Accessibility links

قصة إدمان وتعافي «ربيع درويش».. ومبادرات المكافحة


إعلان

هاجر “ربيع درويش”، وهو في السادسة من عمره، مع عائلته من لبنان إلى شرق “ديربورن”.. التحق ربيع بمدرسة “لوري” الابتدائية، ومن ثمّ ثانوية “فوردسن”.. كان أصغر إخوته السبعة، ويعيش حياته العادية كأيّ شاب عربي أميركي في “ديربورن”، حتى دخل في “الدائرة الخطأ” – حد تعبيره.. الزميل عادل معزب حاور ربيع درويش، الذي يُدير مركز “هايب” الرياضي في مدينة “وينوست لاند”، وهو – الآن – إنسان يعيش بصحة جيدة بعد أن تعافى من الإدمان.

ديربورن – «اليمني الأميركي»:

بداية الإدمان

يقول ربيع لـ”اليمني الأميركي”: إن “البداية مع المخدرات كانت عن طريق أصدقائي، وكان عمري (14) سنة، كنت حينها أشاهد زملائي يتعاطون المخدرات خلف المدرسة وخلف محطات البترول.. بعدها أصبحت مُدمنًا على المخدرات والكحول بعد سيطرة الأصدقاء على قراراتي”.

كان ضغط أصدقاء ربيع عليه سببًا رئيسًا في جره للمخدرات، حيث “كانوا يقولون لي إذا لم تتعاطَ، فلا تكن معنا”، ومنذئذ صار ربيع مُدمنًا على أنواع من المخدرات، وبخاصة خلال دراسته في الثانوية.

عندما كان عمره (19) سنة، تعرض للإصابة خلال لعب كرة السلة، والتي كانت لعبته المفضلة، لكنه خلال العلاج أدمن العقاقير التي تستلزم وصفة طبية مثل: «فيكودين، سوبوكسون، زاناكس”، وغيرها.

مشكلة أكبر 

تطور الإدمان لدى ربيع وأصبح أسوأ.. يقول: “لم تكن عائلتي تفهم لماذا كنت أتصرف بهذه الطريقة.. دفعني الإدمان لأن أسرق المال من أهلي وأصدقائي، وخسرت كثيرًا من الناس نتيجة لسلوكي الناتج عن الإدمان.. لم أذهب إلى السجن أبدًا، حتى بلغت الثلاثين، وحينها وصلت إلى حالة يُرثى لها، حيث لم أعد مهتمًا حتى بأساسيات الحياة، كالمواعيد، ودفع الفواتير”.

ويسرد ربيع حادثة وقعت له في إحدى الليالي، حيث كان قد تناول جرعة زائدة مع أحد أصدقائه…”، كانت هناك مباراة في كرة القدم يوم الأحد، وأخذت جرعتين عن طريق الخطأ”.. يذكر أنه انهار أمام منزله بعد تناول العديد من الأقراص، فاتصل جيرانه بسيارة الإسعاف، وتم نقله هو وصديقه إلى المستشفى.

بداية المعركة

وصل ربيع إلى (القاع)، حيث أنه في ليلة واحدة بعد مغادرة المستشفى، رأى جميع السجائر في سريره، بينما أمه المسنّة تبكي بحرقة على حالته في حافة الغرفة.. وهو في وهلة، كان يفكر في الانتحار والإقلاع عن الإدمان في نفس الوقت؛ فقرر ساعتها دخول برنامج إعادة التأهيل للمرة الثالثة والعشرين.

“الناس الذين عرفوا أنني كنت مدمنًا، كانوا يقولون شيئًا غير مسؤول كـ (كن رجلًا وتماسك)، أو (حب نفسك)” – يقول ربيع.

أكمل ربيع جلسة أسبوعين في “إعادة التأهيل”، ثم خرج إلى منزل من ثلاثة أرباع، وهو وحدة سكنية انتقالية توفر مستوى أدنى من الإشراف للأشخاص الذين يتعافون.

يتذكر يومه الأول في أحد هذه المنازل، “حيث تعطل التيار الكهربائي، وكانت درجة الحرارة حوالى (95)، وكان هناك قمل في السرير”.. يضيف: “كان المشهد مخيفًا جدًّا، ولكنني كنت أعرف في تلك الدقيقة أن الله لديه شيء ما لي، وأنا أريد أن أعيش حياة كريمة”..

الخروج للعمل

في سبتمبر من العام 2016، شاهد ربيع إعلانًا في الصحيفة للعمل في مركز “هايب” الرياضي.. التقى علي السيد، رئيس المركز، وخشي أن يتم رفضه؛ لأنه مُدمن يتعافى، ولكن تفاجأ عندما قال له علي السيد: “سأمنحك فرصة”..

يقول: “بدأت في التنظيف، وأنا، الآن، مدير المركز.. أقوم بالتدريب المهني للأشخاص الذين يعانون من الإدمان، والتوحد.. مهمتي هي خدمة الناس، الآن لديّ بعض الأشخاص الذين أعمل معهم كي يتعافوا أيضًا، ودائمًا أحاول أن أقول لهم: إن الإدمان ليس عيبًا أو وصمة عار، ولكن الأهم ألا يخجل أحدهم من طلب المساعدة”..

مكة المكرمة 

ربيع يقول: إن الأهالي يمرون بأوقات عصيبة عندما يكون لديهم طفل مدمن، “يكونون في حالة هيسترية وغير سعيدة للغاية بالنسبة لهم.. وأحيانًا ما يعود الابن أو الابنة إلى البيت، وللأسف يعود للإدمان”..

عند سؤال ربيع عن الدور الذي يلعبه الجانب الديني والروحي في عملية التعافي.. أوضح: عليك أن تجد الإيمان، لا يهم بـمن تؤمن به.. طالما أنك تؤمن بوجود قوة أعلى.. ويتابع: “لسوء الحظ، إن علماء (الدين) يفتقرون إلى فهم الإدمان ومشاكله”..

ويشير ربيع لرحلته إلى مكة لأداء فريضة الحج في العام 2017: “لقد أعطاني الله القوة، وعندما ذهبتُ للحج، وبسبب الصراعات التي مررت بها في حياتي، والإجهاد الذي كنت أعاني منه، أحسست هنالك برونق الحياة.. سألت الله عندما رأيت الكعبة – لأول مرة – أن يعينني في مساعدة الناس.. كنت أسأل الله أن يتوب عليّ، وكان شعورًا لا يُصدّق.. في هذه الرحلة، تم استبدال معظم الخوف لديّ بالإيمان، وعرفت في تلك اللحظة الغاية من الحياة”..

محارب ضد المخدرات

أصبح ربيع جزءًا نشطًا من تحالف (SAFE)، وهو مشروع لـ “مركز هايب الرياضي”، تم تصميمه لمحاربة الإدمان في المجتمع مع تثقيف الناس عن وصمة العار المرتبطة بالإدمان..

وبرئاسة حسن عبدالله، تأسس (SAFE) على ثلاثة جوانب: “التعليم، والدعوة، والخدمات”.. يدرك حسن أن هناك منطق (العيب) في الثقافة العربية المرتبط بتعاطي المخدرات من خلال مَنح الناس حرية التحدث عندما يحتاجون المساعدة.

أبرمت (SAFE) شراكة مع مدارس ومؤسسات المجتمع المحلي في “ديربورن”؛ للقيام ببرنامج إرشاد الطلاب لنشر الوعي حول مخاطر المخدرات.. يقول حسن عبدالله: “بدأ فريق (SAFE) برنامج الوقاية من المخدرات، والتدريب على المهارات الحيوية في منطقة “ديربورن” – في غضون (3) أيام، وقد غطّى المدربون (36) فصلًا – (جميع الصفوف في الصفوف (3- 8) في إعدادية يونس)”.

“هدفنا هو تغطية كل فصل دراسي من الصف الثالث إلى الثامن على الأقل مرتين قبل نهاية العام الدراسي.. سنبدأ في مدرسة “ستاوت وودورث” المتوسطة بعد منتصف فصل الشتاء.. انخرط الأطفال والموظفون، متحمسون للتعلّم، والجيّد في الأمر أنه من خلال البرنامج يتم تمكينهم من المعرفة لاتخاذ قرارات إيجابية نحو حياة أفضل.. حتى أن بعض مرشدينا درسوا اللغة العربية لاستيعاب الطلاب غير الناطقين باللغة الإنكليزية.. نلتزم بإعطاء الأطفال في مجتمعنا كل المواد لأنْ يكونوا ممانعين للمخدرات وغيرها من الآفات، ليكونوا رواد المستقبل” – يضيف حسن.

مبادرات 

هناك، الآن، العديد من المبادرات في المجتمع العربي الأميركي لمكافحة الإدمان.. تقوم منظمة واحدة، على وجه الخصوص، منظمة “الحياة” للإغاثة والتنمية، بتمكين تحالف مجتمعي خالٍ من المخدرات (DFC) من الأفراد والمنظمات الملتزمين بالعمل معًا؛ للحد من مشكلة تعاطي المخدرات وأثرها السلبي.. برئاسة الدكتور عبدالوهاب علاونة، حدد البرنامج مشكلتين رئيستين في الإدمان: (الشيشة والماريجوانا).. وعقد (علاونة) اجتماعات خاصة مع أكثر من (30) شابًّا وشابة في ربيع 2016، ويقول: إن النتائج كانت مخيفة.. موضحًا أن “ (2) من أصل (26)، الذين شملهم الاستطلاع، يعتقدون أن (الشيشة) آمنة للتدخين، (22) أفادوا أن والديهم سمحوا لهم بتدخين (الشيشة)، ولكن ليس السجائر، وذكر جميع المشاركين: أنه من السهل الحصول على (الشيشة) في المنزل، والأصدقاء.. فيما ذكر (11) مشاركًا أن استخدام (الماريجوانا) آمن، ولا تترتب عليه أية عواقب سلبية على الصحة”..

يقول الدكتور علاونة: “هنا – أيضًا – تحالف للأهالي ضد (الماريجوانا) بالتعاون مع النهج الذكي للماريجوانا (SAM).. “يقع مقر سام في ولاية فرجينيا، وهي أكبر منظمة في العالم تُركز على معارضة تقنين (الماريجوانا).. والشريك الآخر هو منظمة Productive and Healthy Michigan ، والتي بدورها تقود بجهود رامية – أيضًا – لمعارضة تقنين المخدر في ولاية ميشيغان”.

جهود

وتعمل منظمة “الحياة” للإغاثة والتنمية بالتعاون الوثيق مع المركز الإسلامي في “ديترويت” على إطلاق الندوات والتعليم للآباء لمكافحة تعاطي المخدرات والمواد “الأفيونية”..

وسيستضيف المركز الإسلامي الأميركي، بالشراكة مع( SAFE)، ومركز (آكسس) منتدى مفتوحًا لمدة نصف يوم، السبت 17 مارس.

كما تقوم الجمعية الإسلامية الأميركية بدمج برنامج الحياة في برمجة خدمات المسجد.. يقول الدكتور مهدي علي، رئيس الجمعية الإسلامية: إن تثقيف الأهالي أمر مهم للغاية، ومن الضروري جلب الخبراء لشرح الطرق لمساعدة الوالدين على إدراك مشكلة المخدرات.

أول خطوة

ولا ينسى ربيع، أن يوجّه نصيحة للأشخاص الذين هم مدمنون، قائلاً: “كن صريحًا مع نفسك، هذه أول خطوة، كن رحيمًا مع نفسك – أيضًا؛ حتى تتعافى، يجب عليك تحمّل الصعوبات في طريق التعافي.. ثقف نفسك، واطلب المساعد؛ فـأنت لستَ وحدك، ولدينا العديد من الأشخاص الذين يهتمون في هذا الجانب”..

   
 
إعلان

تعليقات