والروايات، وتحقق حسنة الردع الاستباقي حتى لا تذهب ذهنية المجتمع بعيدًا، ونستمرئ ما يصدم العقل ويفكك الضمير العاقل والباطن.
* لماذا كتبت ما كتبت؟
فقط للتحذير من أن يقتصر تعاطينا مع منافع التكنولوجيا ببث ما يعتمل في نفوس المشاهير من أوجاع وتشوهات وتحويل ذلك إلى وسيلة لتشكيل عقليات تعلي من شأن غرباء المشاعر.. والدعوة لانتصار العدالة والقانون، ثم الاحترام لحقيقة عدم جدوى أن يغمض أحدنا عينيه أمام منظر مرعب؛ لأنه سَيَرى بالعقل الباطن ما هو أفظع..
واللهم ارزقنا العقل..!
* كاتب يمني
تعليقات