عبدالباري طاهر
في البدء لا بد من الإشارة إلى أن تيار التوافق الوطني عقد ندوة حوارية في عمان في الفترة من 8 – 11 يوليو 2023، وعلى مدى أربعة أيام قدمت العديد من الأوراق. قرأت بعضًا منها في عدد سابق من «صحيفة اليمني الأميركي»، وأقرأ في هذا العدد بعضًا من أوراق الندوة، وأعتذر للخطأ في اسم الأستاذ عبدالرحمن الصالحي، كما أعتذر أيضًا للزملاء والزميلات الذين واللواتي لم أتمكن من قراءة أوراقهم؛ لعدم الحصول عليها.
قدم الأستاذ أيمن محمد ناصر ورقة بعنوان «اللقاء التشاوري الأول لقوى ومبادرات السلام في اليمن من أجل صناعة السلام في اليمن»، تتناول محورين. المحور الأول: محددات واستحقاقات كل من إيقاف الحرب، والتأسيس لسلام مستدام من منظور تاريخي تحليلي.
يرى الأستاذ أيمن أن الأحداث، وهي تدخل عامها التاسع، قد لا تكون حققت الحسم العسكري لأي طرف، ولم تضع الأطراف على طاولة المفاوضات، إلا أنها قد أوجدت شيئًا من الأمل في النفوس، ويشير إلى إعلان الرئيس الأمريكي لإنهاء الحرب في اليمن، كما يتناول نقل السلطة الشرعية من الرئيس عبد ربه منصور إلى قيادة من ثمانية أعضاء، أربعة من الجنوب وأربعة من الشمال، ويقرأ دلالات ومبررات التشكيل، ويحددها بعدم تحقيق الشرعية نتائج على الأرض طوال الثمانية أعوام، ورغبة السعودية في الخروج من الحرب، وحرصها على شرعية تدخلها، وإبرام هدنة عسكرية وإن لم يتم تجديدها، وعودة العلاقات السعودية – الإيرانية.
ويدرس باستفاضة البعد التاريخي للصراع في اليمن، ودور الخارج فيه، وعدم تحقيق سلام مستدام في تلكم الصراعات.
يتناول حرب الجمهوريين والملكيين عقب ثورة سبتمبر 1962، كما يقرأ حربي 72 و79 بين الشمال والجنوب، و13 يناير 1986، ويقف إزاء حرب صيف 1994، كما يقرأ وثيقة العهد والاتفاق، وقرارات مجلس الأمن عن حرب 1994، كما يتناول حروب صعدة 2004، ويتناول محددات واستحقاقات إنهاء الحرب، وصولاً إلى الخلاصة.
في محددات إيقاف الحرب، وضرورة إشراك السعودية الأمم المتحدة في التوافق السعودي- الحوثي، والانتقال إلى مفاوضات يمنية – يمنية، ووجوب اعتراف أنصار الله بالأطراف اليمنية الحالية، والتوافق على معالجة القضية الجنوبية.
كما يتناول في المحور الثاني قراءة الحالة اليمنية: أسباب الحروب، وآفاق السلام في ضوء استخلاصات المحور الأول، داعيًا إلى إحياء السلام، والاتفاق على سلام شامل بل ومستدام، ويرى – ومعه حق – أن أطراف الصراع غير متفقة حول مفهوم السلام، ويفند رؤى الأطراف المختلفة.
ويقدم في محور ثالث أفكارًا أولية لمشروع ترتيب صفوف قوى السلام اليمنية في الداخل والخارج، ويقرأ ترتيب قوى السلام، والخطوط العريضة لقوى السلام، ويتناول مسودة مشروع ميثاق لتحالف قوى ومبادرات السلام في اليمن.
ورقة طاهر شمسان والبحث عن بناء تحالف واسع من أجل السلام
يرى طاهر شمسان أن واقع السلام مازال مغيبًا، وأن وعي السلام وأهميته ودوره غير محسوم، ويقرأ قوى السلام من خلال الجهود التي تمارسها بعض المنظمات والمؤسسات الأهلية وبعض الشخصيات العامة، ويحملها في اتجاهين، الأول: قوى يحركها الشعور بضرورة اجتراح فعلٍ ما، لإيقاف نزيف الدم اليمني، ويعتبرها قوى منبثقة من واقع الحرب، والثاني: قوى يحركها الوعي بأهمية السلام، وتعمل قبل أن يندلع الصراع، ويرى أن هذه القوى غائبة عن مباحثات السلام، ولم تقدم أي دراسة عن المباحثات الجارية، وما تزال مبعدة.
ويقترح بناء بيلوجرافيا، ليسهل التواصل فيما بينها، وتقديم رؤية شاملة ومشتركة، وعن كيفية الوصول إلى قوى السلام اليمنية، يمكن من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في عمل موقع أو صفحة أدبيات قوى السلام، ويرى أن أدبيات السلام ما تزال في طور الرؤى والتطلعات المقصورة على أحلام وأمنيات، وليست أكثر من المناشدات والتمنيات، والتذكير بما آل إليه واقع الحال.
وعن إمكانية بناء السلام في الواقع، يرى طاهر أن تداعيات الحرب أكبر من أن يتحملها أحد، متوقعًا – ومعه حق – أن تأتي على الجميع بما في ذلك صناعها. ويرى أن كل حديث عن وقف الحرب هو حديث عن السلام، ويرى فاعلية وتأثير العوامل الخارجية على الداخل، ويرى ضرورة قراءة الواقع الراهن، وأن الواقع بين كل الأطراف يتسم بفقدان الثقة، فليس ثمة مشروع سياسي جامع، وأن هذا مصدر تفشي الإحباط والتردي، وتبدو العلاقة بين هذه الأطراف تأثيرية، ما يصعب مهمة دعوة السلام، مؤكدًا على وضع آلية موضوعية، وتبني القواسم المشتركة، ويقدم منطلقات من أجل السلام، معتبرًا التحالفات حجر الزاوية، وإبراز دور المجتمع المدني، ويقدم رؤية للتخفيف من آثار الحرب، ويتناول دور المجتمع المدني في بناء السلام، فالمدني والأهلي عامل رئيسي في بناء السلام، كما يدعو إلى إنشاء صندوق من أجل بناء السلام، وتقديم تصور جامع لدعم السلام، كما يدعو إلى إطلاق وثيقة مبادئ من أجل السلام، ونشر ثقافة الشراكة، مؤكدًا على أهمية اعتراف اليمنيين أنهم شركاء، كما يؤكد على نشر ثقافة الحوار، ووضع برنامج من أجل السلام، ويقف إزاء التحديات والعوائق، وهي مادية وثقافية وسياسية، ويحددها بغياب الاستثمار.
وفي الثقافي تطبع قطاع واسع على الحرب، وعدم قبول الآخر، وفي السياسي فانتشار خطاب الكراهية، والتحريض والحشد.
ويتناول الأهداف من أجل تفعيل قوى السلام، مشددًا على أهمية تحالف قوى السلام، وأن العمل من أجل السلام ليس خيارًا قابلاً للتأجيل.
نحو تكوين تحالف لقوى السلام لإيقاف الحرب وتأسيس لسلام مستدام في اليمن.
عنوان ورقة الأستاذ حسن الدولة. منذ البداية يتوقع حسن الدولة، ومعه حق، انفراجًا يلوح في الأفق جراء التقارب السعودي – الإيراني من جهة، وأنصار الله من جهة أخرى، داعيًا إلى توحيد الجهود والطاقة من خلال تحالف وطني، ومن أجل إيقاف الحرب. ويشير إلى الخطوط العريضة لميثاق شرف سياسي، داعيًا قوى السلام إلى رص صفوفها لتكون قوة ضاغطة كمقدمة لتهيئة الظروف نحو وقف نهائي للصراع، ووضع ضوابط كفيلة بعدم اللجوء مستقبلاً للعنف في حل الخلافات السياسية، وتوفير مناخ للحرية والعدل واحترام حقوق الإنسان، داعيًا لتحالف يوقف الحرب، ويؤسس لسلام مستدام.
ويتناول محددات إيقاف الحرب، ويقرأ الآثار الكريهة للحرب، وتعدد المليشيات، وينتقد خطاب الكراهية، والتباغض، ودعوات الانفصال والجهوية والمذهبية والسلالية، مشيدًا بجهود المجتمع المدني، وقوى السلام، ويعتبر – محقًّا – وقف الحرب هو المعيار الأول لصدق نوايا أطراف الصراع، داعيًا إلى تحقيق العدالة الانتقالية لمعالجة الجراح الغائرة، ونشر ثقافة التسامح، وتحقيق مصالحة شاملة، مؤكدًا الدعوة إلى بناء سلام مستدام، والتعامل مع الأسباب الكامنة وراء إشعال الحرب، وضرورة إشراك دول الإقليم المتعددة، ومنها السعودية وإيران والكويت وعمان، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، وتطبيع الحياة السياسية، ويدعو قوى السلام إلى الاستئناس بتجارب الآباء، وتقديم التنازلات لصالح اليمن، ويرى أن تحقيق السلام مقدم على بناء الدولة.
ويتناول في المحور الثاني إعادة قراءة الحالة اليمنية، وآفاق السلام، ويقارب بين التقارب السعودي – الإيراني، والتقارب السعودي – المصري، ويدعو إلى تشريك ألوان الطيف المجتمعي وفقًا لما فصل في توقيع وثيقة العهد والاتفاق، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، واتفاق السلم والشراكة.
يتناول التوقيع على اتفاقية الوحدة وما أعقبها من اغتيالات، وحرب 1994، وثورة الشباب 2011، وانتخاب نائب الرئيس عبد ربه منصور، مشيرًا إلى انقلاب صالح وأنصار الله، وتشكيل حكومة الوفاق.
في المحور الثالث يقدم أفكارًا أولية لمشروع ترتيب صفوف قوى السلام في الداخل والخارج، مشيدًا بدور مؤسسات المجتمع المدني، وتقديم قوى السلام المبادرات العديدة، ويناقش في المحور الرابع إمكانية تكوين إطار وطني موحد يقترح تسميته بـ «تحالف قوى ومبادرات السلام»، وتكوين رؤيته، ويقدم الخطوط العريضة لميثاق الشرف، كما يتناول الوسائل والطرق وإصدار البيانات والنداءات المتعلقة بإنهاء الحرب، كما يقرأ التحديات والمعوقات وآليات التمكين المعرفي.
* نقيب الصحافيين اليمنيين الأسبق.
تعليقات