صنعاء – أحمد الأغبري
صدرت، في وقتٍ متقاربٍ، روايتان للكاتب اليمنيّ بسام شمس الدين، الأولى بعنوان “نهاية رجل غاضب” عن مركز دال للنشر بصنعاء، والثانية بعنوان “زواج فرحان” عن دار إي – كتب البريطانية في لندن.
الراويتان، وهما السابعة والثامنة في سلسلة روايات الكاتب، تشتركان في أنهما تُعالجان آثار بعض العادات والتقاليد السِّلبية في الريف اليمني، والتي تتسبب في كثير من الإشكالات في علاقات الفرد بالمجتمع.
تتناول رواية “نهاية رجل غاضب” العلاقة بين الأجيال في مرحلة من مراحل التاريخ اليمني الحديث، وتحديدًا في منطقة من مناطق وسط اليمن، من خلال جيل جديد متعلّم يُمثّله الابن (زيد)، وجيل قديم يعتقد أنّ تعليمه الديني المحدود وتطرفه يُمثّل الصواب، وهو الأب (جعفر).
تقاسَم البطولة الابن والأب، والأخير ذهب ضحية نزقه وجهله وتطرفه وعنفه؛ إذ مات نتيجة لدغة أفعى، ومن ثَم أكلت جثته الضباع؛ وهي نهاية أرادها الكاتب للعنف والتطرف، فيما تصالحت الأقدار مع زيد ليخرج من رحلة والده (المقدَّسة) سالمًا بعد أنْ أوشك على الموت معه.
ما يميّزُ تجربة بسام شمس الدين هو قدرته على الإبقاء على السرد متوهّجًا منذ بداية الرواية وحتى نهايتها، علاوة على تمكّنه من استخدام أدواته الفنية وتوظيف خطابه السردي جيّدًا
فيما تناولت رواية “زواج فرحان” مشكلة التمايز والانتقاص الذي يتعامل من خلاله المجتمع مع بعض أفراده، وما ينطوي عليه هذا التعامل من إشكالات؛ وهو ما حاول السارد معالجته في سياق عرض علاقة (أبكر) وابنه (فرحان) بالمجتمع في منطقة بني سعد، وبخاصة مع رفض بني سعد تزويج ابنه من إحدى بناتهم.
تقفُ الرواية على تخوف المجتمع مما يرويه أبكر، وهو حكاء ماهر، من حكاية عن ملكيته لوثائق تُثبِتُ أنّ عائلته هي آخر سلالة بقيت من ذرية السلطان غزوان؛ والسلطان غزوان، وفق السارد، محارِب تصدّى للاتراك عند غزوهم الأول للمنطقة، وخلال تلك الفترة كان أهالي بني سعد يعملون خُدّامًا وعبيدًا لدى السلطان غزوان، ومع ذلك خانوه خلال حربه مع الاتراك، وأرشدوا المحتلين على مواقع اختباء المقاومة.
على هامش ما أثارته تلك الحكاية كانت هناك علاقة حُبّ قد تجذّرت بين فرحان بن أبكر وابنة أكبر رجل في بني سعد… وكان ما يهمّ فرحان هو الزواج بها، غير عابئ بالعادات والتقاليد التي يحاولُ أهلها فرضها عائقًا أمام الزواج… تفاصيل كثيرة تمكّن السارد من الإمساك بخيوطها والتلاعب بحبكتها وصولاً إلى رواية مُحكَمة ومتميزة تقنيًّا وخطابيًّا.
ما يميز تجربة بسام شمس الدين في رواياته هو قدرته على الإبقاء على السرد متوهّجًا منذ بداية الرواية وحتى نهايتها، علاوة على تمكنه من استخدام أدواته الفنية وتوظيف خطابه السردي جيدًا.
يُحقّق بسام شمس الدين، وهو من أبرز كُتّاب الرواية اليمنيّة الشباب، تطورًا مع كلّ رواية تصدر له بدءًا من “الطاووسة” 2004، “الدائرة المقدسة”، “هفوة”، “لعنة الواقف”، “نزهة عائلية”، و”نبوءة الشيوخ” 2019م.
تعليقات