ديربورن – « اليمني الأميركي»:
تكشف إحصاءات استخدامات الانترنت في جميع مناطق العالم أن معظم مستخدمي الشبكة هم من مرتادي منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما يؤكد أهمية ما صارت إليه هذه المنصات التي استطاعت جذب مختلف فئات مستخدمي الانترنت لِما تقدمه من خدمات تبادل المحتوى ومدّ جسور التواصل بسهولة ويُسر… إلا أنها على الرغم من إيجابياتها تبقى، في معظم ما تنشره، مفتقرةً المصداقية – وفق أحدهم.
المغتربون والمهاجرون كالفئات الأخرى استطاعوا، من خلال هذه المنصات، التواصل والنشر والظهور الحي، وتختلف نسبة ونوعية هذه العلاقة تبعًا لتطور كل مجتمع.
فيما يتعلق بالمغتربين اليمنيين في أميركا يتيح محرك البحث في “فيسبوك” التعرف على عناوين عدة لصفحات تعنى بهم، إلا أن قلة من هذه الصفحات هي التي لديها عدد كبير من المتابعين.
على صعيد الحوائط الشخصية في “فيسبوك” لا تزال معظم حوائط المغتربين اليمنيين – كما يعتقد أحد الخبراء في هذا الشأن – دون الاستخدام الجاد في التعبير عن المواقف والتواصل مع الآخرين والسؤال عنهم والتنسيق والتنظيم.. ويقف المتابع لهذه الحوائط مستغربًا من شيوع ظاهرة استخدام الظهور الحي المباشر لكثير منهم، فالكثيرون صاروا يظهرون بشكل مباشر، حتى دون داعِ.. ويعلّق أحد المغتربين على هذا الحال قائلاً: إن البعض صاروا مدمنين على الظهور المباشر في حوائطهم لأهداف معظمها سطحية للأسف.
لكن في المقابل هناك من يستخدمها بشكل جاد وحاد، وأحيانًا يقترب من الجروح العامة للمجتمع اليمني، ليس بهدف المساعدة في علاجها، وإنما – غالبًا – بهدف إثارة زوبعة من خلالها.. واللافت أن الكثير من المستخدمين لمنصات التواصل الاجتماعي من المغتربين اليمنيين لا يتفاعلون، ويفضّلون المرور بصمت؛ لأسباب عدة مرتبطة بشخصية المغترب اليمني، وما تفرضه ثقافة الاغتراب من التزام خط الحفاظ على الرزق وعدم الدخول في ممرات جانبية، علاوة على المشكلة الثقافية في العلاقة بالرأي الآخر كواقع يعاني منه المجتمع اليمني في الداخل والخارج؛ وهو ما يمكن ملاحظته في حجم المهاترات التي تتسع دائرتها هنا وهناك.
لكن يبقى جانب مضيء في النشر والظهور المباشر من خلال هذه المنصات، وهو المتعلق بالأنشطة العامة وبخاصة الدينية، بما فيها الاحتفال بالأعياد، وغيرها من الاستخدامات الإيجابية العامة، التي يمكن ملاحظتها بوضوح في خدمات بعض الصفحات العامة. ومن أهم الصفحات العامة المعنية بهذا الشأن على موقع “فيسبوك”، تبرز “صفحة المغترب اليمني في أميركا”، والتي يتجاوز عدد متابعيها (200) ألف متابع، في دليل على ما تتمتع به من تميّز جعلها محط ثقة هؤلاء المتابعين. تلتزم الصفحة ضوابط في النشر، تؤكد مدى وعيها بمهمتها الإعلامية في خدمة المجتمع اليمني في أميركا.
مدير ومؤسس هذه الصفحة – محمد علي حسن مجلي العبدلي، تحدث إلى “اليمني الأميركي” عن فكرتها وكيفية تعامله مع المحتوى. مُحمّد حاصل على بكالوريوس محاسبة في جامعة إب.بدأ الاغتراب العام 2009م، وصولاً إلى نيويورك.
بدأت فكرة الصفحة – حسب محمد – خلال مشاركته في تفاعلات ما عُرفت بالثورة الشبابية السلمية في اليمن العام 2011، ومناصرتها من نيويورك من خلال إنشاء صفحات في “فيسبوك» داعمة لها.. ونتيجة لاستمرار الخلاف اليمني في الداخل والخارج حول ما حدث، اهتدى محمد مع صديقه زيد إلى أنه من الأهم قبل المطالبة بالتغيير في الوطن الأم عليهم الإسهام في التغيير في بيئة المغتربين اليمنيين في نيويورك خاصة، وأميركا عامة. خلال ذلك النقاش – يقول محمد – تطرقنا إلى أهمية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي فيما يفيد مجتمعنا الذي نحن جزء منه، ونكون بذلك حلقة وصل بين المغتربين أنفسهم أولاً، وبينهم وبين أبناء الوطن ثانيًا، وتشجيع المبدعين. وإثر ذلك أنشأ محمد الصفحة في فيسبوك، ومن ثم في «انستغرام»، وقام باستحداث قناة على يوتيوب، ومع اتساع شهرة الصفحة وكثرة متابعيها، تم تعديل الاسم لتكون باسم المغتربين اليمنيين في كل أميركا، حد قوله.
كان محمد مؤمنًا بمهمته، ولذلك أعطى الصفحة قسطًا من وقته، وعمل على تطوير قدراته مع حرصه على تقديم ما يفيد ويخدم مجتمع الجالية، “لا سيما وأن الهدف من الصفحة هو خدمة أبناء جاليتنا قدر الإمكان في حدود إمكاناتنا” – يقول مُحمّد، موضحًا أن الصفحة منذ ظهورها لم تتلقّ أيّة مساعدة من أي طرف، وأرجع ما تحقق لها إلى التزامها المصداقية وانتهاجها نهجًا وسطيًّا.. وأضاف: يتم اختيار الموضوعات بعناية، وخاصة تلك التي تلامس حياة المغترب وواقعه والمشاكل التي تواجهه، وبما يسهم في تفاديه لتلك المشاكل مستقبلاً، بما في ذلك الموضوعات ذات الطابع الدعوي والهادفة لتعزيز دمج المغترب بالمجتمع من حوله، وفي نفس الوقت المحافظة على التقاليد المتوارثة.
ويتابع: واجهنا في البداية مشاكل من أوساط الجالية، حيث كانت توجّه لنا التهم بالتبعية لهذه الجهة أو تلك، ولكن نبل هدفنا عزّز من مصداقية الصفحة؛ وبالتالي تزايد أعداد المتابعين حتى أصبح أولئك المحاربين لنا يصفّقون لنا.
حرصت الصفحة على تطوير خدماتها وحققت نجاحًا جليًّا، وعلى الرغم من تأثير الصفحة على حياة صاحبها وعمله الخاص إلا أنه لم يتخلّ عنها، وأعطاها جلّ اهتمامه، بل صار له فريق من المتطوعين في ولايات مختلفة، ويمتلكون صلاحية النشر في الصفحة كمديرين.
يعي محمد طبيعة العمل الإعلامي في الصحفة، وما يقتضيه هذا العمل من متابعة حثيثة ونشر كل ما يهم المغترب اليمني.يقول: النشر مسؤولية ويجب التحري والتزام المصداقية.
تعليقات