جيمس زغبي*
تاريخياً، اتجهت معاداة السامية نحو العرب واليهود المنحدرين من الأصل نفسه. وهو صراع غربي إلى حد كبير ضد الشعبين الساميين. أحدهما –اليهود- حيث وجدهم الغرب يعيشون وسط مجتمعاته واعتبرهم تهديداً داخلياً. والآخر –العرب- واجههم الغرب كتحد خارجي، لكنه اعتبرهم بالمثل تهديداً لبقائه. وهذا العداء للساميين لا يختلف عن الصراعات العرقية والقبائلية الأخرى، لكنه أكثر اتساعاً واستمراراً في عنفه وكثافته.
ويُنظر إلى العرب واليهود على أنهم أشرار، ومنظماتهم وثرواتهم، بل وهوياتهم الجمعية نُظر إليها باعتبارها مدمرة للغرب. والنتائج مدمرة لكلا الشعبين اللذين عانيا تاريخاً من الصورة الشريرة التي رُسمت لهما، ومن الحملات المتواصلة من العنف المنهجي. فقد عانى اليهود من المجازر والمحرقة، ووقع العرب ضحية الغزو الاستعماري العنصري.
وقبل عقد من الزمن، أجريت دراسة عن الرسوم الكاريكاتورية السياسية والصيغ الأخرى من الثقافة الشعبية، مقارناً بين الصور الكاريكاتورية لليهود في روسيا القيصرية وألمانيا ما قبل النازية، وبين الصور الكاريكاتورية للعرب في الولايات المتحدة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. واتضح تطابق محتوى وصيغة المعالجات لليهود والعرب على السواء. وأكثر صورتين نمطيتين انتشاراً عن اليهود في روسيا وألمانيا تشابهت مع أكثر صورتين شيوعاً عن العرب في الرسوم الكاريكاتورية الأميركية.
فالمصرفي أو التاجر اليهودي البدين المنفر الشكل يجد له مقابلاً معاصراً في شخصيات عربية مفرطة البدانة. وصور الإرهابيين العرب واليهود لا فرق بين الأشخاص فيها إلا في الملابس. وعوملت كلتا الجماعتين بشكل غير رسمي باعتبارهما أغراباً أو أعداء. واُتهمتا بعدم تبني القيم الغربية وارتاب فيهما الغرب واعتبرهما من العناصر التي قد تشارك في مؤامرة.
ونظر الغرب إلى الجانبين باعتبارهما من مغتصبي ثروات الغرب، واتهمهما بالشهوانية تجاه النساء واعتبرهما تهديداً للحضارة الغربية. وتم تصوير اليهود باعتبارهم يرتبطون داخلياً بالجشع الرأسمالي، ويرتبطون خارجياً بالعنف والفوضي والشيوعية. وجشع العرب، اعتبر مسؤولاً عن تصاعد التضخم في الغرب.
ونظر الغرب إلى العرب باعتبارهم العوامل الرئيسية المسؤولة عن الإرهاب الدولي قبل فترة طويلة من هجمات الحادي عشر ورد الفعل المتعصب ضد المهاجرين العرب في أوروبا. والعنصر المأساوي في الأمر أن الجماعتين اللتين واجهتا بعضهما البعض في الصراع على فلسطين وقعا ضحية استخدام وإذكاء بعض هذه الصيغ نفسها من الصور النمطية السلبية ضد بعضهما البعض.
وفي هذا السياق، لطالما أزعجني أن يستخدم بعض العرب الصور المجازية المتداولة المعادية للسامية في وصف السيطرة اليهودية على الإعلام أو الحكومات أو المصارف. وبالمثل، فمن المزعج للغاية أن تصف المنظمات اليهودية الكبيرة الجالية العربية الأميركية بأنها «خيال من صنع دولارات البترول» لا وجود لها إلا لمهاجمة إسرائيل. أو مشاركة بعض الجماعات في مسعى «التفتيش في الضمائر» لفضح المانحين العرب، بينما من الواضح أنه لا يمكن القيام بالشيء نفسه تجاه اليهود وينبغي أن يكون هكذا.
ولا يتعين أبداً مواجهة التعصب بتعصب مقابل. فالعرب- الفلسطينيون، في هذه الحالة – لا يتعين أبداً إضفاء صفة الشر عليهم وتجريدهم من إنسانيتهم أو تحميلهم جماعياً مسؤولية أعمال بعض الحكومات أو الجماعات العربية. وفي المقابل يجب ألا يجري شيطنة اليهود أو تحميلهم جماعياً مسؤولية بعض تصرفات دولة إسرائيل أو بعض المنظمات اليهودية. والكلمة السواء هنا هي أن الجماعتين تواجهان تحديات، ويعد أفضل ما يمكننا القيام به لمواجهتهما هو فهم نقاط ضعف كل جانب وآلامه والتعهد بألا نستخدم التعصب كسلاح ضد بعضنا البعض.
*رئيس المعهد الأميركي العربي- واشنطن
تعليقات