عبدالله الصعفاني*
لم يغادر الرئيس والمفكر البوسني علي عزت بيغوفيتش الدنيا إلا بعد قوله لشعبه ولنا: “النجاح الرياضي يوحد الأمة”.
وعلى قلة نجاحات الرياضة اليمنية التي يديرها مسؤولو “خذ الفلوس واجري” فقد جرّبنا كيف تجمعنا الرياضة وتُوحِّدنا، حتى في أحلك الظروف.
* نتوحَّد في مدرجات الملاعب الخليجية بشكل تلقائي يثير عند الأشقاء الانبهار، وعند السياسي اليمني المتشظي الانزعاج، والانبعاج، وشيء من الخرس الزوجي.
* زماااان.. قبل الوحدة.. كان المشجعون اليمنيون في ملاعب الخليج يخيطون علمي الشطرين في علم واحد، بصورة تلقائية لسان حالها “الواحد في الكل والكل في واحد”.
واليوم أيضًا.. ورغم حالة التمزق والتشظي شاهدنا كيف التقى اليمنيون خلف منتخب الناشئين وكيف شجعوا بقية المنتخبات، قافزين على فترات وأشواط الإحباط والإهدار.
* ولا تفسير سوى أنه لم يعد لليمني من شيء يشعر أو يتمنى أن يحقق به ذاته المنهكة.. إلا الرياضة، حتى صار الشارع الرياضي يتفرج بسلبية على مكونات رياضية حكومية وأهلية غارقة في العبث والفساد.. وحجته دائمًا
“فساد نعم”.. ولكن هذا ما بقي لنا من المكونات الموحدة..
* بمعنى تبريري آخر.. لا بأس.. اتركوهم يفسدون، فالمكونات التي يديرونها هي ما بقي من الحالة الموحدة، ليتشبَّث الفاسدون بمواقعهم، ويبتزون العواطف الشعبية العامة، ولسان حال مكرهم السيئ: اتركونا نعمل فنحن آخر حبة في كرتون البلاد، لم تطلها أيادي الاستنساخ والتمزيق.
* هذا الحال يشير إلى طغيان العاطفة الوطنية الموحدة على ما سواها.. غير أن لهذه العاطفة الحماسية شقها السلبي الذي يدعم الفساد والإفساد الرياضي خارج أبجديات القواعد الرياضية، خاصة مع استمراء الكيانات الرياضية الفاسدة للمزايدة على وحدويتها، فيما الواقع مجرد ترجمة لطموحات التكسب والمحافظة على العبث، وتفعيل حالة من التخادم بنظام “شيلني أشيلك.. وادهن لي أدهن لك.. ويا بخت من نفع واستنفع.. وأخذ الورنيش ولَمَّع..”.
* وحتى لا يستمر حبل العبث على جرار الفساد.. ما أحوج الضمير الرياضي لعدم التغافل عن محاسبة العابثين بالرياضة اليمنية ومنعهم من مواصلة عظ أصابع الحالمين برياضة يمنية، ولو داخل الحالة السياسية المحتبسة.
* وما دام هناك شيء من التسليم ببقاء اللجنة الأولمبية والاتحادات التابعة لها موحدة في مناخ حكومي سمح بوجود وزارتين وصندوقين، ما الذي يمنع ضخ الدماء في عروق ومفاصل الرياضة إلى ما شاء الله، ما دام وبالإمكان أفضل مما كان ويكون..!
* ومن باب الجلد الذاتي ليت الإعلام الرياضي الذي تحول إلى كيانين هما “جمعية واتحاد” ينتبه من موقع الضمير المهني لأهمية عدم النفخ في ما يجلب التمزيق والشتات في صفوف الأندية والاتحادات الرياضية على مستوى اليمن، والتأكيد على قيم رياضية صارت في العالم أسلوب حياة فيما لا تزال عندنا مجرد سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء..!
* تحتاج الرياضة اليمنية لحوار مجتمعي يؤكد أن حق المواطن في الرياضة لا يقل عن حقه في الحياة والصحة والتعليم، وبأن ما نشاهده من حضور جماهيري في مباريات مجتمعات ريفية يعني وجود المواهب ووجود الحاضن الشعبي المشجع.
* ولن يرتقي طموحنا في وجود رياضة يمنية محترمة إلا بعودة الرياضة إلى المدارس وقطع حالة الغياب والتجفيف، وما رافقهما من مواقف سلبية تجاه الحصة الرياضية، وعدم إغفال أن الملعب والصالة هما مستلزمات الحياة داخل اليوم الدراسي.
* ومن الأهمية الفائقة الارتقاء بالوعي الرياضي والإداري للهيئات الرياضية، وعدم التعامل مع الرياضة بتسطيح أو إنكار، أو تشويه أو انفعال، لأن في ذلك خروج عن طموح الرياضيين اليمنيين ومشجعيهم في الداخل والخارج، بالتوقف عن زراعة الخيبة الساذجة التي تفصل بين المقدمات والنتائج.
* وإلى أن يفتح الله علينا بحلول للاختناقات السياسية العامة.. لا بأس من الاستفادة من الحالة الشعبية المهتمة بالرياضة، ورأيناها في مدرجات الخليج، ونشاهدها في عطش انتشار ملاعب الأحياء الصغيرة الاستثمارية للحفاظ على نماء الحد الأدنى من البيئة الرياضية، وعلينا عدم الابتعاد عن الركب الرياضي في منطقة صارت فيها مدينة مثل الدوحة، عاصمة للرياضة العربية والقارية، وحتى العالمية.
* ودائمًا للحديث الرياضي بقية.. ما دام في الحلم والعمر بقية.
* ناقد رياضي يمني


تعليقات