Accessibility links

أوجاع وخواطر أمام حضرة العيد.. وقارعة الطريق..!


إعلان
إعلان

عبدالله الصعفاني*

الكتابة عن العيد في زمن التشظي الجغرافي والنفسي تشبه الكتابة عن الحب والوحدة والثورة وسط مفردات الكيد والأزمات والإفلاس واللصوصية التي تلقي بظلالها الكئيبة على كل شيء.

* نعم.. لقد تكاثرت العناوين اليمنية التي إذا أردت الخوض فيها صار عليك الكتابة بطريقة من يسير في غابة من الشوك.. وهنا تضيق الفكرة والعبارة والمهارة، وتجد نفسك تردد الدعاء الشعبي “يا مخارج الأخجف إذا ودَّف..”.

* شخصيًا.. كلما حاولت اصطياد الفرحة خدشت أفكاري خلطات المأساة والملهاة والأزمات، واحتجت للكثير من العصف الذهني المتلاطم، وأنا وحظك “يا تصيب يا تخيب”.

* في زمن الخيبة، وانحسار أهمية قيم الثورة والوحدة وحتى الحكمة في شعيرة الحج حاولت استمطار نقاط الأمل باستعراض المعاني القديمة للثورات، بمعنى التغيير.. والوحدة بمعني اجتماع العصي المتفرقة تجاه العدو.. والحج بمعنى وحدة المصير.. والعيد بمضامين رائعة الآنسي “اِضحك على الأيام وابرد من الأوهام” ولكن كيف والهاتف في سَحَر أيام العيد سيذكِّرك بأوجاع أبناء المناطق الملتهبة في ساحل وتهامتي الغرب والشرق.

* ستحضر أمامك مهزلة أن تعاني تعز من العطش، فتختزل المسؤولية نفسها ليس في عمل حلٍّ جذريٍّ دائم، وإنما في مهزلة كلام رئيس برلمان يتحدث عن مكرمة وعد بإرسال وايتات ماء دونما التفاتة لسؤال ثم ماذا بعد يا وطن وايتات الماء وبراميل البشر..؟

* المشكلة أنك ستزأر بأسئلتك في الفراغ الأجدب إذا قلت مثلاً: اتفقوا يا جنود إبليس فالوضع الاقتصادي والمعيشي العام للأسرة اليمنية بائس، وتراه في قيمة شرائية لجزء من العملة يذكّرك بورق الحناء وأنت تمد يدك لشراء وجبة تحاول بها مكافأة أسرتك فيصدمك البائع بطلب الآلاف على الطريقة التي جربتها في عدن ذات يومين.

* هناك.. لمست كما سبق وعشت في الحديدة كيف أن الصيف لا يرحم، وكأنه حكومات يمنية متعاقبة، لسان حالها سأموت وتموتون قبل أن يتحقق لأبناء المناطق الحارة حق توفير الماء والكهرباء بصورة مستمرة فيما العدل هو أن لا يدفع المستهلك أكثر من ثمن طباعة الفاتورة وليس أرقامها.. يكفيهم نضال العيش في الجحيم.

* ولا أعرف لماذا أتذكر في هذه اللحظة كيف أن مواطنين يجمعون بين الاضطرار لشراء الوايتات وبين المطالبة بتسديد فواتير باهظة تتجاوز الأرقام الكبيرة إلى الحديث عن وجع تهديد مندوبي مياه بسدِّ الصرف الصحي نفسه، بما في ذلك من تكثيف الشعور بخيبة الأمل.

* ثم ماذا يا بلد “حكمة فيه، إيمان ما فيه” أو كما قال الباكستاني الذي فشل في الاحتفاظ بصندل حنين بعد أدائه الصلاة في جامع..؟

* لا بد ونحن في عيد أن نستدعي ما بقي من القوة المعنوية كأن يقول الواحد منا لنفسه في العيد: أشعر بالضيق، ولكن أشعر أيضًا برحمة الله رغم أنف الزمن القبيح.. ولن تحضر معنويات العيد بدون استحضار ما تيسر من محفوظات الدين والأخلاق والحِكمة، لِنَعيش العيد كما يراه خالق السنين وعلى النحو الآتي…

* سامح الآخر، وقبل ذلك سامح نفسك على التقصير الذاتي أو الموضوعي.. حاول أن تجعل من أمامك كبير القيمة.. ولا تنسَ أن الماضي راح والمستقبل بيد الله الذي يدبر الأمور.. وليس للواحد منا غير اللحظة التي يعيشها بأمل في الله الكريم:

* وللقادرين الميسورين.. اجعلوا العطاء أسلوب حياة.. وللفقير لا تبخل بمشاعرك الإنسانية.. ولا تنسَ أن العيد هو عيد بأصوله المتاحة وليس بسفه الإنفاق.

الأفكار السلبية حاضرة بأنوفها الطويلة نعم.. وهي دائمة الحضور، ولكن لا يجوز أن نمنحها صكوك الحضور الذي يجثم على الصدر، ويصادر حقنا في استلهام المعنى الحقيقي للعيد.

* ولكل فرد.. مش وقت يا أخي عيد.. عِشْ مع الآخرين.. أكرم الآخر ولو بصدقة الكلمة الطيبة، حتى لو لم يستحق، فالأجر محفوظ بكرم الله.. ولم نصل بعد إلى اليوم الذي سيرفع فيه كل شخص شعار نفسي نفسي.

* وإلى الذين انشغلوا بالحج ومناسكه بما في ذلك من المليارات.. الحج فرصة للزعامات والقواعد لإثبات أن في الحج فرصة للعودة.. ومراعاة أولويات الدين والعقيدة، وإظهار وحدة المسلمين، ليس وحدة ارتداء نفس ثوب الإحرام فحسب وإنما في كل أمور الحياة.

وفي مناسبة الحج وعيده فرصة للتخفيف من ذنوب لا تخفى على علاّم الغيوب.

* كل عام والعيد موعدنا مع الفرح، والبهجة.. وراحة البال.

كل عام وأنتم بخير.

* كاتب يمني.

   
 
إعلان

تعليقات