جيمس زغبي*
في 31 مارس الماضي، أصدر الرئيس جوزيف بايدن إعلانًا رسميًّا عن شهر أبريل باعتباره شهر «التراث العربي الأميركي».
وقيام بايدن بهذه الخطوة أمر مهم، يمثل نقطة تحول في جهودنا المستمرة منذ عقود لتأمين الاعتراف والاحترام لجاليتنا العربية.
وكتبت من قبل عن صعوبات الاستبعاد والتمييز الصريح التي واجهناها في العقود الماضية، وكانت هذه بسبب التهديدات الخارجية، إما من أولئك الذين يخشون أن نصبح منظمين ولنا نفوذ، أو أولئك الذين رأونا من خلال عدسة الصور النمطية العنصرية.
وهناك أمثلة كثيرة من الجانبين للأسف، وكانت هذه التحديات الخارجية لمجتمعنا مؤلمة في تحملها ولكنها اختبرت قوتنا وجعلتنا أقوى.
ونظرًا لأننا واصلنا التنظيم، وحشد أصواتنا، والالتحام مع الحلفاء والنضال، فقد حصلنا على اعتراف في جميع أنحاء البلاد، والآن من رئيس الولايات المتحدة.
ولكي نكون واضحين، ظلت التهديدات الخارجية لتنظيم مجتمعنا والاعتراف به رغم ذلك ليست سوى جزء واحد من القصة.
لقد واجهنا أيضا تحديات داخلية، ويرجع ذلك أساسًا إلى استيراد الأيديولوجيات والهويات التي قسمت العالم العربي أو الطرق التي استخدم بها الآخرون هذه الانقسامات لصالحهم وليس لصالحنا.
وتجدر الإشارة إلى أن ولادة الهوية العربية الأميركية الحديثة حدثت بالتزامن مع انتفاضات قومية مختلفة عبر العالم العربي.
وكانت هناك الحركات «العربية» المتنافسة بقيادة جمال عبدالناصر، وأحزاب البعث في سوريا والعراق، وذروة حركة التحرير الوطني الفلسطيني، والحرب الأهلية اللبنانية المثيرة للانقسام، وفي هذا السياق، انحاز بعض المهاجرين العرب المسيسين إلى جانب واحد أو مع جماعة أو أيديولوجية.
وفي الوقت نفسه، رأى الذين بلغوا سن الرشد في الولايات المتحدة هويتهم العربية كعامل موحد، وبدأوا في بناء منظمات قائمة على التراث والمخاوف المشتركة، بما في ذلك الدفاع عن حقوق الإنسان الفلسطيني، وطعنوا في الصور النمطية السلبية في وسائل الإعلام والثقافة الشعبية، وسجلوا ونظموا الناخبين الأميركيين العرب، ودعموا المرشحين الأميركيين العرب لشغل مناصب عامة، وفعلوا ذلك دون الانتباه إلى بلد المنشأ أو الدين، وهو أمر لا يمكن للكثيرين في العالم العربي فهمه.
وإليكم قصة تتبادر إلى الذهن: ففي حفل خليل جبران السنوي «روح الإنسانية»، نكرم الجماعات والأفراد على خدمتهم العامة.
وإحدى الجوائز التي نقدمها هي الخدمة العامة التي سُميت على اسم نجيب حلبي، والد الملكة نور الأردنية، وحلبي هو أميركي سوري كان أول أميركي عربي يشغل منصبًا رفيعًا بتعيين رئاسي، وقد تم تسليم الجائزة للسفير تيد قطوف، وهو فلسطيني أميركي وقدمها وزير النقل راي لحود.
في نهاية العشاء، خاطبت الحضور مشيرًا إلى أن «الليلة قدمنا جائزة تحمل اسم أميركي سوري إلى أميركي فلسطيني، وقدمها لبناني أميركي.. هذا هو ما نحن عليه، وهذا شيء لا يمكن أن يحدث في العالم العربي».
وفي السنوات القليلة الماضية، رأينا هذه الوحدة نفسها تتجلى مرارًا وتكرارًا، ولا تزال المشاكل قائمة، وينشأ البعض من سياسات الحكومة التي تحاول تعريفنا أو التفضيل بين قطاعات من مجتمعنا في محاولة، غير واعية أو متعمدة، لتقسيمنا، غالبًا عن طريق محو هويتنا العرقية من خلال إعطاء الأولوية للدين.
وإدارة بوش، على سبيل المثال، تعاملت مع العديد من الجماعات المسيحية، بينما خلطت إدارة أوباما بين العرب والمسلمين، وفي حالات أخرى كان ذلك من خلال إعطاء الأولوية لبلدان المنشأ.
وخلال «الربيع العربي» ركز البعض اهتمامًا خاصًّا على مجتمعات المنفيين من البلدان المتضررة، بينما تجاهلوا المجتمع العربي الأميركي الأوسع، وتم استغلال هذه الجهود من الذين استخدموا هذه الأساليب الانقسامية لصالحهم، فقط لتعطيل الجهود المبذولة لبناء مجتمع موحد.
وفي ظل هذه الخلفية، يجب أن يكون واضحًا سبب أهمية الإعلان الرسمي لإدارة بايدن عن شهر التراث العربي الأميركي.
إنه يعترف بجهودنا التي بذلناها بشق الأنفس للتغلب على القوى الخارجية والداخلية التي سعت إلى التمييز ضدنا، أو حرماننا من الحق في تقديم هوية لأنفسنا، ومن خلال الاعتراف بتاريخنا في التغلب على العقبات وتكريم مساهماتنا لأميركا، فإن هذا الإعلان يمكّننا من المضي قدمًا في طريقنا.
* رئيس المعهد الأميركي العربي – واشنطن
تعليقات