جيمس زغبي*
في الأسبوع الماضي، مُني جمال بومان النائب «الديمقراطي» عن ولاية نيويورك بهزيمة في محاولته للحصول على ولاية ثالثة بمجلس النواب الأميركي. لكن المحللين الإعلاميين تطرقوا بشكل سطحي إلى سبب وكيفية حدوث ذلك وعواقبه على الانتخابات المستقبلية. وحاولت الجماعات المؤيدة لإسرائيل، التي اعترفت بإنفاق 25 مليون دولار لهزيمة «بومان»، التصرف بطريقتين. فمن ناحية، شعروا بالشماتة لأن مشاركتهم أثبتت بشكل حاسم أن «كونهم مؤيدين لإسرائيل يمثل سياسة جيدة ومبدأ سياسيًا جيدًا».
لقد أرسلوا رسالة خوف إلى المرشحين الآخرين: «إذا تجاوزتمونا، فسنتغلب عليكم أيضًا». ومن ناحية أخرى، قللوا من أهمية دورهم، مشيرين إلى أن خسارة «بومان» كانت بسبب «راديكاليته»، حيث فضل الناخبون المرشح «الوسطي»، وقارنوا بشكل سلبي حماس «بومان» بالسلوك الثابت لخصمه، «جورج لاتيمر»، المدير التنفيذي للمقاطعة.
استنتجت وسائل الإعلام أن الجماعات المؤيدة لإسرائيل فازت، وخسر التقدميون، وأن دعم الحقوق الفلسطينية كان أمرًا خطيرًا فيما يتعلق بالانتخابات.
ومع ذلك، فإن هذا تجاهل أمرًا أعمق. أولاً وقبل كل شيء، يتعلق الأمر بالمبالغ الضخمة من الأموال التي تم إنفاقها، ولماذا وكيف تم استخدامها، وتأثيرها. كان مبلغ الـ 25 مليون دولار الذي أنفقته الجماعات المؤيدة لإسرائيل لهزيمة «بومان» هو الأكثر إنفاقًا على الإطلاق في الانتخابات التمهيدية للكونجرس، وتم استخدامها بشكل أساسي لشن إعلانات سلبية وهجمات البريد المباشرة التي تشوه شخصية «بومان» وتنتقد أسلوبه. ولم تتضمن الإعلانات أي ذكر لإسرائيل تقريبًا.
كان الناخبون يتعرضون كل ليلة لأكثر من ستة إعلانات هجومية، مما خلق انطباعًا عن «بومان» أنه فرد معيب ومرشح غير جدير. قال لي أحد المراقبين: «لو بقيت والدة جمال في المنزل وهي تشاهد هذا الهجوم السلبي، لما صوتت لابنها أيضًا».
هذا هو دور الإعلانات السلبية: الإضرار بالمرشحين المستهدفين، وثني مؤيديهم عن التصويت في يوم الانتخابات. إنه ببساطة شكل مكلف من أشكال قمع الناخبين.
في الواقع، تفوقت «راديكالية» لاتيمر على «راديكالية» بومان، بتعليقاته المشينة ذات الصبغة العنصرية التي كان من الممكن استخدامها ضده. لكن «بومان» لم يكن لديه 25 مليون دولار للتعريف بشخصية «لاتيمر» وتدميرها.
وهكذا ظل انطباعًا عالقًا في الأذهان مفاده أن بومان رجل لا يمكن السيطرة عليه بشكل خطير، وأن منافسه «لاتيمر» هو المرشح المسؤول. ولعبت العنصرية أيضًا دورًا، حيث سعى البعض إلى اختزال السباق في منافسة بين «الشاب الأسود الغاضب والمخيف والرجل الأبيض الأكبر سنًا الهادئ وذي التفكير المدروس». وينبغي أيضًا النظر في سبب جمع الأموال. وتشعر الجماعات المؤيدة لإسرائيل بالخوف، وتخسر النقاش العام حول السياسة، وخاصة بين «الديمقراطيين». ويعارض معظم «الديمقراطيين» بشدة السياسات الإسرائيلية في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة. وتريد الأغلبية وقف إطلاق النار وإنهاء الاستيطان ووقف شحنات الأسلحة الإضافية إلى إسرائيل.
ومن خلال معرفة ذلك، فإن الحملات التي تقوم بها الجماعات المؤيدة لإسرائيل لا تمثل أبدًا استفتاءات على إسرائيل. وبدلاً من ذلك، يركزون على شخصية خصومهم. وعندما يفوزون، فإنهم يزعمون أن ذلك انتصار لإسرائيل ودعم لسياساتها، وهو ما ليس كذلك بكل تأكيد.
هناك عامل آخر في هذه المسابقة تجاهله المعلقون إلى حد كبير، وهو إعادة تقسيم منطقة بومان في العام الماضي (من قِبل لجنة على مستوى الولاية بما في ذلك لاتيمر).
وقد أزالت المنطقة الجديدة المناطق الأكثر ملاءمة بالنسبة لبومان، وتضمنت مناطق جديدة أكثر ملاءمة بالنسبة للاتيمر، مما جعل بومان عرضة للخطر، وأتاح للمجموعات المؤيدة لإسرائيل الفرصة للعب في هذا السباق، وجعل الأمر يبدو وكأنهم فازوا على أساس الجدارة.
تاريخيًا، تلاحق هذه الجماعات المرشحين الضعفاء فقط، وتترك أعضاء الكونجرس الآخرين المؤيدين للفلسطينيين ممن يتمتعون بنفس القوة، ولكنهم أقل عرضة للخطر. وهذا النهج الجبان يمنحهم حقوق التفاخر التي يستخدمونها لتأسيس غطاء لا يُقهر.
وبفحص الجهات المانحة لهم، نجد أنه على الرغم من أنهم مؤيدون لإسرائيل إلى حد كبير، فإن العديد من أكبر المساهمين هم من «الجمهوريين» المليارديرات الذين يحبون التدخل في الانتخابات التمهيدية للحزب «الديمقراطي»، مما يساعد على هزيمة المرشحين التقدميين.
إن «الأموال المظلمة» غير المنظمة التي تلعب دورًا متزايدًا في الانتخابات التمهيدية ينبغي أن تدق ناقوس الخطر (المال المظلم في سياسة الولايات المتحدة يشير إلى الإنفاق السياسي للمنظمات غير الربحية التي لا يُطلب منها الإفصاح عن الجهات المانحة لها). لقد حاولت مرتين وفشلت في إقناع الحزب «الديمقراطي» بحظر صناديق «الأموال المظلمة» هذه، وحذرت من أن جماعات الضغط القوية الأخرى ستستخدم هذا التكتيك في المستقبل.
إذا تُركت الديمقراطية الأميركية، التي شوهتها الأموال الضخمة بالفعل، بلا ضابط أو رابط، فسيغرقها أصحاب المليارات ويدمرونها، وستكون الانتخابات مجرد لعبة للتلاعب بالناخبين. ملاحظة أخيرة للديمقراطيين: بينما هُزم بومان، فإن دعم الحقوق الفلسطينية مستمر في النمو، وكذلك استياء الناخبين الذين فضلوا بومان وغيره من أعضاء الكونجرس المستهدفين.
يحتاج جو بايدن إلى هؤلاء الناخبين للفوز في نوفمبر. وإذا تُرك الحزب دون معالجة، فقد يخسر عددًا كافيًا من قاعدته التي تستاء من فشل مؤسسة الحزب في وقف حرب غزة والدفاع عن الأبطال التقدميين مثل جمال بومان. وفي ضوء ذلك، فإن «فوز مؤيدي إسرائيل» في سباق «بومان» قد يؤثر سلبًا على فرص «الديمقراطيين» في الفوز في نوفمبر.
* رئيس المعهد العربي الأميركي – واشنطن
تعليقات