مروان الشريفي
كل مساء وبعد عودتي من العمل، أتصل لـ”سهام”، السكرتيرة التي عيّنتـُها حديثًا؛ لتنظيم مواعيد زيارات مسائية لمنازل مرضى لم تسعْهم أسرّة المشفى الحكومي، لا سيما بعد اندلاع الحرب.. أُقفل السماعة بعد أن أدوّن العناوين التي قرأتها لي.. أستقل سيارتي، وأبدأ عملي تحت أصوات القصف العشوائي وضوء القمر، تنقضي ساعات، أشعر بعدها بالإنهاك، وأعود إلى المنزل، وأتجاوز متاعبي، وأستعيد سعادتي كلما تذكرت وجوه الأطفال الذين بدأت حالاتهم تتحسن كثيرًا.. في شرفة غرفتي، بدأت أُدخن تحت ضوء القمر الذي بدا بدرًا، وبينما كنت منهمكًا في قراءة صُحف الأمس، سمعت صوت هاتفي، التقطتُه من الطاولة الموضوعة أمامي، والتي يتوسطها فنجان قهوتي، كان اسم سهام على شاشة الهاتف:
- الووو..
- مرحبًا سهام
- مرحبًا بك دكتور
هكذا قالت، قبل أن تعتذر، منبهةً بشيء مهم يخصني، بداخل ظرف، كُتب عليه اسمي..
– لكن الأمر لا يتطلب كل هذا الاهتمام يا سهام، فأنا لا أتوقع شيئًا مهمًّا يحويه هذا المظروف..!، لكن من الممكن أن تفتحيه وتقرئيه لي من فضلك.
أخذتُ سيجارتي، بدأت سهام بقراءة الرسالة:
أهلاً دكتور…
أنا الطفلة (فدوى) التي كنت قد وعدتني في غرفة العمليات، بأنه عند اكتمال القمر ستُرجع لي قدمي التي بترتها قذيفة.. هلّا نظرت للسماء.. ما زلتُ بلا قدم، ولن أستطيع الرقص مع زملائي في حفل المدرسة بعد أيام.
رفعتُ رأسي للسماء، وقبل أن تقفل سهام سماعة الهاتف، شاهدت وجهها في القمر، وقد راحت تذرف الدمع كالمطر.
تعليقات