واشنطن – “اليمني الأميركي”:
لطالما كان متوقعًا أن يُطلق الرئيس ترامب حملة ترحيل جماعي ضد المهاجرين غير الشرعيين.. لكن الزعيم الجمهوري يتجاوز الآن حملته الموعودة عليهم؛ إذ يُوظّف قوانين الهجرة لملاحقة الطلاب الأجانب وحاملي البطاقة الخضراء (الجرين كارد) المشاركين في احتجاجات الحقوق الفلسطينية.
بدأت الحملة بمحمود خليل، طالب الدراسات العليا في جامعة كولومبيا، الذي احتجزته إدارة الهجرة والجمارك الأميركية (ICE) في وقت سابق من مارس/ آذار، في إطار سعي الإدارة لترحيله من البلاد.
لم يُتّهم خليل بارتكاب أيّ جريمة، حتى الحكومة لا تدّعي أنه خالف القانون خلال احتجاجات الجامعة العام الماضي.
بدلًا من ذلك، تستخدم إدارة ترامب قانونًا للهجرة يمنح وزير الخارجية، ماركو روبيو، سلطة واسعة لترحيل غير المواطنين من البلاد إذا اعتبرهم تهديدًا للسياسة الخارجية الأميركية.
ادعت وزارة العدل لاحقًا أن خليل لم يُضمّن تاريخه الوظيفي بالكامل عند تقديم طلبٍ للحصول على البطاقة الخضراء.
سخّر ترامب القضية، ونشر البيت الأبيض منشورًا ساخرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، بعنوان “شالوم، خليل”.
خليل متزوج من مواطنة أميركية (حامل في شهرها الثامن).. أوقفت المحكمة ترحيله، لكنه لا يزال مسجونًا لدى إدارة الهجرة والجمارك.
صرّحت دونا ليبرمان، المديرة التنفيذية لاتحاد الحريات المدنية في نيويورك، في بيان: “إن إجبار محمود خليل، وهو مقيم دائم قانوني لم يُتهم بارتكاب جريمة واحدة، على البقاء رهن الاحتجاز أثناء ولادة طفله الأول أمرٌ غير مقبول”.
“الاحتجاج على الحرب أو انتقاد السياسة الخارجية ليسا غير قانونيين، ولا يُبرران الاحتجاز.. ليس لإدارة ترامب الحق في سجن السيد خليل، فهذا هجوم متطرف وانتقامي ومُستهدف على التعديل الأول للدستور وحقه في الإجراءات القانونية الواجبة”.
اعتداء على حرية التعبير
من الواضح أن فريق ترامب يحاول جعل خليل عبرة للآخرين، مستغلًا قضيته لإنشاء سابقة قانونية وترحيل المزيد من الأشخاص.
في الواقع، لم تكتفِ الإدارة بقضية خليل.. فقد مُنعت، أيضًا، الدكتورة رشا علوي، وهي مواطنة لبنانية وأستاذ مساعد في الطب بجامعة براون، من الدخول ورُحِّلت إلى لبنان في وقت سابق من هذا الشهر، رغم امتلاكها تأشيرة عمل قانونية.
زعمت هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية أن علوي اعترفت لمسؤولي الهجرة بحضورها الجنازة العامة لزعيم حزب الله، حسن نصر الله، في بيروت، وهو ما لا يُعد جريمة قانونية حتى لو كان صحيحًا.
علاوة على ذلك، تسعى إدارة ترامب إلى ترحيل حاملي تأشيرات الطلاب.. حيث اعتقلت هيئة الهجرة والجمارك الأميركية بدر خان سوري، وهو باحث هندي في مرحلة ما بعد الدكتوراه بجامعة جورج تاون، وتسعى جاهدةً لترحيله بسبب دفاعه عن حقوق الفلسطينيين.
وقال عضو الكونغرس الديمقراطي دون باير، في بيان: “للأسف، السيد سوري وعائلته هم آخر ضحايا اعتداء الرئيس ترامب على حرية التعبير”.. لم يبذل ترامب أيّ جهد لإخفاء حقيقة أن اعتقال أكاديميين مثل سوري ومحمود خليل يهدف إلى إحداث تأثير مُخيف وتثبيط حرية التعبير عن الآراء السياسية التي لا يُحبّذها ترامب.
كما تسعى سلطات الهجرة إلى ترحيل شابة كورية جنوبية، تبلغ من العمر 21 عامًا، موجودة في البلاد منذ طفولتها، وتحمل البطاقة الخضراء، وذلك لمشاركتها في احتجاجات حقوق الفلسطينيين في جامعة كولومبيا.
وتُجادل الإدارة علنًا بأن غير المواطنين في هذا البلد، حتى أولئك الموجودين فيه بشكل قانوني، لا يتمتعون إلا بحقوق قانونية محدودة.
وقد صرّح ترامب مرارًا وتكرارًا بأنه سيكون هناك المزيد من الاعتقالات للمهاجرين والطلاب الأجانب في المستقبل.
حظر السفر يلوح في الأفق
دقت جماعات حرية التعبير ناقوس الخطر بشأن استراتيجية ترامب.. فإلى جانب استهداف المدافعين عن حقوق الفلسطينيين في الداخل، يُعتقد على نطاق واسع أن إدارة ترامب تُعِدُّ لفرض حظر سفر على العديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة؛ ولهذا السبب أصدرت العديد من جماعات حقوق الإنسان تحذيراتٍ تُحذّر غير المواطنين، بمن فيهم المقيمين الدائمين، من مغادرة الولايات المتحدة إذا كانت بلادهم الأصلية من البلدان المتوقع استهدافها بالحظر الوشيك.
وأشار مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) إلى أن حاملي البطاقة الخضراء (الجرين كارد) تأثروا بالحظر الأولي خلال فترة ترامب الأولى.
وقال كير في بيان: “على الرغم من أن المقيمين الدائمين الشرعيين يتمتعون بحماية قانونية واسعة النطاق من شأنها أن تحمي حقهم في دخول البلاد والخروج منها، إلا أنّ إدارة ترامب الأولى حاولت حظر المقيمين الدائمين الشرعيين في حظرها الأصلي على المسلمين عام 2017، والذي أوقفته المحاكم”.
وتابع: “من غير الواضح ما إذا كانت الإدارة ستحاول فعل ذلك مرة أخرى”.
كما أصدرت اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز (ADC) تحذيرًا بشأن السفر لعدة دول، بما في ذلك اليمن والعراق وفلسطين وسوريا.
إذا كنت من إحدى هذه الدول ومقيمًا في الولايات المتحدة، سواءً ببطاقة إقامة دائمة قانونية أو تأشيرة سارية، فإن ADC تنصح بشدة بتجنب السفر الدولي.. وفي حال كان السفر الدولي أمرًا لا مفر منه، فاستشر محاميًا متخصصًا في شؤون الهجرة في أقرب وقت ممكن، وفقًا للمجموعة.
تعليقات