جيمس زغبي*
تحدثت، الأسبوع الماضي، في مؤتمر عن العنصرية القائمة على أساس معاداة السامية ومعاداة العرب. واستضاف المؤتمر «مدرسة آنينبيرج للإعلام» في جامعة ساوث كارولاينا وبرعاية مشتركة من المعهد العربي الأميركي وعدد صغير من الجماعات اليهودية الأميركية القومية. وبالنسبة لي، كان هذا الموضوع شديد الشخصية. لقد نشأت وأنا أتعلم أموراً عن معاداة السامية.
ففي طفولتي، كانت أمي تقرأ لي مقتطفات من كتاب «يوميات فتاة صغيرة» بقلم آن فرانك وكتاب «خطابات من أبي الروحي» بقلم «آغنيس دو سارمنت»، الذي يصف فيها أحد جنود المشاة في الحرب العالمية الثانية معسكرات التصفية بعد تحريرها.
وإحدى الذكريات المهمة هي بكاء والدتي حين بلغتها أنباء إعدام ايثيل روزنبيرج، لأنها شعرت أن روزنبيرج أُعدمت لأنها يهودية وليس لأنها كانت جاسوسة للسوفييت، وكانت تبكي حزناً على ابنيها اللذين كانا في عمري أنا وشقيقي. لقد كنت حساساً في سن مبكرة لهشاشة الشعب اليهودي، وتقدمت إلى مرحلة الرشد بهذه الحساسية. وأغضبني استخدام عبارات مجازية معادية للسامية مثل أن «اليهود يملكون البنوك» أو أنهم «يسيطرون على الإعلام» أو توجيه الاتهامات إلى أشخاص بناء على هويتهم كيهود، مما يوحي بأنهم ينطوون على خبث أو عدم أمانة. معادة السامية كانت تمثل مشكلة حينذاك ومازالت حتى الآن، مع تعرض الجماعات والمؤسسات اليهودية للتشويه والصور النمطية السلبية والعنف.
وبالانتقال إلى التعصب المعادي للعرب، أشرت إلى تشويه سمعة العرب في الثقافة الشعبية والألم الناتج عن هذا في جاليتي وخاصة بالنسبة لأطفالنا. وتحدثت عن رد الفعل الصادم الذي واجهناه حين ضرب إرهابيون البلاد في الداخل والخارج، سواء كان الجناة عرباً أم غير عرب، مثل الحادث الإرهابي في مدينة أوكلاهوما. وانتهزت هذه الفرضة أيضاً لأعالج الطريقة التي يجري فيها الربط بين التعصب القائم على معاداة العرب وبين تعريف خاطئ لمعاداة السامية يستخدم ضد الأميركيين العرب.
لقد نشأت في مجتمع مهاجرين متنوع الأعراق، ولم أكابد شعور معاداة العرب في حد ذاته حتى دخول الجامعة. ومن المثير للسخرية أن هذا الشعور بالتمييز ظهر إلى حد كبير من جانب أعضاء الجالية اليهودية. فقد هددت رابطة الدفاع اليهودية حياتي. وخسرت وظيفة في التدريس لأن بعض الآباء اليهود شعروا بالقلق من تعليم عربي لأولادهم. وفي مقابلة لأول وظيفة للتدريس بدوام كامل في الجامعة، أُخبرت بأن تدريسي سيقتصر على المواد الدينية لأن قيامي بالتدريس عن الشرق الأوسط سيكون «مثيراً للجدل للغاية». وتعين علي الدفاع عن حقي في العمل في ائتلافات سياسية لأن بعض المنظمات اليهودية اعترضت على وجودي.
وكان من المثير للقلق بشكل خاص أن أوصف بأني معادٍ للسامية لأنني انتقدت الظلم الإسرائيلي للفلسطينيين. وعلى مدار العقود التالية، أسست وأدرت عدة منظمات مثل «حملة حقوق الإنسان الفلسطيني» التي تبنت قضايا فردية لضحايا الاعتقال والطرد من الفلسطينيين، و«اللجنة الأميركية العربية لمناهضة التمييز»، التي حاربت التشويه في وسائل الإعلام والتمييز ضد الأميركيين العرب، و«المعهد العربي الأميركي» الذي ينظم عمل الأميركيين العرب في السياسة الأميركية ويدافع عن اهتماماتهم.
وفي كل من هذه الجهود، واجهنا الإقصاء والتشويه الذي قادته جماعات يهودية أميركية كبيرة دأبت على الخلط بين تأييد الفلسطينيين أو معارضة السياسات الإسرائيلية وبين معاداة السامية، مما أدى إلى عواقب مؤلمة لجماعتي ودمر قدرتنا على المشاركة الكاملة في العملية السياسية. فكانت الائتلافات تتعرض لضغوط حتى ترفض اشتراكنا، والمرشحون كانوا يرفضون مشاركتنا أو مساهماتنا المالية أو دعمنا.
وانتعشت جرائم الكراهية، بما في ذلك التهديدات بالقتل أو العنف، بسبب التشويه المتواصل للأميركيين العرب الذين ينتقدون إسرائيل باعتبارهم معادين للسامية أو من أنصار الإرهاب. أصبح لدينا اليوم من النفوذ ما يكفي لنحمي أنفسنا ضد هذه الاتهامات المدمرة. وتحمينا أيضاً قوات إنفاذ القانون وجماعات الدفاع عن الحقوق المدنية وطائفة من المنظمات اليهودية التقدمية.
لكن يتعين بذل المزيد من الجهد في ظل ضغط جماعات يهودية رئيسية على مشرعين لإقرار المساواة بين انتقاد إسرائيل ومعاداة السامية وتكثيف هجماتهم على شخصيات عامة تنتقد تحركات إسرائيل. ولذا رحبت بفرصة المؤتمر لأتحدث وأوضح أن معاداة السامية يجب إدانتها ومعارضتها، لكن أيضاً يجب تحديد تعريفها بوضوح وعدم استخدامها أبداً لإخراس الانتقادات الشرعية لإسرائيل أو لتشويه سمعة الأفراد الذين ينتقدون إسرائيل.
رئيس المعهد العربي الأميركي- واشنطن
تعليقات