تحوّل يوم الثالث من نيسان/ أبريل هذا العام في ولاية “ميشيغان” من يوم لإشاعة الكراهية ضد المسلمين إلى يوم لنشر المحبة وتكريس قيم التعايش ؛وهو ما أثبته حتى أتباع الديانات الأخرى في علاقتهم بالمسلمين الذين ظهروا أكثر تماسكاً وحرصاً على تجسيد معاني المحبة وإثبات أن الإسلام دين تسامح، وضد الإرهاب..
ميشيغان- «اليمني الأميركي»:
وكانت مجموعة مجهولة حددت الثالث من نيسان/ أبريل من كل عام موعدًا لتصعيد أعمال عنف ضد المسلمين في كل مكان، فيما يُسمى بـ “يوم معاقبة المسلم”، حيث يتم إرسال رسائل بريد الكتروني، تتضمن تهديدات، بالإضافة إلى ممارسة سلوكيات في الأماكن العامة تستهدف بعض المظاهر العربية والإسلامية، مع تحريض على العنف ضد المسلمين ومنازلهم وأماكن عبادتهم من خلال دعوات الكراهية والعنف..
اعتداء
لا يُمثّل الثالث من نيسان/ أبريل اليوم الوحيد في العام الذي يتعرض فيه العرب والمسلمون في الغرب لمخاوف كهذه، فبعض العنصريين يستبقون ذلك اليوم، بل يستبقون شهر نيسان/ أبريل، ويبدأون بإرسال رسائل التهديد وممارسة بعض التصرفات ضد العرب والمسلمين من شهر آذار/مارس؛ ففي أواخر شهر آذار/ مارس تعرضت فتاة مسلمة محجبة، إلى هجوم عنيف من قِبَل رجل خلال وجودها في مستشفى “بومونت” بولاية “ميشيغان” الأميركية، وهو ما وُصف بأنه استجابة مبكرة لدعوات عقاب المسلمين.
وتعرضت الضحية التي تبلغ من العمر (19) عامًا، للاعتداء خلال تحدثها لموظفة في مكتب الطوارئ بالمستشفى، فحينئذ هاجمها رجل من الخلف دون سابق إنذار، ووجه إليها عدة ضربات بقبضته.. وعلى الفور هَبّ الموظفون لمساعدتها وتخليصها من الضرب المبرح الذي تعرَّضت له.. وأُلقي القبض على المهاجم، والذي يدعى “جون ديليز”، ويبلغ عمره (57) سنة، وكشفت سجلات الشرطة أنه قام بمضايقة آخرين في الردهة قبل أن يهاجم ضحيته المسلمة.
يشار إلى أن الفتاة رفعت – وفق وسائل إعلامية -دعوى قضائية ضد (ديليز)، من أجل التعويض، كما أنها طالبت المستشفى بتعويض قدره 25 ألف دولار، لفشلها في تفادي الاعتداء الذي تعرَّضت له من قِبل (ديليز).
ونقلت وسائل إعلام عن محامي الضحية “ماجد مغني” قوله: “إنه كان يمكن تجنب الحادث لو لم يترك موظف الأمن المكان، وقام الموظفون في المستشفى بمراقبة هذا الرجل”..
وقال محامي الضحية: “نريد أن نُحمّلهم المسؤولية لعدم حمايتهم، ليس فقط لموكلتي، ولكن أيضًا للمرضى الآخرين… هدفنا الأول هو التأكد من عدم تعرض أي إنسان للهجوم بهذه الطريقة”.
ووفقًا لتصريحات صحافية فإن ضابط أمن كان قد قال في التقرير الذي أعده حول الواقعة: إن أحد ضباط الأمن في المستشفى قال له إن المعتدي كان يتجول بين الموجودين بحثًا عن سجائر.
وكانت المستشفى أصدرت بيانًا عن الحادثة ورد فيه: «استجاب أفراد الأمن في المستشفى على الفور، واتخذوا إجراءات لحماية المريض والآخرين في غرفة الطوارئ.. كما تم الاتصال بالشرطة في «ديربورن»، وتعاون الموظفون بشكل كامل في التحقيق.. ونحن نفخر بخدمتنا لهذا المجتمع المتنوع، ونريد أن يشعر جميع المرضى بالترحيب»..
تفاعل
وأوضح الدكتور مهدي علي – رئيس الجمعية الإسلامية في أميركا – لصحيفة اليمني الأميركي: لم يصلنا أيّ إخطار أو تنبيه من المؤسسات المحلية من شرطة «ديربورن» بوجود تهديد حقيقي ضد الجالية المسلمة؛ ولذلك لم نتخذ أي إجراء إضافي من جانبنا، ولم نرد أن نشيع الخوف بين أوساط الجالية في أخبار تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعية.
وأضاف: صحيح كان يومًا مخيفًا لبعض الأسر والأطفال، ومُنع البعض من الخروج في هذا اليوم، الا أننا في الجمعية لا نتعامل مع أخبار تبثها وسائل التواصل الاجتماعية؛ لأنها فردية، وتُعبّر عن شخصيات، ولم تأتِ من وسائل أمنية رسمية.
التواصل الاجتماعي
فيما ذكر الناشط الاجتماعي والثقافي عبد الجليل أحمد لصحيفة اليمني الأميركي إنه تعامل مع اليوم كحادثة عادية جداً. وقال: إن مواقع التواصل الاجتماعي التي حاول البعض الاستفادة منها سلبياً وطرح أشياء غير واقعية قد جعلها أصبحت غير ذات أهمية من حيث الجدية.
الابن الأصغر لعبدالجليل (محمد) تعامل مع بعض العنصريين بإيجابية، وخاصة بعد أن رأى حالة الشابة التي اُعتدي عليها في المستشفى. حيث وجه رسالة باللغة الإنجليزية: ساعد في نجاح اليوم إنسانياً، كن لطيفاً مع اي شخص في أي مكان ولا تنزل من قيمته. لو هناك شخص حصلت له أذية أذهب وساعده. حاول أن تصنع طعاماً لجارك وأشكره.
أما المدرب الرياضي أحمد علوان فقد قال لصحيفة اليمني الأميركي إن الخوف كان واردا في هذا اليوم، إلا أنه نصح أولاده بالخروج وممارسة برامجهم الطبيعي؛ «فالعنصرية موجودة، ولكن علينا أن نواجهها بالطرق الصحيحة وتبليغ الجهات الأمنية وعمل الاحتياطات اللازمة».
وأضاف: «إن هذه التهديدات هي مسؤولية الأمن أولاً وأخيراً، ويجب علينا كمسلمين ألا نخاف من أي حدث أو منشور هنا وهناك. وما يقلقني إنني واسرتي بدون سلاح لأننا هنا نعيش بأمن وأمان».
جامعة واين ستيت
من المعاني الجميلة التي كشف عنها هذا اليوم هو ما أبداه بعض المسيحيين من تعاطف مع المسلمين، والذين قدموا صورة لما يجب عليه أن يكون عليه الجميع في تسامحهم وتعايشهم مع بعضهم من خلال حرصهم على أن يكون هذا اليوم يوم حب للمسلمين، وهو ما تجلى من خلال ما شهده اليوم من توزيع للحلويات في جامعة «واين ستيت».
تقول هديل التركي، الطالبة في جامعة «واين ستيت» في تصريح لصحيفة اليمني الأميركي: «لقد قضيتُ يومي الدراسي كأي يوم عادي كوّني اتواجد في بيئة تتجانس بتنوعها، ولثقتي بأن الأغلبية العظمى من المواطنين الأمريكيين لا يمكن لهم قبول فكرة سخيفة كهذه بل على العكس رأينا بعض الزميلات قمن بتوزيع الدونات، داعيات إلى جعل هذا الْيَوْمَ يوم حب للمسلمين».
تعليقات