Accessibility links

فكرة التنميط التي يروج لها تـرامـب تعد إهانة لجميع الأميركيين


إعلان
إعلان

بقلم المحامي شريف عقيل

 

لماذا قبل أكثر من مائتي عام هربنا من الاضطهاد الديني على متن ماي فلاور وأتينا إلى أمريكا من انجلترا سعيا وراء الحرية الدينية؟

بالنسبة لجميع أولئك الذين يعتقدون بأن فكرة تنميط المسلمين التي يروج لها ترامب مسألة تخص المسلمين وحدهم، وليست في الحقيقة شيء يدعو للقلق بالنسبة لغالبية الأميركيين، فعليكم أن تفكروا في الأمر مرة أخرى! فكرة التنميط هذه هي أمر يخص كل الأمريكيين وتنخر في أسس هذه الأمة.

في الواقع، فإن المقترح الذي تقدم به ترامب بشأن حظر المسلمين يعتبر اعتداء صريح على التعديل الأول للدستور، ويجب أن يثير نفس الشعور بالغضب والعاطفة لدى نفس هؤلاء الأشخاص الذين يعتقدون أن التعديل الثاني يتعرض للهجوم بشأن السيطرة على السلاح.

ويحظر التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة اتخاذ أي قانون خاص بإقامة دين من الأديان، وإعاقة حرية ممارسة الدين.

وهنا، فإن سياسة ترامب تسعى في الأساس إلى إقامة دين على أكتاف دين آخر، وتعيق (وتثني) الأميركيين المسلمين من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية.

وفكرة ترامب هذه، أيضا، لم يسبق لها مثيل. إستشهد أنصار ترامب بالقول بأن أميركا قد قامت بشي مماثل من قبل من خلال إستخدام المادة 212 (و) من قانون الهجرة والجنسية، حيث تنص على أنه “عندما يجد الرئيس أن دخول أي أجانب أو من أي فئة من الأجانب إلى الولايات المتحدة الأمريكية يضر بمصالح الولايات المتحدة فمن حقه أن يمنعهم من الدخول طوال الفترة التي يراها ضرورية”.

وبتطبيق هذه المادة من القانون، قام الرئيس السابق كارتر في عام 1980بإلغاء التأشيرات للطلاب الإيرانيين للضغط على إيران خلال أزمة الرهائن، وفي عام 1993 استخدمها بيل كلينتون لمنع دخول مواطني هايتي الراغبين في عرقلة المفاوضات لاستعادة حكومة دستورية، وفي عام 2011 استخدمها أوباما لمنع دخول أي شخص ممن ارتكبوا جرائم حرب أو انتهكوا حقوق الإنسان والقوانين الإنسانية المعترف بها.

ولكن ثمة فرق كبير هنا، فقد انصب تركيز الرؤساء السابقين إما على القوميات (التي لم يشر إليها التعديل الأول) أو السلوك، أما هنا فيريد ترامب استهداف عقيدة المرء، بغض النظر عن السلوك، وهذا الأمر يضر بجوهر التعديل الأول للدستور ويعتبر أمرا غير دستوري.

تذكروا بأن السبب الأول لتركنا الوطن الأم في إنجلترا وقدومنا إلى أمريكا كان من أجل تعزيز التسامح الديني. ومن المفارقات أن إنجلترا لديها الآن شخص مسلم في منصب عمدة لندن، فبهذا تذكرنا إنجلترا بأهمية تعزيز الحرية الدينية، وهذا هو نفس المبدأ الذي تتم مهاجمته الآن هنا في أمريكا.

المسلمون هم الهدف اليوم، وإذا ما تم إنشاء هذه البدعة لاستهداف الأديان، فإن الطوائف الدينية الأخرى ستصبح هدفا مشروعا في ذات اللعبة. هذا الأمر يهم الشعب الأميركي كاملا!

 

* المحامي شريف عقيل متخصص في قانون العمل، والتمييز، وحالات حماية المبلغين عن الانتهاكات، والحقوق المدنية، والإصابات الشخصية. يتولى عقيل منصب رئيس المجلس الاستشاري للمجلس الأمريكي لحقوق الإنسان.

   
 
إعلان

تعليقات