Accessibility links

آه من الدراجات النارية.. وآه من عبث مستخدميها..!


عبدالله الصعفاني*

بَسَطت التفاهة سلطانها على أرجاء الخارطة السياسية في اليمن حتى تعطلت لغة الكلام.. ولذلك أقول وأنا أسمع صوت دراجة نارية تحمل منبِّه شاحنة كبيرة متلِفة لأعصاب المريض والنائم:

آه من الدراجات النارية.. وآه من مستخدميها..!

* من ناحية.. الدراجة النارية وسيلة مواصلات عالمية الاستخدام بنسب مختلفة، وهي في اليمن وسيلة ضرورية ليس لقضاء المشاوير الخاصة، وإنما وسيلة لكسب أرزاق شريحة كبيرة من الناس، لأنه ليس كل عاطل ومحتاج قادر على اقتناء باص أو سيارة أجرة يشقى بها على أسرته بعد أن تقزمت فرص العمل، وتعقدت سبل الحياة الكريمة أمام الموظف الرسمي الجاهز، فكيف بالباحث عن وظيفة جديدة في زمن تقليص العاملين في المرافق الحكومية والشركات والمؤسسات المختلطة والخاصة، ما يفرض وضع النقاط في قلب الكلام.

* مع انتشار ظاهرة الفقر والعوز والبطالة، اتسعت قاعدة الدراجات النارية بصورة هائلة حتى صار لسان الحال في أوساط الناس.. روح اشتري موتور واطلب الله.. وهكذا امتلأت الشوارع بالدراجات.

* وعلى طريقة ما يسمى في المظاهرات “العدوى الجماعية” تنامت الأخطاء والتجاوزات التي قادت إلى الكثير من الفوضى،  ظهرت آثارها في صور عشوائية بلا ضابط، وعبث بلا رابط، وحوادث مرورية محزنة، واختلالات أمنية في أشكال سرقة حقائب وهواتف نساء ورجال بصورة يصحبها الكثير من السَّحْب والسحل على أرضيات الشوارع.

* وما يزال السؤال الحائر المتكرر: من يضبط هؤلاء..؟ وكيف يمكن ضبط ذوق سائق دراجة نارية بلا لوحة معدنية.. سائق منتفخ  الأوداج، تخفي عجينة القات بعضًا من عينيه ودماغه وتوازنه الذوقي.

* وقبل أن يطلع من وسط العصيد قائل: أين يذهب الناس، أو بلاش التضييق على خلق الله.. أو هل تركتم كل مشاكل البلاد مع الأزمات وإشعال الصراعات وإطلاق أيادي الفاسدين واتجهتم نحو التحريض على طالبي الله أصحاب الدراجات النارية.. لا غنى عن القول: التأمل في بعض السوابق يساعد في فهم الحقائق التي من شأن التذكير بها إخراس التباكي..!

* إجراءات الضبط المروي المنتظر في صنعاء ومحافظات أخرى هي إجراءات تأخرت كثيرًا، وفواتير فرجة أجهزة المرور عليها فواتير كبيرة دفعها المجتمع من دمه وأعصابه وسلامته وأرزاقه.. فهل من العدالة أن يخطف سائق دراجة حقيبة امرأة ويسحبها في الشارع إن تمسكت بالحقيبة، ثم لا يعرف له لوحة معدنية تحدد اسمه، ورقم هاتفة، ومحل سكنه..؟!

* ومن الأسئلة الاستنكارية: هل من السلامة في شيء قيادة الدراجات النارية على رصيف المشاة بما في ذلك من الخطر على المارة..؟ هل من الأمان والذوق  القيادة عكس الشارع بما يحدثه من خطر على من يعتقد أنه في الأمان فإذا بتهديدات ومخاطر الدراجات النارية تفاجئه من خلفه.. وماذا يمكن تسمية ركوب الثلاثة والأربعة، وأكثر على ظهر دراجة تتسع لشخصين..؟

* والأشد مرارة أن ترى الأب وزوجته وأولاده على ظهر دراجة نارية بما في ذلك من الخطر الماحق على الأسرة..!

ومن العجيب هو الفرجة الطويلة على عدم احترام الدراجات النارية لقواعد المرور شأن بقية وسائل النقل على مرأى رجال المرور.

* في معرض الحديث عن مخاطر الدراجات النارية المخالفة، لا بد من الإشادة بصدور قرار مصحوب بتحذير استباقي طويل المدة، يحدد المخالفات وغرامة كل مخالفة، والأمل أن يتم تنفيذ القواعد الخاصة بحركة الدراجات النارية بصورة صارمة، خاصة بعد أن أُعطِيت الفرصة كاملة لوصول القواعد المرورية ووصول عقوباتها الجديدة إلى جميع السائقين.

* وفي يقيني، أن تنفيذ القواعد المرورية للدراجات النارية ينطوي على تحدٍّ قانوني وأخلاقي مهم، ليس لجهاز المرور فحسب، وإنما لقادة الدراجات، ولكل أفراد مجتمع طالت شكواه من اختراقات الدراجات النارية للسِّلم والأمان الذي يبدأ بالحوادث، إلى جرائم السرقة والاختفاء بدراجات بلا لوحات معدنية، فيتم تسجيل الجريمة ضد مجهول.

* وحتى تنضبط إجراءات الضبط المروري لمخالفات الدراجات النارية، ابتداءً من مطلع أغسطس 2025 سأسير على منهج  الفيلسوف اليوناني ديوجين الذي كان يضيق ببني البشر، فيحمل مصباح النهار، ويردد: ابحث عن إنسان.

لعله كان يقصد البحث عن إنسان لا يخاطر بحياته ولا حياة غيره.. إنسان يحترم مفردتي الذوق والنظام..!

* كاتب يمني

تعليقات