Accessibility links

تصاعد ظاهرة “الإسلاموفوبيا” رغم استثمارات الخليج ومساهمات المسلمين في الاقتصاد الأميركي


ميشيغان – “اليمني الأميركي”:

عندما زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان البيت الأبيض في نوفمبر/ تشرين الثاني، طلب منه الرئيس دونالد ترامب، مازحًا، زيادة استثمارات الرياض في الاقتصاد الأميركي من 600 مليار دولار إلى تريليون دولار.

وقال الأمير محمد إن المبلغ سيرتفع على الأرجح إلى عشرات المليارات مع الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا والمعادن.

قبل ذلك ببضعة أشهر، كان ترامب يزور الشرق الأوسط، حيث صرّح بأنه أبرم صفقات مع المنطقة بقيمة تزيد عن تريليوني دولار، معظمها من السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة.

وقال البيت الأبيض في مايو/ أيار: “إن التعاون التاريخي الذي يجريه الرئيس ترامب مع هذه الدول الشرق أوسطية لا يعزز الاقتصاد الأميركي فحسب، بل يعزز أيضًا الأمن والاستقرار في المنطقة، ما يمهد الطريق لمستقبل أكثر ازدهارًا وأمانًا”.

وفي الوقت الذي يتطلع فيه ترامب إلى مهد الإسلام لدعم الاقتصاد الأميركي، يواصل حلفاؤه مهاجمة الدين الإسلامي وتحميل المسلمين الأميركيين مسؤولية مشاكل البلاد.

تشهد البلاد تصاعدًا مقلقًا في ظاهرة الإسلاموفوبيا (رهاب الإسلام)، والبيت الأبيض لا يكتفي بالصمت، بل يُؤجّج في كثير من الأحيان نيران التعصب.

“دمروهم أولًا”

أدرجت ولايتا فلوريدا وتكساس مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (CAIR) على القائمة السوداء باعتباره “منظمة إرهابية أجنبية”، وقد دأبت شخصيات من المقربين لترامب، مثل لورا لومر، على استخدام المسلمين ككبش فداء من خلال تصريحات يومية متطرفة وأوهام حول الشريعة الإسلامية.

دعا النائب الجمهوري راندي فاين، الذي انتُخب للكونغرس بدعم من ترامب، إلى إبادة جماعية ضد المسلمين في جميع أنحاء العالم.

قال فاين خلال جلسة استماع في الكونغرس: “لا أعرف كيف يُمكن تحقيق السلام مع من يسعون إلى تدميركم.. أعتقد أن عليكم تدميرهم أولًا”.

في البداية، ظنّ كثير من المراقبين أن فاين كان يُشير إلى الفلسطينيين، لكن لاحقًا نشر مكتبه على موقع X التعليق التالي: “النائب فاين يتحدث عن كيفية التعامل مع المسلمين المعتدلين”.

المسلمون المعتدلون، أي مليارا نسمة، ربع البشرية، بمن فيهم قادة دول الخليج العربي الذين ما يزال ترامب يسعى لجمع التبرعات والاستثمارات منهم.

لا ينبغي أن تكون إنسانية المسلمين مرهونة بالتبرعات أو الاستثمارات، ولكن التناقض والنفاق بين السعي وراء أموال المسلمين في الخارج والتغاضي عن التعصب المروع ضدهم في الداخل أمر جدير بالملاحظة.

تأتي هذه الموجة الجديدة من الإسلاموفوبيا في معظمها من الصهاينة اليمينيين الذين يحاولون إسكات الأصوات المنتقدة لإسرائيل، وخاصة من اليمين، مثل المعلق تاكر كارلسون، عن طريق بث الخوف من الإسلام والمسلمين.

ركز ترامب تعليقاته المهينة على المهاجرين بشكل عام أو على فئات من المجتمعات المسلمة، مثل الصوماليين، دون مهاجمة المسلمين والإسلام بشكل مباشر.

لكن عدم الانخراط في الإسلاموفوبيا بشكل مباشر لا يكفي.. ويقول المدافعون عن حقوق المسلمين إن مهاجمة المهاجرين، وخاصة المهاجرين المسلمين، يعرض جميع المجتمعات المسلمة للخطر.

مسؤولية ترامب

يتحمل الرئيس مسؤولية رفض جميع أشكال التعصب والتصدي للكراهية ضد المسلمين، خاصة عندما تصدر من أشخاص مقربين منه.

على النقيض من ذلك، يواصل ترامب احتضان هذه الأصوات البغيضة.. فعلى سبيل المثال، أشاد بالنائب فاين خلال احتفال البيت الأبيض بعيد الأنوار (حانوكا).

قبل أسابيع، أعلن ترامب تأييده لفاين لإعادة انتخابه، قائلاً إن النائب المعروف بمواقفه المعادية للإسلام “يقوم بعمل رائع”.

هذا هو ترامب نفسه الذي استقطب الناخبين المسلمين في ميشيغان، ووضع إمامًا على المنصة في أحد تجمعاته الانتخابية، ورشّح اثنين من رؤساء البلديات المسلمين المحليين كسفراء.

في العام الماضي، وصف ترامب، حين كان مرشحًا، المسلمين في ميشيغان بأنهم “أناس رائعون”.

يبدو أن شريحة من اليمين ترى في المسلمين “عظماء” فقط من منظور نفعي، أي استثماراتها في الشرق الأوسط، أو أصواتها في ميشيغان.

لكن على الرئيس أن يكفّ عن النظر إلى المسلمين كصفقة انتخابية أو تجارية، وأن ينظر إليهم من منظور إنساني، وأن يعترف بكرامتهم ومساواتهم، كما يقول المدافعون عن حقوق المجتمع.

مساهمات المسلمين الأميركيين

في الولايات المتحدة، شكّل المسلمون جزءًا لا يتجزأ من نسيج هذا البلد، أصحاب متاجر، وأطباء، ومحامون، ومعلمون، وأحيانًا سائقو أوبر وعمال مصانع.

سواءً كانوا من ذوي الياقات الزرقاء أو البيضاء أو من العاملين في الاقتصاد الحر، فإنهم يساهمون في هذا الوطن ويشكلون جزءًا من الديناميكيات الاجتماعية والاقتصادية التي تجعله عظيمًا.

أظهرت دراسات أجراها معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم (ISPU) تأثير المجتمعات الأميركية المسلمة على اقتصادها المحلي.

في عام 2016، بلغ عدد الشركات المملوكة لمسلمين في مدينة نيويورك 95,816 شركة، توظف ما لا يقل عن 251,864 شخصًا.. ولا شك أن هذه الأرقام قد نمت بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين، حيث انتخبت المدينة مؤخرًا أول رئيس بلدية مسلم لها.

تشير دراسة أجراها معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم إلى أن “مسلمي ميشيغان يشكلون أكثر من 15% من أطباء الولاية وأكثر من 10% من صيادلتها”.

“يُعدّ العديد من أطباء ميشيغان المسلمين روادًا في مجالاتهم، حيث يمهدون الطريق للأجيال القادمة من خلال ابتكار واستخدام تقنيات وتكنولوجيات طبية جديدة لتلبية احتياجات المرضى اليوم”.

وخلاصة القول، لقد قدّم المسلمون الكثير لهذا البلد.. ولكن بغض النظر عن إسهاماتهم، فإنهم يستحقون أن يُعاملوا باحترام، كغيرهم من الناس.

تعليقات