عبدالله الصعفاني*
هل من حيلة رجالية أو كيد نسائي تصل به الكتابة الجادة إلى الناس في زمن أجبَر الفيلسوف الكندي “آلان دونو” على إصدار كتاب “نظام التفاهة” الذي انطلق فيه من اعتقاده بأن التفاهة بسطت سلطانها في كل أرجاء العالم.
* ولا أقصد هنا تفاهة مؤسسات العالم من أخمص قدم قطاع بروليتاري عاطل وحتى أذن ترامب فحسب، وإنما تفاصيل مواقفنا الفردية اللامبالية تجاه أمور تتصل بالبلد والناس.. والجميع إخوة بما تحتويه الشرايين وإخوة في الدين والإنسانية.
* تكتب عن فأر دخل بيتك و”حنبت” به بعد وقوعه في المصيدة فيهتم الجميع به.. “لايكات إعجابات، قلوب ملونة، دعم، وضحكات تظهر معها أضراس العقل”..!
وتكتب عن قضايا المفروض أنها الشغل الشاغل لنا من المحيط الهادر إلى الخليج الفاتر فيقلب الغالبية أدبارهم..!
* في الشأن المحلي اليمني.. جرِّب أن تكتب بحرقة عن الكهرباء التي تغيب عن سكان المناطق اليمنية الحارة سيلفت نظرك التجاهل حتى من إعلاميين يكتوون بلهيب نار الصيف ونار الفواتير.
* أُكتب عن هروب كل الأطراف السياسية اليمنية بموارد اليمنيين في السفارات والعمارات وأسواق القات ، متجاهلين بدهية أن تكون الموارد، وواحدية المعاشات والحاجة لوقف الأزمات والحروب، وتحقيق السلام حق أصيل للمواطنين..!
ستتفاجأ حتمًا بما يقترب من صمت القبور إلاّ من حفار يريد بيع قبور عوائل ساكنيها في البلاد، ويرون أنه لا داعي لتفقد القبر وقراءة الفاتحة فوق القبر لأن الفاتحة تصل إلى يثرب.
* وأتساءل هنا مع غيري.. ما الذي يدخل التناولات الجادة المتصلة بالناس والأوطان والأرواح غيابات الجب..؟
ولماذا ليس من سيارة يدلون فيها بدلوهم في بئر المعاناة ثم يقولون.. يا بشرى هذا “كلام”.
* وكثيرة هي الأقلام التي كتبت عن أوجاع الناس، على أمل وصول الشكوى عبر آخرين إلى حكومات متعاقبة بائسة لا تقرأ ولا تحس، ولا تفعل أكثر من تكرار الإيحاء الغبي بأن الحكومة المشلولة مشغولة.
* وكنت في مقال سابق تمنيت لو أن مخترع المصباح توماس أديسون حيًّا يُرزق حتى أقول له اختراعك عار على البشرية ما دام لم يصل إلى الملايين في يمن الساحل والصحراء.. لكن صرخات البوح لم تحقق فرصة الانتشار المناسب، ما يفرض هذه المرة مخاطبة مخترع المكيف الكهربائي “لويس كارير”، وأقول له ردًّا على منشور للزميل مروان الخالد:
أنا زعلان منك يا لويس..!
* كيف تخترع المكيِّف ولا تعمل حسابك بأن المكيفات بما تستهلكه من الطاقة الكهربائية لا تصلح في اليمن إلا للتجار والنهَّابة والأقلية المنحرفة..!
نعم وستين نعم.. أنا زعلان منك.. لأن من يستفيدون من الاختراع في اليمن قليلون، فيما معظم الناس لا يستطيعون تشغيله، إما بسبب انطفاءات الكهرباء أو ارتفاع فاتورة تشغيلها إن توفرت.
* أنا زعلان منك يا مخترع المكيِّف، لأنك وأنت تخترع أخذت بتحذير حكيم أغسطس “آب اللهاب”، وأنه في يوليو تموز يفور الماء داخل الكوز “لكنك لم تنتبه لمجيئ حكومات يمنية متتابعة ستتجاهل أوجاع الناس، وتمثل دور الكوز المركوز.
* لماذا أكتب من جديد حول الكهرباء..؟
ببساطة لأنني عشت الوجع من الكهرباء في زمن افضل نسبيًا من حيث الانطفاء وقدرة المواطنين على تسديد الفواتير.
ثم لأن الحياة مع الصيف في المناطق الحارة لا تطاق..
* ومن يرى في مقالي هذا مبالغة، عليه السفر إلى الحديدة أو عدن أو المكلا، وبقية مناطق الساحل والصحراء، ويسكن في عشة أو خيمة بدون مكيف، وبعدها يسجل لنا انطباعاته من هناك، ولكن بشرط.. على من يزور المناطق الحارة ألّا يعلق سرواله في زجاج السيارة.. عيب.. احترامًا للذوق.. وكون الشارع مليان عوائل..!
* كاتب يمني.
تعليقات