Accessibility links

مهاجر يمني أميركي يروي حكايته مع السفر لليمن


إعلان

ديربورن – “اليمني الأميركي”
يتحدث، هنا، المهاجر اليمنيّ عبدالوهاب (اسم مستعار للمتحدث الذي اشترط عدم الإفصاح عن هويته) عن آخر رحلة قام بها مع عائلته من أميركا إلى اليمن، وكان ذلك في العام الماضي 2020، وفي حديث لـ”اليمني الأميركي” يروي ما تعرّض له من مشقة في مختلف المحطات التي مرت بها الرحلة.. يأتي هذا في سياق التعريف بما صار إليه الحال في اليمن، وهنا يقدم عبدالوهاب نصائحه لكل مسافر من أميركا إلى اليمن.

يأتي هذا في إطار التوعية بما يتطلبه السفر إلى اليمن التي تشهد حربًا منذ سبع سنوات، وتسببت الحرب في فرض واقع جديد تعددت فيه السلطات، وزادت فيه المشاكل، وبخاصة للمسافرين جراء الحصار الداخلي المفروض من سلطات الحرب على الطرقات، بالإضافة إلى الحصار الخارجي المفروض على معظم المطارات والموانئ اليمنية مما يُعرف بالتحالف السعودي الإماراتي لدعم الشرعية في اليمن.

وتعرّض الشاب اليمني الأميركي عبدالملك السنباني، مؤخرًا، للقتل والنهب في نقطة تفتيش طور الباحة بمحافظة لحج/جنوب البلاد، خلال رحلة عودته من أميركا لزيارة الأهل في اليمن.. وهي القضية التي تحولت إلى محور اهتمام الرأي العام اليمني داخليًّا وخارجيًّا. 

يقول عبدالوهاب إن رحلته من أميركا إلى اليمن مرّت بعددٍ من المطارات؛ نظرًا لعدم وجود خط مباشر من أميركا لليمن، إلا أن المعاناة بدأت في مطار القاهرة، «حيث تشعر أن اليمني يُعامل هناك كاستثناء، ويتعرض لاستغلال مخيف، وبخاصة عندما يكون معه أسرة». 

اصطحب عبدالوهاب معه، خلال رحلته لليمن، عائلته المكونة من 17 فردًا بين إناث وذكور، وكان قد مضى على عائلته 13 عامًا منذ آخر زيارة لليمن، بينما آخر مرة زار هو اليمن، كانت في العام 2013م. 

يقول: «تجاوزنا مطار القاهرة، واتجهنا إلى مطار عدن، وكان قد تم التنسيق مع باص سياحي بعدن مخصص لنقلنا إلى صنعاء باعتبارنا عائلة كبيرة».

 

«مشوار النقاط غير المنسق يبدأ من عدن إلى تعز، وأسوأ نقطتين كانت الأولى في لحج والثانية قريبة من تعز.. وخلال الرحلة تشعر أنك مررت بأربع سلطات، والخلاصة أن كل نقطة كأنها دولة».

 

مطار عدن

عندما وصلوا إلى مطار عدن كان الوضع مختلفًا تمامَا؛ فعلى الرغم من تعاون أحد الأشخاص في المطار معهم، والذي استطاع تمريرهم خلال الإجراءات داخل صالة المطار، «إلا أنك تشعر بعد دخولك المطار أن ثمة غوغائية في كل شيء حتى عند استلام أمتعتك… باختصار لا يوجد شيء منظم، ولا تعرف مع مَن تتعامل.. لكن حتى ذلك الوقت كان الوضع مقبولاً، فأخذنا الأمتعة، وانطلقنا خارجين من المطار صوب الباص، لكن كان الباص السياحي، حسب شروط المطار، متوقفًا على بُعد 600 متر تقريبًا من مدخل صالات المطار»

«عندما خرجنا من صالات المطار أخبرني مَن أسهم في تسهيل أمورنا، وهو ذو سلطة في المطار، أن مهمته تنتهي هنا، حيث تبدأ مهام سلطة أخرى، وبالفعل أخبرني أنه لن يفيدني بشيء، على الرغم من أننا ما زلنا في حرم المطار، وللأمانة فقد كان محترمًا معنا جدًّا، ولم يطلب مني أي شيء»، يقول.

أسوأ شعور عاشه عبدالوهاب، خلال رحلته، كان في موقف المطار، فقد كان وضعًا مخيفًا للغاية، حيث يجد المسافر نفسه أمام «أفواج من الناس تخاف أن تتعامل معهم.. يقول لك السائق: احذر من هؤلاء قد يعملوا لك مشاكل، هو يقول لك ذلك بناء على تجربته مع ركاب سابقين.. وإذا بأحدهم يأخذني على جنب، ويقول، هات لنا 200 دولار، فقلت له: لماذا؟ قال: من أجل لا يؤذيك أحد.. وأنا معي عائلات وأطفال، ولو قلت له: لا، سيتسبب لنا بمشاكل.. لذا أعطيته المبلغ، وتم تحميل الحقائب للباص، وقد دفعت 250 دولارًا تقريبًا من بعد خروجي من المطار لأشخاص لا تعرف من يتبعون.. الآن صاحب الباص يريد يتحرك، وينتقل بنا إلى الفندق، لكن فجأة يأتي طقم (سيارة جنود مكشوفة) لا نعرف من يتبعون من السلطات في المطار… الحكومة الشرعية غائبة تمامًا، إلا من ختم الجواز فقط.. بعد ختم الجواز لا توجد حكومة شرعية.. قال سائق الطقم: ممنوع خروج الباص، ونزلت من الباص، ووجدت سائق الطقم سكران، وعمومًا طلبوا بالدولار، فاضطررت لِأن أدفع ما يقارب 100 دولار.. وتحركنا حتى وصلنا الفندق».

 

أسوأ شعور عاشه عبدالوهاب، خلال رحلته، كان في موقف المطار، فقد كان وضعًا مخيفًا للغاية، حيث يجد المسافر نفسه أمام «أفواج من الناس تخاف أن تتعامل معهم».

 

نقاط التفتيش

بمغادرة المطار، والوصول إلى الفندق انتهى الفصل الأول من الرحلة.. يتابع قائلاً:«عندما وصلنا الفندق وجدنا معاملة محترمة تُدلل على حقيقة أهل عدن الطيبين، حتى إنهم وضعوا حراسة خاصة للباص، وكانوا مهذبين جدًّا».

عندما فكر عبدالوهاب بالخروج من الفندق لتناول وجبة من الطعام نصحه العاملون في الفندق بأن الأفضل لسلامته البقاء في الفندق حتى مغادرته عدن.

في الصباح انطلقت رحلته من عدن إلى صنعاء، وخلالها مرت الرحلة بعددٍ كبير من النقاط تتبع سلطات مختلفة، وهنا يقول: «كل نقطة تفتيش لها تعامل خاص، وسائقو الباصات والسيارات أصبحوا ذوي خبرة في التعامل مع النقاط، ولكن تختلف النقاط من حيث التعامل، فتشعر ببعضهم أن عنده نخوة، وبعضهم لا.. ونحكي عن أول نقطتين بعد خروجنا من عدن، وقد كانوا مهذبين، لكن بعد خروجنا من نطاق عدن المحافظة… ما إن تتوقف في نقطة حتى يتوقف الباص، ويصعد رجل يتكلم بشكل لا يمت للعسكرية والقبْيلة بشيء.. أحدهم صعد للباص، يقول: متأكدين هؤلاء نسوان؟.. طبعًا كان كلامي لشركة الباصات واضحًا باستخدام الوثاق الثبوتية الأميركية فقط، وليس اليمنية».

 وأضاف: «مشوار النقاط غير المنسق يبدأ من عدن إلى تعز، وأسوأ نقطتين كانت الأولى في لحج، والثانية قريبة من تعز…وخلال الرحلة تشعر أنك مررت بأربع سلطات، والخلاصة أن كل نقطة كأنها دولة».

«دخلنا عند الجانب الآخر (يقصد مناطق سلطة جماعة “أنصار الله”)، والذين وجدناهم يريدون يثبتوا أنهم أفضل من الآخرين، لكن على الرغم من مساوئهم تجد الواحد منهم يخاف أنك تتكلم مع أحد أعلى منه… في تلك النقاط كنا نشعر أن هناك سلطة واحدة، وهو ما لم نلمسه في عدن وغيرها.. مضت رحلتنا من تعز، وواجهنا نقطة في تعز كانت سيئة، لكن دفعنا فلوس وانطلقنا في رحلتنا، لكن بقية الرحلة حتى صنعاء لم نجد ولا نقطة، وكان الوضع الأمني جيدًا، عدا الاسفلت المكسر، إلى أن وصلنا إلى نقطة نقيل يسلح (المدخل الجنوبي لصنعاء)، وهي نقطة سيئة، وقد أرادوا أن يفتشوا الحقائب، فقلنا لهم: الباص ينقل عوائل، فقال مسؤول النقطة: أهم شيء لا يوجد معكم حواسيب، فقلنا: معنا حواسيب الأولاد.. وتم تجاوز النقطة، والحمدلله»

 

خلاصة الرحلة، يقول: «الوضع مخيف جدًّا، بل تشعر أنك في مغامرة مكتملة الأطوار منذ خروجك من الطائرة حتى وصولك إلى البيت في صنعاء، وخلال بقائك تشعر أن الأمور ممكن تتجه إلى اتجاه لا تعرف نهايته.. وهذا الإحساس عند الكل»

 

أصعب اللحظات في اليمن 

ويخلص عبدالوهاب إلى أن الإحساس العام للمسافر إلى اليمن يتمثل في مشاعر الخوف التي تحيط بالمسافر، وبخاصة في مطار عدن، والتي كانت، كما يقول: «أصعب لحظات عشناها في اليمن، وتحديدًا في موقف المطار عندما وجدنا الغوغائية المخيفة، والتي تعتبر النقطة السوداء المرعبة عند دخولك اليمن».

وأشار إلى عدم وجود انضباط نظامي من عدن إلى تعز في ما يخص النقاط، أما في مناطق سيطرة جماعة أنصار الله، فعلى الرغم من الانضباط الأمني، «إلا أن الواحد يشعر أن هناك شيئًا من الديكتاتورية»

ولم ينسَ عبدالوهاب التنويه بما اعتبره أصالة أهل عدن، إلا أنه، كما يقول «ليس لهم سيطرة على المدينة»

 

نصائح

في ما يتعلق بنصائحه للمسافرين من أميركا إلى اليمن، فقد أهاب عبدالوهاب بالمسافر التزام التالي: 

  1. استخدام وسائل نقل لشركات موثقة، بما فيها الباصات السياحية.
  2. اترك مهمة التعامل مع النقاط لسائق وسيلة النقل؛ لأن أمورهم مرتبة مع النقاط.
  3. استخدم الوثائق الثبوتية الأميركية.
  4. إذا عندك عائلات لا تسافر بعفش (أمتعة) زيادة؛ فالعفش الزائد يعرضك للاستغلال.

كان سفر عبدالوهاب إلى اليمن في نوفمبر 2020 ، وغادر اليمن في أبريل 2021م، حيث أمضى فيها ستة أشهر.  

أما عن مغادرته، فيقول إن رحلته من صنعاء إلى عدن كانت أسهل؛ لأنه رتب أموره مع شخص مسؤول في عدن سهّل له كل الإجراءات، ولم يعرضه لأي ابتزاز، سواء في الطريق أو المطار، وكما يقول: «لو هذا الشخص غير موجود كنت سأتعرض للابتزاز بدرجة كبيرة»

خلاصة الرحلة، يقول: «الوضع مخيف جدًّا، بل تشعر أنك في مغامرة مكتملة الأطوار منذ خروجك من الطائرة حتى وصولك إلى البيت في صنعاء، وخلال بقائك تشعر أن الأمور ممكن أن تتجه إلى اتجاه لا تعرف نهايته.. وهذا الإحساس عند الكل!».

   
 
إعلان

تعليقات