Accessibility links

إعلان
إعلان

 

ديربورن – “اليمني الأميركي“:
مقتل جورج الأسود تحت رُكبة شرطي أبيض في مدينة مينيابوليس أدّى إلى مسيرات ومظاهرات ترفضُ العنصرية، وتدعو لوضع حلولٍ لها.. وكان من نتائج المظاهرات والمسيرات تحطيم ونزْع التمثال التذكاري لكلّ شخصية لها مواقف مؤيدة للعنصرية، ومِن هؤلاء عمدة ديربورن السابق أورفيل هوبارد، والذي اختفى تمثاله البرونزي من أرض المتحف التاريخي.
المحرِّر في القسم الإنكليزي للصحيفة، الزميل براين ستون، تتبّع القصة في تقرير حاول الإجابة عن السؤال: ما وراء اختفاء التمثال؟
يقول رئيس لجنة ديربورن التاريخية جون استانتون: أتساءل ما الأشياء التي تُقرر إدارة المدينة أنها لا تملكها أبدًا؛ انطلاقًا من اعتبار أنّ التمثال التذكاري، آنف الذكر، هو مِن ممتلكات المدينة، ومقدّم كهديّة من أسرة هوبارد.
قال استانتون ذلك بعد فترة وجيزة من اختفاء التمثال البرونزي لعمدة ديربورن السابق هوبارد من أرض المتحف التاريخي.
وحسب استانتون، فإنّ المدينة كانت تحتفظُ لفترة طويلة بامتلاك التمثال، بل وأرسلت في العام 2017 ملخّصًا قانونيًا إلى اللجنة التاريخية تشرحُ فيه الطرق العديدة التي يمكنهم من خلالها الدفاع عن مطالبهم بالمِلكية.
ناهيك عن حديث استانتون، تتحدّث اللجنة عن وثائق رسمية ومذكرة انضمام تُظهرُ أنّ المِلكية قد تم نقلها بشكلٍ قانوني من إدارة الأشغال العامة إلى اللجنة التاريخية في المتحف، وأنّ المدينة لم تكن لتقوم بذلك لو أنهم كانوا يعتقدون بأنّ عائلة (هوبارد) كانت تمتلكُ التمثال “طوال الوقت”.
ولكن مع تصاعد الاحتجاجات إثْر مقتل جورج فلويد، وارتفاع صوت شعار “حياة السود مهمة” في ديربورن، وازدياد الدعوات لإزالة التمثال، قررت المدينة، التي تمتلك المتحف التاريخي، أنها ببساطة لم تمتلك هذا التمثال أبدًا، ولا تتحمل مسؤوليتها وتبعات امتلاكها.
اختفاء التمثال
ليست هذه هي المرة الأولى التي تُثير فيها اللجنة التاريخية جدلاً مع إدارة المدينة.. عندما كتبت مقالة في النشرة الإخبارية للمتحف، في يناير 2019، تتحدث عن معاداة السامية لهنري فورد، حينها اشترى العمدة جون ب. “جاك” أو ريلي جميع نسخ النشرة الإخبارية الورقية، واستغنى عن المحرر، وألغى القصة.
جوار القبر
وقالت سوزان هوبارد، المتحدثة باسم عائلة هوبارد، وقاضية محكمة الدائرة الثالثة في مقاطعة واين كاونتي، إنّ التمثال سيكون قريبًا، بجوار قبر أورفيل هوبارد بمدينة (يونيون سيتي) – ولاية ميشيغن، حيث يمكن أنْ “يستريح بسلامٍ هناك”.
وذكرت حفيدة هوبارد – القاضية أنّ العديد من الأشخاص الذين يهاجمون إرث جدها اليوم لا يشيرون إلى تغيير آرائه بمرور الوقت.
وتتحدث هوبارد، كفتاة صغيرة عن ذكريات جميلة تبدأ في سنّ السابعة، حيث جلست مع جدها في اجتماعات مع كولمان يونغ، أول عمدة أسود في ديترويت، وأنها وجدّها كانت تربطهما صداقة حقيقية.
كما تتذكر حفيدة هوبارد، أيضًا، كيف أيّد جدّها، في بعض الأحيان، السياسيين السود على البيض في تولّي المكاتب على مستوى الولاية، وأنه حضر وتحدّث في الحقوق المدنية في تجمّع مناهض لحرب فيتنام بجامعة واين ستيت في السبعينيات.
وقالت حفيدة هوبارد لصحيفة (اليمني الأميركي) إنها تعتقدُ أنّ وجهات نظر جدّها العنصرية تغيّرت بمرور الوقت، وتساءلت عن سبب عدم إجراء مناقشة مماثلة حول هنري فورد وموقفه من الأفريقيين الأميركيين.
اشترت شركة فورد منازل مُلّاك الأراضي للأبيض والأسود في ديربورن، التي كانت في السابق مجتمعًا زراعيًّا مُدمجًا عنصريًّا، ونقلت السود إلى أحياء منفصلة أقلّ مستوى في مدينة (إنكستر الحديثة)، أوائل القرن العشرين، وفي المقابل، وأثناء بناء سكن أفضل في محيطٍ أبيض بمدينة ديربورن، والذي خلق مجتمعات منعزلة بحكم الواقع نعرفها اليوم.

ووفقًا لسجلات التعداد السكاني الأميركي، كان هناك عدد أكبر من مُلاك الأراضي السود، والمقيمين في ديربورن عام 1860 عما كان عليه عام 1960، وتقول حفيدة هوبارد إنّ جدها لم يكن السبب الوحيد في ذلك.
وأشارت حفيدة هوبارد إلى أنّ قضية الفصل العنصري في ديربورن أعمق من شخصية تاريخية واحدة، “من غير المقبول إلقاء اللوم عليه اليوم، بعد ما يقرب من 50 عامًا على رحيله، بسبب نقص [ديربورن] الحالي في عدد المقيمين الأميركيين من أصلٍ أفريقي، وهم أقلّ من 4٪، ولا يُمكن إلقاء اللوم عليه في الوضع الحالي عن جنوب شرق ميشيغن كواحدة من أكثر المناطق عزلًا بين البيض والسود في الولايات المتحدة”.
مشاعر مختلطة
ديفيد ل. جود، الرجل الذي ألّف كتابًا عن ديكتاتورية هاربورد، قال إنه يعاني من استجابة المدينة للتصرف بتمثال العمدة هاربورد، ودائمًا يتمنون كما لو أنّ بإمكانهم تجنُّب مناقشة الموضوع تمامًا.
وأضاف جود: “لديّ مشاعر مختلطة”، “أعتقدُ أنّ (أورفيل هوبارد) – العمدة السابق لمدينة ديربورن – جزءٌ من تاريخ ديربورن، ولا يجبُ نسيانه.. يحتاجُ الناس إلى تذكيرٍ بأنه كانَ جزءًا من التاريخ، ولا يزالون يتصالحون مع ذلك… أعتقدُ أنه كان في المكان المناسب في المتحف التاريخي، كما أعتقدُ أنه تم وضعه في السياق المناسب؛ لأننا طرحنا ونصَبنا علامة حددت (هوبارد) على أنه مثّل فصلًا من فصول العنصرية، بالإضافة إلى الأشياء الإيجابية الأخرى التي قام بها”.
كثيرًا ما اقتُبس عن عمدة أورفيل هوبارد تصريحات عنصرية للصحافة، وشعار المدينة القديم: “حافظوا على نظافة المدينة”، ويقصد به من السود، وجعلها للسكان البيض فقط، وكان معروف عنه عبر مترو ديترويت باعتباره صافرة كلب العنصرية خلال عصر الفصل الذي كان يعني في الواقع: “حافظوا على ديربورن أنْ تكون فقط للعنصر الأبيض”.
حان وقت الحساب
تحرّكت المدينة بسرعة لإزالة التمثال بعد رؤية ومشاهدة المظاهرات، ورفع شعار “حياة السود مهمة للعيش والحياة”.
قالت إيرين بيرنز، عضو مجلس محلي مدينة ديربورن، “عندما أنظرُ إلى تاريخ ديربورن، فإنّ العنصرية – للأسف – هي خيط مشترك يمرّ عبر تاريخنا، ولا يوجد إنكار لذلك.. العمدة هوبارد هو مثال بارز لتلك الآراء العنصرية، تلك الآراء حول الفصل التي كانت جزءًا من كيفية عيش الناس في المدينة، وكان من العار أنْ يستمر ذلك لفترة طويلة”.
لم تخلط بيرنز بكلمات حول ما تشعر به حيال اللحظة، “أعتقدُ أننا في مرحلة حيث نحن كبلد ومدينة في مرحلة الحساب، حان الوقت”.
منذ ذلك الحين، طالبت عضو مجلس محلي البلدية (بيرنز) بإزالة اسم هوبارد من شارع هوبارد درايف الذي يحمل اسمه، بالإضافة إلى الأماكن والقاعات الحكومية الأخرى في المدينة مثل قاعة هوبارد.
وقالت بيرنز، في حديثٍ لصحيفة (اليمني الأميركي)، التي تمت قبل دعوتها لإزالة الأيقونات الأخرى ذات الصلة بهوبارد، “إنّ عمل الاندماج، ومكافحة العنصرية، وعمل العدالة الاجتماعية، هو عمل لا يُمكِن أنْ يتوقف أبدًا.. علينا أنْ نكون أكثر من مجرد كلمات، يجبُ أنْ نكون دائمًا حول العمل المستدام”.
بيان المدينة
في هذه الأثناء تم الردّ على السكان الذين أرادوا بقاء التمثال ببيانٍ قصير من المتحدثة باسم المدينة، (ماري لاندروش)، حيث قالت: “تم تغطية مصاريف تمثال هوبارد التذكاري من خلال حملة خاصة وتمويلها بالتبرعات، ولم تُسجِّل المدينة باسمها هذا التمثال، وبالتالي لا تملكه.. لسنوات ادّعت عائلة هوبارد مِلكية التمثال، والمدينة تدعمُ هذا الادّعاء، ولطالما أعربت العائلة عن نيتها نقل التمثال إلى خارج ديربورن”.
في تطوّر غريب، يُقرأ بيان المدينة على أنه أشبه بكلمة مقابل كلمة مما كتبته مُدّعية المدينة ديبرا والينج في مذكرتها القانونية إلى اللجنة التاريخية عام 2017.
عند استكشاف خيارات الدفاع القانوني، قالت والينج: “إنّ مطالبة المدينة بملكية تمثال هوبارد لا تعتمدُ فقط على قبول رسمي للهدية؛ لِأنّ التمثال كان هدية صالحة.. كانت عائلة هوبارد أو لجنة جمع التبرعات تهدفُ إلى إهداء تبرعات المدينة الخاصة دون أيّ مقابل.. أيضًا، ذكر أحد أفراد عائلة هوبارد أنّ التمثال كان هدية للمدينة بتكليف من أنصار العمدة السابق”.
مع انزعاج اللجنة التاريخية في المدينة، قام المدافعون عن العدالة الاجتماعية بالتبرئة، ودفعوا لمزيد من التغييرات، والمدينة تحاولُ تفادي الجدل وفزَع عائلة هوبارد.
يبدو من الواضح أنه مع اختفاء تمثال العمدة هوبارد، سيبقى النقاشُ مستمرًّا.

   
 
إعلان

تعليقات