هزائمٌ بلا سقف.. منتخبٌ مٍتْلِفٌ للأعصاب.. ولاعبون كباش فِداء..! أقيلوا الاتحاد.. ولا تخافوا امبراطورية الفيفا
عبدالله الصعفاني*
يستطيعُ اتحاد كرة القدم أنْ يصنعَ الفشل الذريع والهزائم المتلاحقة المُذلِّة للكرة اليمنية، دون أنْ يُلزِمَ نفسه حتى بتبريرٍ أو تفسير، وتحت قوة العادة اليمنية البائسة لن يجدَ من يُحاسبه حتى والتهمة هي الإساءة إلى بلد، وإتلاف أعصاب شعب.
وتوضيحًا للصورة.. أصبح هذا الاتحاد في موقفٍ متورمٍ يُشجّعه على أنْ يُخرِج للجميع لسان السخرية، ويقول: أيوه.. نحن فاشلون فأرونا ما بيدكم أنْ تفعلوه..؟
والغريب أننا نتماهى مع الفشل المتلاحق، محافظين على وضْعٍ صار فيه النفاق والسباق على فُتات المكاسب أكبر حصون التخلف، مكتفين بمواجهة صور العبث والفساد بخليط من الاستغباء والاستعباط.
والمحزن أنه ليس في المشهد البائس من يتطوع ويذكِّرنا بأغاني الصبر.
بالمناسبة، تابعتُ المباراة، التي سقطَ فيها منتخبنا أمام منتخب فلسطين، من قناةٍ فضائيةٍ فلسطينية، وبصوتِ معلّقٍ رياضي فلسطيني، وتحليلٍ لضيوفٍ داخل استديو تحليلي فلسطيني، ومراسلٍ من داخل ملعب المباراة، فيما لا قناة يمنية ناقلة، إلاَّ عن قنوات خليجية أخرى كأحد تأكيدات أنّ الفشل كلٌّ لا يتجزأ، ولا فرْق بين أقدامٍ طائشةٍ للاعبين وبين رؤوسٍ مربَّعة لمسؤولين.
ولو كانت قواعد المسؤولية الوطنية والأخلاقية حاضرة لسمعنا قرارًا بإقالة اتحاد كرة القدم من صنعاء أو عدن، أو من المدينتين معًا.
ما المشكلة والمنتخب يُمثِّلُ كلّ الأندية اليمنية، ويوحدُ الجميع في الوجع والحسرات.
وأتوقفٌ هنا لأقول..
لا يُخوِّفونكم بإمبراطورية الفيفا؛ فقد صارت الإقالة واجبًا من شأن حصوله أنْ ينتصرَ للعدالة ويحترمَ الناس، وستُصفّقُ له الملائكة، ثم ما الذي سيخسره بلدٌ بلا دوري أو كأسٍ محلي.
وممنوعة فرقه الرياضية من اللعب على أرضها وبين جماهيرها منذ سنين، وبأوامر الفيفا.
ليفطر الاتحاد الدولي هذه الكرة الجلدية المنفوخة بالهواء الفاسد، وعندما تنصلحُ أمورنا سيكون لأيِّ بنشري أنْ ينفخ الكرة، ويُصالح الفيفا باتحاد منتخبٍ جديدٍ يخافُ الله، ويحترمُ الجمهور.
اللاعبون كباش فداء
عقب كلّ هزائم وكلّ سقوطٍ رياضي مُذِل نوجِّه سهام نقدنا باتجاه لاعبين طالما اعتبرناهم حيطانًا مائلة وكباش فداء؛ لأنهم لم يقدّموا لنا معجزة يبتسمُ فيها الحظ خارج منطق المقدِّمات والنتائج.
لقد بلغَ الفشل في اتحاد كرة القدم مبلغًا حوَّل فيه منتخب اليمن إلى مجرَّد سمكة ميتة بعد أنْ كنا وصلنا إلى نهائيات كأس العالم للناشئين بفنلندا على بساط موهبةٍ وجاهزيةٍ واستحقاقٍ قابلٍ للبناء عليه.
هزائم بلا سقف
وعندما يتوالى سقوط المنتخب اليمني الأول في تمهيديات كأس العالم 2022 على نحو مُذِلّ لعبًا ونتائجَ وروحًا، فلا يجوزُ أنْ يتحولَ كلّ صاحب قرارٍ إلى مجرد صنمٍ أو هيكلٍ بلاستيكي لتعليق الملابس.
3 هزائم متلاحقة.. لا فوز، لا تعادل، لا نقطة يتيمة، ولا هدف طريد، ولا حتى مستوى كروي يؤكدُ علاقتهم بمسمى لاعبي منتخب، وهي نتائج ربما فَرَضت على أذهان مَن لم يطّلع على خفايا وزوايا المنتخب وسنينه أسئلة من نوع:
ما هذا.. من أين جاء هؤلاء اللاعبون؟
أيّ جهاز فني أشرف على إعدادهم؟
هل هم بلا رؤوس وبلا أقدام؟
هل يأكلون وجباتهم من أوقاف الجوامع؟
هل كلّ ما قاله لهم المدرب بين شوطي سقوطهم أمام منتخب فلسطين بأنهم كانوا يلعبون باتجاه هذا المرمى، وأنّ عليهم أنْ يلعبوا في الشوط الثاني باتجاه مرمى آخر؟.. أسئلة كثيرة، واستفهاميات تُحاصر يقين كلّ مَن يعرفُ أنّ هذا المنتخب لم يأتِ اختيار عناصره من مسابقة محلية أفرزت الأفضل، وأنّ هذا المنتخب، كما أكد المدرب أحمد علي قاسم، لم يلعب مباراة تجريبية واحده منذ العام 2019 وحتى خوض أول مباراة أمام منتخب السعودية.
فضلاً عن كون هؤلاء اللاعبين استعدوا لمنافستهم القارية هذه بمعسكر محدودة أيامه في محافظة شبوة.. كان أفضل ما في هذا المعسكر عزومات مشايخية ذُبِحت فيها الأغنام، والتهمَ فيها اللاعبون الدسم خارج قواعد الإعداد العلمي الذي يُنظّم حياة لاعبي المنتخبات من نومٍ وتوازنٍ غذائي، ومباريات كشف القصور وتعزيز نقاط القوة، وترميم نقاط الضعف ومعالجة النفسيات، ورفع المعنويات، وشحذ الهمم، وغير ذلك من الأمور العلمية التي غابت.
والحصيلة أننا شاهدنا اللاعب أبو كرش، والحارس الذي أكل عليه الدهر وشرب، واللاعب الذي يفتقدُ لأبجديات الثبات الانفعالي والذهني، فيتحولُ إلى خطرٍ على نفسه وعلى غيره، فيما النتيجة أكثر سوادًا من قرون الخروب.
وكالعادة، لا توضيحات من اتحاد كرة القدم غير التصويب المحبط قبل أنْ يخوضَ اللاعبون مبارياتهم بأنه لا صحة لِما يُشاع عن زيادةٍ في مستحقات هؤلاء اللاعبين..!
هل بعد ما سبق وغيره من الأسرار أيّ مجالٍ للاستغراب من منتخبٍ بلا لياقة، بلا مباراة تجريبية واحدة، منتخب بلا روح، وبلا قواعد فنية أو بدنية منضبطة.
اضبطوا الفشل.. وأقيلوا هذا الاتحاد
ولا بُد أنّ بعضكم قد تساءلَ: وما جدوى بقاء اتحادٍ فاشلٍ في إدارة كرة القدم في الأندية والمنتخب..؟
ولا جواب غير الإشارة إلى أندية يحصلُ ممثلوها في اتحاد كرة القدم على امتيازات شخصية فيكتفون من الموقف بمباركة الفشل الذي لا يُمكن إيقافه إلا باستقالةٍ تؤكدُ ما تبقّى من حمرة الخجل، أو إقالة تنتصرُ لِما تبقّى من شظايا الاحترام للمسؤولية ومشاعر الناس.
كاتب يمني
تعليقات