كيف تجاوزَ الحَكَم مُختار اليريمي ظروف الحرب مُحقّقًا حضوره الدولي؟
صنعاء – محمد الأموي
منذ أن اختار مختار صالح اليريمي لنفسه هدفًا؛ وهو أنْ يكون حَكم كرة قدم، وضع في ذهنه أنْ يكون في الصدارة، مُراهِنًا، في ذلك، على جِدّه واجتهاده ونزاهته… وهو ما تحقق له، متجاوزًا بذلك ظروف الحرب؛ فأصبح أول حَكمٍ يمنيّ ينال إجازة الاتحادَين (الدولي والآسيوي) باعتباره مقيّمًا دوليًّا وآسيويًّا لحُكام كرة القدم.. هنا نقتربُ من هذه التجربة لنتعرف عليها:
الخطوة الأولى
منذ أنْ ساقته الأقدار ليخطو أولى خطواته نحو تحقيق أحلامه الكروية، التي تمثّلت في أنْ صار حكَم ساحة رئيس في مباراة الصقر وشعب إب بمدينة تعز، في موسم 1998م، وكان ذلك بشكْلٍ مفاجئ جراء الغياب القسري للحكم الراحل عبدالواحد الخميسي المكلَّف بإدارة المباراة، حيث تم تكليف الكابتن مختار صالح بالمهمة، التي أداها بكفاءة عالية؛ ليمضي بعد ذلك بشكلٍ متدرّج في مختلف درجات التحكيم حتى نال الشارة الدولية عام 2002م، وصولاً إلى الاعتزال عام 2014م.
نجح، وبكفاءة، في إدارة أكثر من 700 مباراة محلية و118 مباراة دولية، بحسب الإحصائية الخاصة بحُكام النُّخبة للاتحاد الآسيوي لكرة القدم… وهو أعلى رقم خارجي لحَكمٍ دولي يمنيّ في كرة القدم.
الطموح المتجدِّد
لم تتوقف تلك المسيرة، بل واصل رحلته معها من خلال اختياره لمجالَي مُحاضِر ومقيّم للحُكّام؛ فبدأ رحلته حتى نال ما عمل من أجله لِيصبح في عام 2015م محاضرًا ومقيّمًا آسيويًّا ودوليًّا لحُكام كرة القدم؛ ليكون بذلك اليمنيّ الأول في هذا المجال.
يقول المُحاضِر، ومقيّم الحُكام الآسيوي مختار صالح لصحيفة (اليمني الأميركي): «أشعرُ بفخرٍ واعتزاز؛ كَوني ممثّل اليمن الوحيد المعتمَد من الاتحادين (الدولي والآسيوي)، وأول حَكم يمنيّ يصل إلى هذه المرتبة»، «اخترتُ مجال التقييم لِأنه أعلى مرتبة في مجال التحكيم؛ فالمقيّم هو المسؤول عن طاقم تحكيم مباراة معيّنة، وتقعُ عليه مسؤولية تقييم حُكامها، ومناقشة نواحي قصورهم، ورفْع تقرير مفصَّل للاتحاد المنظِّم للمباراة… أما المُحاضر فهو المسؤول عن تدريب وتأهيل الحُكام من خلال شرح القانون وتعديلاته ومناقشته معهم وعمل الاختبارات الدورية لهم».
‟نجح وبكفاءة في إدارة أكثر من 700 مباراة محلّية و118 مباراة دولية بحسب الإحصائية الخاصة بحُكّام النُّخبة التي يرصدها الاتحاد الآسيوي لكرة القدم… وهو أعلى رقم خارجي لحَكم دولي يمنيّ في كرة القدم„
نجاح رغم التجاهل والإهمال
لم تكن رحلة حصول الكابتن مختار صالح على درجتَي مقيّم ومحاضِر الحُكام آسيويًّا ودوليًّا سهلة؛ بل كانت مليئة بالعقبات، سواءً إدارية أَم مالية، بل لقد كانت تلك الرحلة بمحطاتها على نفقته الشخصية، خاصة أنها جاءت في ظروف صعبة تمر بها اليمن جراء الحرب المستعِرة منذ سِت سنوات.
يقول مختار: «مررتُ بالعديد من المراحل؛ ففي المرحلة الأولى (قبول الترشيح) كانت الاختبارات ودورات (الفوتورو)، التي يقيّمها الاتحاد الدولي سنويًّا لتأهيل المقيِّمين والمحاضِرين، والحمد لله اجتزتُ جميعها، سواءً أكانت عِلمية أم ذهنية، بالإضافة إلى اختبارات القانون واللغة، ثم حصلتُ، بتوفيق الله، على تزكية المحاضرين الدوليين المشْرِفين على تلك الاختبارات، التي شارك فيها 48 حَكَمًا من دول غرب آسيا، ولم ينجح سوى أربعة حُكام فقط».
واستطرد: «أما المرحلة الثانية فكانت في مقر الاتحاد الآسيوي، وجميع محاضريها كانوا من الاتحاد الأوروبي لضمان النزاهة… وفيها حصلتُ على ثقة الاتحادَين الآسيوي والدولي».
أحلامٌ وأمنيات مستقبلية
بعد أنْ أصبح مختار محاضِرًا ومقيّمًا آسيويًّا ودوليًّا لحُكام كرة القدم اتجه للعمل في مختلف بلدان قارة آسيا لإعطاء حُكامها خبراته، وتزويدهم بمختلف معارفه بقانون كرة القدم، ورغم تلك الانشغالات لم ينسَ زملاءه من حُكام الكرة في اليمن؛ بل إنه يذهب لمختلف محافظات بلاده للإسهام في تأهيل الحُكام الجُدد وتوجيه الآخرين؛ بهدف تحقيق إحدى أمنياته…: «أمنيتي أنْ أرى التحكيم اليمنيّ حاضرًا وبقوة في مختلف المحافل الكروية العربية والآسيوية والدولية… وطموحي مستقبلاً الحصول على شهادة الدكتوراه في مجال إدارة الأعمال بعد أنْ نجحتُ منذ شهرين في الحصول على درجة الماجستير».
معلِّم اللغة الانكليزية
لم يكن هذا النجاح وليد الصدفة؛ فمختار اليريمي ظَل ناجحًا منذ صغره، متميزًا في حياته الدراسية، وموفقًا في اختياراته؛ فبعد أنْ أكمل تعليمه الجامعي عمل مدرسًا لمادة اللغة الإنكليزية، وأخلص في عمله لينال درجة موجِّه، وواصل تفانيه حتى تقلد منصب رئيس المكتب الفني بمكتب التربية والتعليم بأمانة العاصمة صنعاء، ولا زال مستمرًّا حتى اللحظة في هذا العمل جنبًا إلى جنب مع مهمته الجديدة محاضِرًا ومقيّمًا آسيويًّا ودوليًّا لحُكام كرة القدم.
تعليقات