ديربورن – “اليمني الأميركي”:
“لستُ طارئة على التحقق كامرأة، ففي صنعاء كان لي مشروعي وأغلقته، وبدأتُ مجددًا في ديربورن بتجربة ومشروع جديد، فكانت حكاية جديدة وحياة مختلفة”، تتحدث نسيم شايف عن حكايتها ابتداءً من تحدي الحرب في الوطن، وانتهاء بتحقيق الاستقرار والنجاح في المهجر.
افتتحت نسيم، مؤخرًا، في ديربورن، مشروعها الخاص، ودشنت شركتها في تعليم الخياطة وتمكين النساء، بعد عامين ونصف منذ وصولها للولايات المتحدة، بعد رحلة شاقة، أعقبتها رحلة أخرى عقب وصولها إلى مدينة مختلفة، حيث اجترحت بداية جديدة، وبالفعل كانت جديرة بها؛ لأنها تحققت فيها.
لم يسبق لنسيم شايف، وهي أم لثلاثة أطفال، التفكير بالهجرة إلى الولايات المتحدة خلال حياتها في اليمن، لكنها في يوم ربيعي بصنعاء، قرأتُ خبرًا عن مسابقة الهجرة للولايات المتحدة (اليانصيب): “فقلت لماذا لا أشارك كتجربة، وبالفعل شاركتُ لأول مرة، وتفاجأت أن اسمي كان ضمن الفائزين” تقول نسيم لصحيفة (اليمني الأميركي).
لم تكن رحلتها إلى الولايات المتحدة مفروشة بالحرير، فقد واجهتها متاعب ومعوقات جمة، بدءًا من الأسرة والنظرة التقليدية، لكنها تجاوزتها بدعم والدها وانحيازه لها، ومرورًا بسرقة حقيبة الجوازات والوثائق في عدن، قبل أن يعيدها إليها أحدهم، ومرورًا بجيبوتي، حيث مكثت هناك فترة طويلة مع زوجها وأطفالها، في حياة مكلفة ومتعبة، حتى تمت الموافقة على سفرها هي وأطفالها، وإرجاع زوجها.
أكملت رحلتها دون تردد، ووصلت إلى الولايات المتحدة برفقة أطفالها، ولم يكن بحوزتها، حينها، أكثر من ألفي دولار، لكنها كانت قد قررت التأسيس لحياة جديدة.

ولاية ميشيغان
اختارت ولاية ميشيغان بناءً على نصيحة إحدى صديقاتها؛ كونها ولاية يتوفر فيها يمنيون وعرب سيخففون عنها وطأة مشكلة اللغة، وفي هذه الولاية اتجهت صوب مدينة ديربورن.
تقول: “لم اختر مدينة ديربورن، بل اختارها الله لي.. فبعدما وصلت واستقررتُ في حي دكس، وفيه وجدت مجتمعًا متعاونًا، وبيئة مشجعة، ومدينة مليئة بالفرص والتشجيع للمشاريع”.
“في ديربورن لا يشعر المهاجر الجديد أنه غريب، فالكل يتعاون معه.. هنا العيش آمن والسكن مريح، والعرب في كل مكان”.
في حي دكس استأجرتْ منزلًا لها وأطفالها، وكانت قيمة الإيجار مرتفعة بالنسبة لها، لكنها عملت في الخياطة المنزلية، وكانت تستطيع من خلالها توفير ما يسد احتياجات عائلتها الضرورية.
حكاية مختلفة
بدأت نسيم في ديربورن كتابة حكاية مختلفة من النجاح لأمٍّ يمنية لم تنكسر.
تقول: “استطعتُ لاحقًا الحصول على دعم إحدى المنظمات، التي تكفلت بإيجار ثلاثة أشهر، وخلال تلك الفترة استطعتُ الحصول على منزل من منازل الحكومة المخصصة للنساء اللواتي يُعِلْن أطفالهن”.
بدعم من العم عبدالجليل، بدأت تتجاوز عملها من المنزل إلى تعليم الخياطة للنساء في دورات تدريبية.. وبالفعل استطاعت الاستمرار في تعليم الخياطة في عدة دورات، وخلال تنظيم معرض لأزياء المشاركات في هذه الدورات، والذي حضره عمدة المدينة، عبدالله حمود، أبدى الأخير إعجابه بالتجربة، وأعلن دعمها بـ50 ألف دولار.
صنعاء.. البداية
حكاية نسيم مفعمة بكثير من التحدي والإصرار، وبالموازاة كثير من الطموح والإيمان بالذات، الذي دفع نسيم لتحقيق ذاتها، وهو تحقق لم يبدأ في ديربورن، بل كان قد بدأ في صنعاء، من خلال تجربتها في تعليم خياطة الأزياء، لتواصل مشوارها من خلال مشاريع كان آخرها فوزها بمنحة كتبت، من خلالها، فصلًا من فصول نجاحها، لكنها اضطرت لإغلاق مشروعها في صنعاء، بعد فوزها في اليانصيب الأميركي.
تقول: “لم أفكر بالتراجع عن السفر؛ لأن الولايات المتحدة حلم كل الناس، وفيها سيحقق أبنائي طموحاتهم”.
تأسيس شركة
عقب تنظيم الدورات التدريبية، عملت نسيم على تأسيس شركة خاصة بها؛ ليكون لها بصمة في المجتمع.
تقول: “أطمح أن أسجل حضورًا إيجابيًا في المجتمع العربي هنا؛ لأن الإنسان هو مجرد إضافة مؤثرة في سياقه الحياتي والمجتمعي”.
سمّت شركتها “خيّط حياتك”، وبدأت من الصفر، مشيدة بتعاون مدينة ديربورن ومجتمعها وحكومتها، وبخاصة عمدة المدينة، لكنها أثنت كثيرًا على العم عبدالجليل، الذي أخذ بيدها من خلال المركز الثقافي الأميركي اليمني.
عن أحلامها تقول: “أحلامي أن أكون مصممة أزياء، وأحقق حضورًا فاعلًا، كما أطمح أن يكون لي عدة شركات يتحقق من خلالها كياني الخاص في التدريب، وتعليم الخياطة، وتمكين النساء في هذا المجال”.
لم تؤكد تجربة المهاجرة اليمنيّة نسيم شائف قدرة المرأة على تحدي ظروف الحرب في وطنها، بل أيضًا قدرتها على تحدي نفسها وتحقيق ذاتها من خلال الهجرة، وكتابة سيرة جديدة لنجاح جديد في بلد جديد.
بعد عامين ونصف من الإقامة في ديربورن.. تقول نسيم: “أنتظر استلام الجنسية، ومن ثم سأعمل على الترتيب لاستدعاء زوجي، حيث تكتمل أسرتي مجددًا هنا”.
دعم المدينة
بينما أفاد محمد رزق، مدير البرامج في قسم التنمية الاقتصادية والمسؤول عن المنطقة التجارية في دكس – فيرنور بمدينة ديربورن، قائلاً: “إن الاحتفال بافتتاح “خيّط حياتك” دليلٌ على تكاتف الحكومة والمجتمع.. كما يعكس هذا الإنجاز الرائع التزام فريق التنمية الاقتصادية في مدينة ديربورن، بقيادة رئيس البلدية عبدالله حمود، وشراكتنا القوية مع مجلس أعمال المرأة العربية الأميركية.. ونعمل جنبًا إلى جنب لتمكين رائدات الأعمال ودفع عجلة النمو الاقتصادي والمجتمعي على حد سواء”.
وأضاف: “عمل فريق التنمية الاقتصادية، بما في ذلك مديرة النشاط الاقتصادي لورا سانشيز، ومديرة تطوير القوى العاملة دي جاناي دوغلاس، ووكيل الأعمال التجارية سعيد العوضي، بلا كلل لتوجيه نسيم طوال العملية بأكملها.. بدأ هذا الدعم بعرض أزياء لها في المركز الثقافي اليمني الأميركي، حيث وجهنا رئيس البلدية حمود لاستكشاف كل السبل الممكنة لدعمها.. واستمر ذلك من خلال المساعدة في تأمين منحة قدرها 50 ألف دولار أميركي، وتوج بالافتتاح الكبير لمركزها التدريبي التقليدي، “خيّط حياتك”، وكجزء من منحة Dearborn WORKS، سيوفر البرنامج تعليمًا للخياطة وتدريبًا مجانيًا لنحو 50 امرأة”.


تعليقات