عبدالله الصعفاني*
عندما ينتفض لاعبون يمنيون من وسط ركام الإهمال وعناء السفر برًّا، ومعاناة منفذ الوديعة، ويصلون إلى جدة قبل ساعات على موعد مباراتهم الأولى ثم يتألقون، يفوزون، ويخطفون تذاكر التأهل إلى بطولة مجموعات كأس الأندية العربية، فإننا نكون أمام حكاية تستحق مطالبة الهيئات الرياضية المقصرة بالتواري تحت مكاتبهم خجلاً.
وإليكم الحكاية..
* هناك في السعودية حيث جرت مباريات ملحق كأس العرب بين الأندية المصنفة بالأضعف، قال الذئاب كلمتهم قبل أن يجف عرق رحلة الشقاء من أبين إلى جدة على متن باص في زمن الطائرات.
* لقد ألحق ذئاب أبين الهزيمة ببطل الصومال نادي هورسيد، ثم هزموا بطل جيبوتي نادي سولار في مباراتي ملحق التأهل إلى تحدي المجموعات، وكان في حالهم ومقالهم دعوة صريحة لأن نخرس فلا نستبق الأحداث بالتشاؤم والتطير برعونة، ولا غرابة، فتأريخ الذئاب يكرر نفسه رغم المرايا الإعلامية المقعرة.
* والذئاب هنا لمن لا يعرف، هم شباب نادي فحمان أبين.. أما المرايا المقعرة فهي تلك التي تجعلنا ننظر إلى أنديتنا اليمنية بتصورات معلبة بدليل الشح المادي والمعنوي في استقبال نتيجتي نجوم نادي فحمان وتأهلهم لملاقاة بطل تونس نادي المنستيري.
ولا يوازي بطولة لاعبي فحمان إلا بطولة مدربهم الشاب وليد النزيلي، سليل العائلة الرياضية المعروفة في نابولي اليمن مدينة إب.
* لقد قبل هذا المدرب الشاب المهمة طامعًا في قهر غياب المعسكر، وغياب فرصة التجريب، والذهاب برًّا إلى معاناة منفذ صناعة المعاناة والتغييب عن ساعة الاستعراض.. ولك الله أيها الرياضي اليمني عندما تعاني لتتوسع كروش العاطلين بالوراثة البلداء بالدراسة.
والمؤسف أن بطل اليمن سيلعب مباراتي الذهاب والإياب في السعودية وتونس وكأنهم بلا أرض، فالعار والشنار على كل من أوصلنا إلى هذا الحال.
* تألُّق ذئاب اليمن على بطلي جوارنا في البحر والمحيط جعلني أسترجع ما حدث من انتصار القفز على وجع الإهمال، ولم أجد سوى شباب قرروا إلحاق الهزيمة بظروفهم ومعاناتهم قبل هزيمة المنافسين.. ويا سلام سلّم.
روح متوقدة، تركيز عال، وقهر للصعب، فما الذي قلته لهم يا كابتن وليد وأنت تقود مباراتي الفوز في زمن بحد السيف..؟!
* لقد اقتحمت قبل أن أكتب كل ما قيل بالقلم أو الفيديو بحثًا عن جواب ليستوقفني حديث المدرب الشاب للاعبيه قوله:
عليكم بالتوازن بين المهمتين (الدفاعية والهجومية).. العبوا بالثقة في قدراتكم.. انسوا ما قالته وسائل التواصل عنكم من ترهيب وترشيح آخرين للمشاركة بدلاً عنكم.. ليكن الرد في الملعب.. وعلى كل واحد منكم أن يصحح خطأ زميله.. ولا تنسوا أننا أولو قوة وبأس شديد.
* ومعك حق يا كابتن وليد، فليس لفريق كان لاعبوه قبل أسبوعين من المشاركة في منازلهم إلا رفع المعنويات وشحذ الهمم.. وقهر مخاوف الذات قبل السعي للفوز على المنافس.
* قد يتساءل قارئ: من أين جاء هؤلاء الشباب؟
والجواب: لم يكن فحمان حصاد الصدفة.. لقد صعد من الدرجة الثالثة، ثم صعد من الثانية، فاز ببطولة المريسي.. فرض نفسه في الدرجة الأولى.. ثم، وما أدراك ما ثُم..؟
فاز ذئاب الجبل فحمان على أهلي صنعاء في دوري مجموعتي حضرموت وشبوة، ثم فازوا على وحدة صنعاء وأعلنوا أنفسهم أبطالاً لليمن وممثلي الكرة اليمنية في كأس أبطال أندية العرب.
* شكرًا شباب فحمان وذئاب الجبل وأنتم تنتصرون على أنفسكم قبل أن تنتصروا على منافسيكم في جوارنا البحر والمحيط.
شكرًا للكابتن وليد النزيلي ومساعده الكابتن أحمد علوي لحضورهما التدريبي الذي ازدان بالحذق الميداني في القراءة.
* ونحن في انتظار استعدادكم لمواجهات صعبة في كأس الأندية أبطال العرب باحتمالاته الصعبة المتغيرة.. وحسبكم أنكم حتى الآن كفَّيتم ووفَّيتم، رغم منطق البؤس في مناخنا الكروي والرياضي العام..!
* كاتب يمني.
تعليقات