فكري قاسم *
زمان في هاذيك الأيام لما كان معانا دولة وبلاد متعافية ودوري عام نشط ومباريات مستمرة وأندية وملاعب مفتوحة وجمهور ملان المدرجات كانت هزائم منتخبنا الوطني لكرة القدم من أكثر الأشياء اللي تضجر بي وتشعرني بالسأم وبالإحباط، وابدأ أشوف أي مباراة بعين السخط من واقع منتخب طول عمره وهو يحتك ولا تخارج ولا خارجنا لطريق، وأكره كلّ المبررات اللي تلتمس لهم ولهزائمهم الأعذار وأقول ليش احنا هكذا دبور يا ربي؟
خصوصًا لمّا يلعب منتخبنا مع منتخب السعودية اتسمر جنب شاشة التلفزيون لا لمشاهدة المباراة والاستمتاع بها فقط، وإنما لمشاهدة تاريخ طويل من الانتكاسات ورصد هتافات وتطلعات الجمهور اليمني المتعطش لشهقة فرح تعيد له اعتباره المُهان في بلاد الكفيل اللي يتزنط عليه..
وكم يشترخ رأسي بعد كل هزيمة كروية من منتخب جارتنا المتفوق أصلاً، واجلس طول الوقت مطنن طفشان اتساءل: أيحين عنتخلص من عقدة الفارق المادي اللي مخليه منتخبنا الوطني لقمة سهلة لكل منتخبات الجيران، ولا ألعن الفقر لأن بلادنا مش فقيرة، ولاعبينا مش أقل من غيرهم في المهارات، وإنما ألعن سنسفيل الفقر الكامن في قلوب ونفسيات قادة هذي البلاد وكبارات رجال أعمالها الأثرياء اللي لو كل واحد منهم تبنّى واحدًا من المنتخبات، ويعتبره منتجه الوطني وواجبه الاجتماعي تجاه بلاده وشعبه لكان وضْع منتخباتنا الوطنية أحسن حالًا مما هي عليه الآن.
لكن الله يلعن أهل الطمع من التجار ورجال المال والأعمال، ويلعن أهل القادة السياسيين اللي لا عرفوا يلعبوا سياسة سواء، ولا عرفوا طعم انتصاراتها ولا ساعدوا منتخبات بلادهم في توفير إمكانات وأجواء مناسبة لهم لتحقيق انتصارات كبيرة ومفرحة في الميدان.
هذا السخط كله كان زمان طبعا، أما ذلحين واحنا بلاد متعثرة وخاربة ومحاصرة وممزقة أوصال وما بش معانا دوري نشط ولا معانا ملاعب مفتوحة ولا جمهور
ولامعانا في الداخل ولا في الخارج قيادات سياسية عندها حتى وطلتين اهتمام بالرياضة وبالشباب. والحرب اللعينة مستمرة في إهدار الطاقات لصالح الموت والخراب والخصومات السياسية، ولا معانا سفارات ولا مطارات، ومنتخباتنا الوطنية تسير للعب في بلدان الناس تهريب، وتخوض غمار المنافسات الدولية هكذا بالبركة، بلا معسكرات إعداد وبلا مباريات تجريبية مع فرق قوية، ونفسيات اللاعبين زي الزفت وظروفهم مشعتلة حرام اننا أشوفهم داخل الملعب في أيّ مباراة مع أيّ منتخب كان قوي أو ضعيف والدمعة مخنوقة في عيوني عليهم وعلينا وعلى حال بلاد كسيرة تبحث في شبان منتخباتها الوطنية عن أيّ انتصار معنوي يمنحها شوية زهو مؤقت بين الناس بعد أن هزمها قادتها السياسيين ومرغوا وجهها بالتراب.
وبعد أنْ تخلى عنها كل أبنائها الميسورين والأثرياء الذين رضعوا حليبها وخيراتها والكل جازوها مثلما جازى الحمار أمه.
وأيش من نتائج إيجابية ننتظرها من منتخب ما عد يوصل إلى أرضية الملعب إلا وقدو تاعب ملاحقة ومهزوم نفسيًّا ولا محفزات ولا مكافآت سواء، وما معاهم إلا هتافات الجمهور المخلص.
وكثر خيرهم أن عادهم بيلعبوا وما فلتوا الرياضة وساروا يتبندقوا ويتخندقوا بعد فلان وعلان؟!
ويكفينا من هذي المنتخبات أيًّا كانت نتائجها أنها الوحيدة اللي عادها توحد مشاعر اليمنيين الأشتات، وتجمعهم تحت راية علم وطني واحد وهتافات واحدة تصرخ باسم اليمن الواحد، وهذا بالنسبة لي أهم وأكبر انتصار معنوي في هذي الظروف اللعينة.
وأما لمّا يفوز المنتخب أو أسمع كلام المعلق يشيد بأدائه أو يشيد برباطة جأش جمهور المنتخب اليمني ياسلاااااام والسعادة الغامرة اللي أشعر بها، وأشوف المباراة طول الوقت، وخافقي يردد: حيوا اليماني حيوه…
وبالتوفيق لمنتخبنا في مباراة بكرة مع منتخب اوزباكستان.
*كاتب يمني ساخر.
تعليقات