“اليمني الأميركي” – متابعات
أجرتْ إذاعة سوا مقابلة مع ناشر ورئيس تحرير صحيفة (اليمني الأميركي) الزميل رشيد النزيلي، وذلك ضمن حلقة من حلقات برنامج “أقلام”… في ما يلي نَص المقابلة التي تناولتْ تداعيات الأزمة اليمنية في ظلّ المستجدات الراهنة:
- كيف تنظرُ لتصريح المبعوث الأميركي لليمن حول إمكانية بدء حوار مع الحوثيين حول الأزمة في اليمن؟
- أشكرك أخي صلاح لاستضافتي في برنامجك.. وفي الحقيقة من الجميل أنْ تشهد أميركا كلّ أربع سنوات تغييرًا في سياستها، والسياسة التي تصنعها الولايات المتحدة الأميركية ليست سياسة أشخاص، بل سياسة مؤسسات.
أعتقدُ أنّ دول الخليج طرفٌ وإيران طرف، وللولايات المتحدة الدور الأعظم؛ باعتبارها الدولة العظمى، وهي مَن تستطيع أنْ تتحاور مع جميع الأطراف؛ فميزة الولايات المتحدة أنها تتحاور حتى مع الأعداء؛ إذ كان ترامب يتحاورُ مع كوريا الشمالية.
الآن بايدن يُبدي الاستعداد لفتْح حوار مع الحوثيين ومع الإيرانيين، على الرغم من رفْع شعار “الموت لأميركا”.. هنا توجد نفسية للحوار، فالولايات المتحدة كدولة عظمى تمتلكُ كلّ الأدوات لفتْح حوار مع جميع الأطراف، وبنفَسٍ طويل وبعيد.
الحلّ في اليمن سيكونُ سعوديًّا إيرانيًّا إقليميًّا تحت إشرافٍ أميركي والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن.
الأزمات الإنسانية
- إلى أيِّ مدى هذا الواقع الجديد للإدارة الأميركية قد يسهم في تذليل الأزمات الإنسانية، خصوصًا وأنّ هناك أزمات إنسانية ناجمة عن المرحلة الطويلة من الحروب بين الفرقاء اليمنيين؟
- المساعدات الإنسانية تتكفلُ بها المنظمات الخاصة بالأمم المتحدة، وهذه المنظمات هي أصلاً مدعومة دوليًّا وأوروبيًّا وخليجيًّا، بما فيها أميركا مساهِمة في دعم هذه المنظمات، وبقدر ما يكونون مساهمين في هذه المنظمات، بقدْر ما يكونون مساهمين في حلّ القضية.. الحل – كما قلتُ – سيكون سعوديًّا إيرانيًّا إقليميًّا تحت إشراف أميركي والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن.
- هل نتوقعُ وصول الفرقاء اليمنيين إلى التفاوض هذا العام، هل هناك بشارات أو إشارات إلى أنّ هذه الأزمة ستُحَلُّ، خصوصًا بعد رفع أميركا الحوثيين من قائمة الإرهاب.. هل هناك آمال لدى الشعب اليمني بأنَّ الأزمة ستُحَلّ في القريب العاجل؟
- في السياسة لا بُد أنْ يكون هناك أمل، وإلا لَما سُمّيت سياسة.. الأمل موجود، والعمل لا بُد أنْ يكون مستمرًّا في هذا الاتجاه، وهو عمل سيصلُ بالولايات المتحدة الأميركية وبقية الدول إلى نتيجة، الأهم هو أنْ يكون التركيز على الإنسان اليمني والحالة الإنسانية، ومن غير المعقول أنْ تكون هناك انتصارات تتحققُ على حساب الشعب اليمني والحالة الإنسانية السيئة هناك.
اليمنيون يبحثون عن استقرار، ولم يعُد مهمًّا مِن أين يأتي الدعم، المهم كيف تستقر بلادهم.
الاستقرار في اليمن
- كيف تنظر إلى ما يُقال إنّ هناك دعمًا إيرانيًّا للحوثيين؟
- حقيقة الأمر أنَّ كلَّ فصيل سياسي في اليمن له دعم معيّن، كلّ فرقة لها دعم، كلّ طرف له دعم خارجي.. الدعم الإيراني موجود للحوثيين؛ بحكْم أنّ الدولة الكبرى، والتي تريد أنْ تكون كبرى، ولها حق في ذلك، وهي المملكة العربية السعودية التي تريدُ أنْ تكون دولة نووية، وهنا لا بُد من أرض للقتال، فكانت أرض اليمن.. والدعم الإيراني للحوثيين كان دعمًا ذكيًّا ومسيّرًا، وهو دعم سياسي، حتى إنّ بعض دول الخليج مشاركة في هذا الدعم مثل قطر وسلطنة عمان؛ ولهذا هو دعم مدروس بتوجيه دولي، إنْ جاز التعبير.
- ما تأثير هذا الدعم على الاستقرار الداخلي بالنسبة لليمن؟
- في الحقيقة الدعم هذا موجود، وهو أصبح حالة، لا سيما بعد فشل التحالف عن تحقيق أيّ إنجاز مما قال إنه سيُحققه من ثلاثة إلى أربعة أشهر؛ مما أدى إلى كارثة إنسانية في اليمن، ولو أنّ التحالف أنجزَ المهمة لما كانت قضية الدعم موجودة بهذا الشكل، لكن حقيقة الأمر اليمنيون يبحثون عن استقرار، لم يعُد مهمًّا من أين يأتي الدعم، المهم كيف تستقر بلادهم.
- كما تعلم أنّ الإدارة الأميركية الجديدة، بقيادة الرئيس جو بايدن، أصدرتْ قرارًا برفع الحوثيين من التصنيف الأميركي كجماعة إرهابية، وهو القرار الذي تم اتخاذه خلال رئاسة ترامب (الرئيس السابق)…؟
- أعتقدُ أنّ الرئيس بايدن اتخذ القرار الصحيح، وهو أنه كيف يمكن لك أنْ تُصنِّف الحوثيين منظمة إرهابية وأنت سوف تتحاور معها، بالإضافة إلى قضية المساعدات، كيف تصنفها منظمة إرهابية، وكيف سيتم إيصال المساعدات الإنسانية لليمن.
أعتقدُ أنّ قرار إلغاء التصنيف هو قرار جيد وذكي، ويجبُ أنْ يلتقطه الحوثيون وإيران، وأنْ يكون هناك تنازل من الحوثيين، واتفاق من السعوديين والإيرانيين على حلّ القضايا الشائكة في المنطقة، بما فيها قضية اليمن، التي يجبُ أنْ تُحَل بشكلٍ سِلمي.
القرار كان إيجابيًّا؛ لأنّ الرئيس بايدن من البداية أكد أنّ الدبلوماسية هي من ستحسِم الأمور، كما أكد أنّ حلّ القضايا لم يعُد مزاجيًّا، أو بحسب إدارة المصالح للدول الكبرى.
- لكن حلفاء واشنطن في المنطقة العربية يرون أنّ هذا القرار الجديد قد يؤثّر في الواقع السياسي بالمنطقة.. كيف ترد على هذا الادّعاء؟
- أعتقدُ أنَّ على الحوثيين الالتزام بهذه المبادرة الصادرة من الرئيس بايدن، وعليهم أنْ يُبدو حُسن النوايا، وألّا يستفيدوا من الواقع الجديد من خلال تحريك مقاتلين أو بعض الجبهات من أجل حسم المعركة، وكسب مناطق جديدة بالاستفادة من هذا القرار.
أعتقدُ أنّ على الحوثيين أنْ يقدّموا تنازلًا، وعلى إيران أنْ تبدأ الحوار مع السعودية؛ لأنّ القضية اليمنية لن تُحلّ إلا بحوار خليجي إيراني تستفيدُ منه القضية اليمنية.
الحوثيون جزء من المجتمع اليمني وعليهم واجبات ولهم حقوق.
القرار الأميركي
- كيف ترصدُ رضا الحوثيين بالقرار الأميركي الجديد، وهل – ربما – يصنعُ شكلًا من التنازل لجماعة الحوثيين والدخول في مفاوضات؟
- أولًا الحوثيون فصيل يمني وليس دخيلًا على اليمن، لكن عليهم أنْ يلغوا شعار الموت لأميركا والموت لإسرائيل.. قضية الموت لازم تبعد، ويكون هناك شعار للحياة.. النوايا الحسنة يجبُ أنْ تكون موجودة، وكذلك من حق الحوثيين أنْ يكونوا مشاركين في الحكم، وأنْ يعيشوا في اليمن بحكم أنهم يمنيون، علاوة على أنهم صاروا يحكمون الواقع في شمال اليمن.. قضية أنك تبيدهم بالطائرات والصواريخ، هذا لن يتم.
الحوثيون جزء من المجتمع اليمني وعليهم واجبات ولهم حقوق.
- كيف تنظر إلى إمكانية أنْ يوافقوا (الحوثيون) على الحوار بحيث تُحلّ المعضلة اليمنية لصالح كلّ القوى السياسية… باعتبارهم الفصيل الأقوى في الميدان الآن؟
- لا يوجد فصيل أقوى كما تقول.. أولاً دول الخليج لها مصلحة من اليمن، واليمن لها مصلحة من الخليج، وتجاوُر اليمن والخليج ليس مسألة جوار عادية، هو جوار دول، وهو وضع لا بُد أنْ يفهمه الخليجيون، ونفهمه نحن.
أعتقدُ أنّ فتح باب الحوار والجلوس على طاولة واحدة، كما أعلنه الرئيس بايدن، هي بادرة لن تُحلّ بقرار، بل هي دراسات ومباحثات، وهذه أول الحلول، والبوادر هي ما ستنتجه الأيام المقبلة في مسألة حُسن النية؛ وبالتالي لا نستطيع توقّع ما سيحدث، لكن حقيقة الأمر لا بُد أنْ يبدي كلّ طرف حُسن النية.
تعليقات