عبدالله الصعفاني*
هل يجوز الكتابة عن الرقص الشعبي أو الرياضة في زمن الأزمات والمواجهات والانسحابات، وصور التقدم
والانكماش والتقزُّم؟ وهل من الذوق المضبوط الغناء في بيوت العزاء ودنيا الضيق اليمني من كل شيء معظمه مش نظيف..؟
إنها مأساة تمتد من الجغرافيا الى القلوب التي في الصدور.. من الذهنية إلا اليمن الذي كان ولا يُراد له أن يكون موطن إيمان، ولا حكمة..!
* السؤال وغيره استنكار وليس استفهام، غير أن ذلك لا يخلو من غثاء إجابات معلقة تؤكد أن الحرب والأزمات ليست إلا ما خبرتموه وشاهدتموه من أن اليمن ليس اليوم سوى ملعب غير قانوني الطول والعرض، ببركات البيع والشراء بالدفع المسبق والآجل.. وجميعنا، إمَّا لاعبين خارج قواعد المصلحة العامة للناس، أو متفرجين على منافسات بلا حُكُّام، ولا قوانين اتحاد “فيفا”..!
شوفوا كيف صرنا نجمع بين دوخة القات، وبين تبعات زمن فقدنا فيه كل شيء إلا الرغبة في أن نتسلَّى بالبؤس.. وفي الطريق نبعث إلى المحروسة “إيفانكا” رسائل فيسبوكية نقول فيها: إيفانكا.. هاه.. كيف الأمور..؟ طمِّنينا على صحة الوالد..!
* ولا سؤال يسبق سؤال.. لماذا تفرقت أيادي سبأ أكثر وأكثر..؟ وكيف تكاثر اتباع البلد الاستعماري الذي غابت عن شمس المستعمرات القديمة ليعود إلينا بلبوس تمزيقي مختلف بحضور المنظِّر اليمني الأممي البائس.. ياسين عليه ياسين..!
* ودائمًا.. الخيبة فينا نحن اليمنيين، أولاً، وثانيًا، وعاشرًا.. لأننا قياداتٍ وشعبًا.. انشغلنا عمّا يعنينا بما لا يعنينا، ومن ذلك اقتناص كل فرصة للجنون والهطل معًا بما في ذلك: سلام يا “إيفانكا ترامب”.
طَمِّنينا على صحة الوالد..!
* في الملعب اليمني كل شيء يهم الناس ويلامس أوجاعهم هو غلط، وغير قانوني.. من التنازع على ملكية الملعب الترابي إلى مدرجات ملعب الوطن، وما بينها من لاعبين أساسيين واحتياطيين وإداريين وحكَّام.
* حتى المتفرجين الكبار والصغار والنص نص لا يفعلون شيئًا يقولونه ولا يقولون شيئًا يفعلونه.. متمسكين بذات التبرير القديم الذي يستدعون فيه المثل السلطوي الذي يبرر لكل ظلم، ويقول بالحرف: “كيفما تكونوا يولَّى عليكم” وعلى المتضرر أن يهاجر إلى الحبشة من أجل الترحم على النجاشي من الوجه إلى الوجه، ومن الخشبة القائمة إلى الجثة النائمة..!
* كنا وحدويين حتى عندما تشظى السوفيت، ثم تشظَّينا في زمن القطبية على طريقة العم سام وماما أمريكا وخالتي فرنسا وبقية كيانات القارة العجوز.. وما عجائز إلا السياسيين في اليمن، مترهل الضمير منهم والشباب.
* صار اليمن ملعبًا اختلف ابناؤه على مربعات أرضيته من خطوط التماس إلى خط المرمى.. ومن صندوق ضربات الجزاء إلى مدرجات البكاء والعزاء، لأنه ليس من أهداف ولا اهتزازات إلا اهتزازات شباك المرمى اليمني ودائمًا بالنيران الصديقة.
* فرقاء سياسة هم اللاعبون، وهم الحكام.. ولسان واقعهم.. عين على اللعب، وعين على جيوب الكفلاء.. وليس من عين على المتفرجين في المدرجات وخلف الشاشات الذين يموتون كل يوم بجنون وهَطَل التفريط بنصيبهم في بلدهم، من الحقوق المادية المعيشية، إلى الأحلام المعنوية، إلى مستقبل يرفض المجيء ولو على سلحفاة العدالة البطيئة.
* ولا إجابات عن أسئلة كانت ضرورية فصارت غريبة.. لكنها استفهاميات حقيقية على طريقة السؤال الهمام: هل يوجد في الرؤوس الفارغة فكرة تجمع هذا الشعث العام.. وبعضًا من حالات الضعف والفقر والوهن، والإحساس العام بتمزق البلد جغرافيا وإنسان..؟
الواضح أنه لا وجود لغرفة رأي سديد وإنما واجهات إعلامية تطفح بالكآبة بلا قواعد سياسية أو مهنية، وأصوات تكره كل شيء يبني إلا فلوس الممولين.
* المذهل أن فرسان العبث يتصورون أنهم محبوبون بعدد سكان اليمن الطبيعي، يحدث هذا بسذاجة متذاكية وسط تعرض النظام الوطني والأخلاقي والإنساني للضرب الذي لا يستثني القلب والخاصرة، ولا يرأف بعينين أو خصيتين.
وعند آخر اسم في الفقرة السابقة كان يجب التنبيه إلى عدم القراءة للنساء والأطفال تحت سن البلوغ.. لكن هذا ما حدث.. أخطأت، ومنكم السماح..!
* سيقول أحدكم من موقع الاصطفاف الجهوي هنا أو هناك: ماذا تريد من خلط ملعب الرياضة بملعب جغرافيا اليمن والبشر..؟
أبدًا.. لا أريد شيئًا سوى وطن يتوفر فيه “الأمان” التام.. والمعاش الذي يوفر قطمتي الرز والسكر وشوالة الطحين، وعلب الزيت والسمن.
وطز في زيت الزيتون وثقب الأوزون، وتحذيرات أطباء التغذية من الزيت والسمن المهدرج.
* كاتب يمني


تعليقات