عبدالله الصعفاني*
جميعنا بشكل أو آخر في موقع المساهمين أو المتفرجين على أشكال العنف اللفظي الذي يهدم النسيج الأخوي والاجتماعي لليمن عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
* ما يؤسف له أن نجد لدى كبار القوم في جميع الأطراف السياسية من يغذي هذا العنف الكلامي تحت مبرر القول المشوَّه “ذَلَّ من لا سفيه له..!”
والمؤسف أن العالم الرقمي الافتراضي يشجع هذه الوقاحة بمثابرة النمل وأنوف الفئران.
* ولا يخفى على متابع حجم الانحطاط الأخلاقي وصور الاستفزاز التي تسيئ إلى الأعراض، وتشوِّه السمعة، وتؤذي القلوب والأرواح، وتتلف الأعصاب من حسابات حقيقية وحسابات مزيفة، تسرف في ممارسة العنف اللفظي، وتترك في النفوس أحقادًا لا يعلم إلا الله حجم ما تتركه من الأثر السلبي على المجتمع في كل الأمور..!
* نازف هو جرح اعتقاد بعض اليمنيين بأن الواحد منهم يعيش وحده، وبأن ليس لانتمائه إلى أهله وناسه وبلده حقوق عليه. وأبسط هذه الحقوق ألّا يكون الفرد أحد أدوات التناحر السياسي الذي يورث الأحقاد المجتمعية، ويؤسس لِما لا تحمد عواقبه.
* المدهش أن الفضاء الرقمي في حالة انسجام وتناغم، وتخادم لافت مع المؤذين، ومحترفي الكذب، والباحثين عن المكاسب الشخصية على حساب أعراض الناس ودمائهم وأعصابهم.
* وهنا لن أكون إنشائيًا وأقول: الوطن يناديكم بعد أن عبثنا بهذا الوصف حتى فقد معناه، وإنما مجتمعكم المنكوب بكم يناديكم، ويدعوكم إلى إدراك خطورة ما تصنعونه، وضرورة الفهم بأن أخذ الحق بالعصبوية الجهوية لا يولِّد إلا المزيد من العصبيات.
* العصبية تجاه حزب، أو جماعة، أو منطقة، أو مذهب، هي لعبة خطرة في فضاء، الجميع فيه مفتوح على الجميع، متجاهلين أن قضية اليمن المنكوب بنخبه التي تتصدر المشهد ليست فضاء إلكترونيًا للشطط وتبادل الإساءات، وأن لغة الضمير والعقل تنهى عن المثابرة في صناعة المزيد من صور التوتر والعداوات والتحريض، وصب الزيت على نيران الصخب وتبادل الشتائم.
* دائمًا كان هناك خلافات، ولكن لم يحدث وأن وصل الصراع إلى ما نعيشه اليوم من قسوة واستهزاء وسخرية وتشويه للعرض والسمعة، خارج أبجديات الدين والوطن من خلال تغذية النزعات العدوانية الشخصية والمناطقية والمذهبية، وكلها تضرب قيم الوحدة الوطنية والتقارب الأخوي والإنساني في مقتل.
* ومن الأسئلة المعلقة على الأبواب الموصدة.. متى ندرك أن التناحر الفردي أو الجهوي السياسي لا ينتج شيئًا مفيدًا، وأن الرد على الآخر يكون بالإنجاز، وأن الحوار أو حتى الحرب هي تلك التي تنتج الحوا، وتفضي إلى السلام، وهو ما لا يتحقق بحشو الأدمغة بكراهية الآخر..!
* وقبل أن يقول جاهل بالأزمات ومخاطرها وسنينها، وما هو الحل، أسارع للقول: هناك مخارج لكل قضية تبدأ بالاعتراف بأن اليمن يتسع للجميع، وخيراته تكفي الكل.. فقط احتكموا إلى الضمير الوطني العام، وفعِّلوا الإرادة السياسية التي تجمع ولا تفرق، تبني ولا تهدم بتشجيع مظاهر الشطط الإعلامي.. لأن البلدان لا تعيد بناء ما تدمر منها بالسير نحو المزيد من الهدم.. وما أسهل الهدم، وما أصعب البناء في مواسم إسقاط الأخلاق، ومصادرة مفردات الأخوة والرحمة وعدم اتقاء الله في عباده.
* ذباب إلكتروني متنمر، وفرقاء متعصبين، طامعين، وباحثين عن الشهرة من أردأ الأبواب والحلبات.
* رجاء وغاية الرجاء.. فكِّروا، واتجهوا إلى حوار يُخرج اليمن الذي كان سعيدًا إلى طريق.
* احتكموا إلى ضمير وطني عام.. فعِّلوا إرادة نافذة للحل.. اصطفوا مع المفروض ضد المرفوض.. وتذكروا أنكم لا تعيشون وحدكم.. ولا تنسوا تصور عواقب التمادي في الفرجة على أشكال الاستهتار بالنفس والمال والولد والعرض، وبأن الله حرم الظلم على نفسه وجعله محرَّمًا بين عباده.
* ويا من لا يزال بأيديهم بقايا أو حتى شظايا ضابط أو رابط قانوني أو أخلاقي.. اعملوا شيئا للحد من التنمر الفضائي الإلكتروني.. لأن ما هو افتراضي من العداوات، إنما يُغذّي النزعات الفاسدة ويتحول معه الافتراضي إلى واقع مزرٍ لم يعد الشعب اليمني قادرًا على تحمله.
* احترموا مفردات الدين والوطن والأخلاق والمسؤولية في ضبط النفس.. ولا تنسوا التفاعل مع حسرة المرحوم الدكتور عبدالعزيز المقالح وهو يقول لليمنيين، قبل أن يموت:
“ما ليس مقبولًا ولا معقولا..
أن يصبح اليمن الحبيب طلولا..
أن يشتوي بالنار من أبنائه..
ويناله منهم أذًا وذبولا..”
ودائمًا.. الَّلهم احفظ اليمن.
* كاتب يمني


تعليقات