يتداول ناشطون، بين الفترة والأخرى، أخبارًا مفادها قيام هيئات محسوبة على الإمارات في «جزيرة سقطرى» بأعمال ذات ضرر بالغ بتراث وثقافة الجزيرة، وهي أعمال بالغة الخطورة، بصرف النظر تم تأكيد صحتها أو نفيها، انطلاقاً من أن استمرار تداول هذه الأخبار دون رد فعل من حكومة هادي يُمثّل – في نظر المتابعين – عملاً أخطر من المخالفات نفسها.
في السياق؛ مؤسسات ونشطاء أعربوا عن الاستنكار والقلق مما تشهده الجزيرة من تعتيم لحقيقة ما يثار عن أن أعمالاً تستهدف بالضرر تراث الجزيرة من قِبل قوة هي وحدها صاحبة النفوذ على الجزيرة، مستغلة ما تشهده البلد من حرب أضعفت قدرتها على التعامل الوطني المسؤول مع كل الاختلالات، بما فيها ما تعانيه سقطرى من مخالفات تهدد مكوّنها البيئي الفريد، وبخاصة على مستوى المكون النباتي والحيوي، حيث تتمتع الجزيرة بمكوّن لا يتوفر مثيل له في العالم.
سفير اليمن في اليونسكو الدكتور أحمد الصياد أوضح إنه في حال وصل إلى المنظمة الدولية ما يثبت ما يتم تداوله من مخالفات تمس التراث الطبيعي للجزيرة فإن المنظمة ستندد وستشكل بعثة لزيارة الجزيرة إنْ سمحوا لها بذلك حد قوله، في إشارة إلى أنه قد لا يُسمح لبعثة المنظمة الدولية بزيارة الجزيرة.
حديث الصياد لا غبار عليه؛ فالمنظمة الدولية تنتظر تقارير موثقة، فيما الجزيرة شبه مغلقة، وحكومة هادي ضمن تحالف عسكري، ويعتقد مراقبون أنها لن تعمل على رفع تقارير تُدين طرفًا في التحالف خلال مرحلة حرب، لا سيّما وأنها لم تجرؤ – سابقًا – حتى على نفي أو تأكيد ذلك إعلاميًّا.
في ذات السياق لا يُمكِن قراءة ذلك بمعزل عن المعركة التي شهدتها مدينة عدن أواخر كانون الثاني/ يناير بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات وقوات الحماية الرئاسية الحكومية، والتي انتهت بهزيمة الأخيرة وسيطرة الأولى على المدينة لتنتهي الأحداث باتفاق عادت بموجبه القوات لثكناتها؛ وهو اتفاق أثار الكثير من التساؤلات.. تساؤلات لم تُلغِ انكسار قوات الحماية الرئاسية وبداية صفحة جديدة في عدن تحت هيمنة قوات خارج عباءة الدولة، ممثلة في قوات الحزام الأمني.. لكنها تؤكد أن التحالف بدأ مرحلة جديدة في السيطرة والتحكم كمقدمة لمرحلة لم تتضح ملامحها بعد.
وشكّل التحالف – ممثَّلاً في الإمارات، في محافظات الجنوب، منذ انسحاب الحوثيين – وحدات مسلحة خارج عباءة الدولة، تحت اسم أحزمة أمنية وقوات نُخبة، وهي قوات تراجعت مقابلها قوة الدولة التي يُمثّلها هادي، بل أصبح الجنوب كله مفخخًا من خلالها – وفق مراقبين، وقد تجعله تلك القوات عصيًّا على العودة إلى الوحدة، وعصيًّا في ذات الوقت على الانفصال.
في ظل تراجع قوة الدولة أمام تصاعد قوى خارج عباءتها في مناطق سيطرتها لا يمكن السؤال عن تفسير لمخالفات ترتكبها قوى هنا وهناك، بل يمكن السؤال: إلى أين ستنتهي هذه المعركة بالبلاد في ظل تخاذل القرار الوطني عن مسؤوليته تجاه سيادة ووحدة وسلامة بلاده وخذلان القرار الدولي عن تحمّل مسؤوليته تجاه كل هذا العبث بمصير هذا البلد المحاصر والمنهك بعد كل هذه السنوات من الحرب الظالمة على شعبه وضد مستقبله وثقافته وتراثه أيضًا؟!
تعليقات