(حنين وانتصار) تتدربان وسط ظروف معقّدة؛ استعدادًا لـ «الألعاب الآسيوية» في «جاكرتا» الفتاة اليمنية تنتصر بالرياضة على مرارة الحرب
صنعاء – «اليمني الأميركي» – محمد الأموي:
بروح عالية تتشبث العداءتان اليمنيتان «حنين وكيل غالب» ابنة العشرين ربيعاً و»انتصار محسن الظفري» ابنة الثانية والعشرين ربيعاً.. باستمرار مزاولة النشاط الرياضي لكل منهما في محاولة للمساهمة في الحفاظ على فاعلية حضور الألعاب الرياضية على الرغم من كل الصعوبات والمعوقات التي فرضتها الحرب الدائرة هناك، والتي دمرت الكثير من مقدرات الشباب والرياضيين من بنية تحتية رياضية، كما أثرت سلبًا على توفير سيولة مالية أعاقت تنفيذ برامج مختلف الألعاب الرياضية.
وتُسجل المرأة اليمنية حضورًا مميزًا في الساحة الرياضية الوطنية خلال فترة الحرب، حيث هناك العديد من الأسماء في عدد من الألعاب تؤكد تجاربهن مدى إصرار المرأة اليمنية على تجاوز الصعاب وتحقيق النجاح مهما كانت الظروف، مؤكدة ما تمتلكه الفتاة اليمنية من إمكانات تجعلها قادرة على اثبات جدارتها بكل إصرار، متجاوزة كل صعوبات ومعوقات الحرب الدائرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.
تُمثل تجربتا حنين وانتصار أنموذجين رائعين للفتاة الرياضية اليمنية وما تمتلكه من إرادة قوية وعزيمة صلبة تتكسر عليها عوامل الإحباط، وهي العوامل التي لا تؤمنان بها مطلقاً؛ وهو ما يتجسد بوضوح – مؤخراً – من خلال مزاولتهما تمارينهما اليومية (الصباحية والمسائية) بصنعاء، ، وبحماس منقطع النظير؛ استعداداً لتمثيل اليمن في البطولات الخارجية، أبرزها دورة الألعاب الأسيوية المزمع إقامتها في العاصمة الإندونيسية جاكرتا خلال تموز/يوليو المقبل.. لذلك نجدهما، وبشكل يومي في مقر نادي بلقيس الرياضي الخاص بالفتيات أو في الصالة الرياضية لاتحاد المرأة في صنعاء يتدربن بكل همة ونشاط تحت قيادة المدرب الوطني محمد العناشي وإشراف اللجنة الأولمبية والاتحاد العام للمرأة.
حنين وكيل، المتخصصة في 400 متر و200 حرة، وتقيم بأمانه العاصمة، وتعيش بعيدة عن أسرتها التي تسكن في محافظة عدن، وتحملت، وتتحمل عناء البعد عن حنان الأب وشفقة الأم وحماية الأخ من أجل الوطن الذي يحتاجها في محافل ألعاب القوى الخارجية واستجابة لحبها لرياضة ألعاب القوى التي بدأت مزاولتها منذ كانت في الصف الثاني أساسي. كما أن الأسرة تمدها – أحياناً – ببعض الاحتياجات المادية في حال تأخر وصول الدعم من الجهات الرسمية.
تنشط «انتصار الظفري» بفاعلية في المنافسات الطويلة 5000م، وتصر على مزاولة رياضتها التي عشقتها منذ الصغر، ومن أجلها تركت عددًا من العروض الوظيفية التي كان يمكن لها من خلالها أن تسهم في دعم أسرتها؛ وهو الخيار الذي اختاره كثير من منتسبي الرياضة اليمنية، مؤخراً؛ استجابةً للظروف المعيشية.
«حنين وكيل غالب»، صاحبة التميز في مشاركاتها الداخلية والخارجية، تسعى لمواصلة التفوق الذي بدأته في عام 2012م في بطولة الجمهورية لألعاب القوى، والتي حققت فيها المركز الأول، وحافظت عليها في السنوات الثلاث التالية حتى توقف نشاط اللعبة بسبب الحرب فيما كانت لها العديد من المشاركات الخارجية، ومنها: بطولة الشارقة بدولة الأمارات العربية المتحدة للأعوام (2012 , 2013, 2014, 2016م)، وحققت فيها المراكز الثالث, والثالث, الثاني والأول تواليا، وفي البطولة العربية لعام 2014م حيث حلت رابعاً، وبطولة الجزائر حيث حلت – أيضًا – في المركز الرابع، والبطولة الأسيوية كوريا الجنوبية عام 2015م، والصين 2014م.
ولعل ما يحز في نفسها أنها أوقفت تعليمها عند المرحلة الأساسية بسبب استمرارها بمزاولة رياضة ألعاب القوى، والتي تفرغت لها تماماً، وتهدف – كما تقول – للاعتزال عند بلوغها سن الأربعين عاماً، ومن ثم التوجه للعمل الإداري، والذي تحتاجه الرياضة اليمنية.
كما لـ «انتصار الظفري» مشاركات رياضية عدة سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، ولعل أبرزها المشاركة في بطولة الجمهورية في صنعاء عام 2016م، وحققت المركز الثاني لمسافة 1500م و3000م، وبطولة كأس أعياد الثورة السبتمبرية عام 2016م، وحققت المركز الأول لمسافة 1500م و3000م.. وفي عام 2015م، كما حققت المركز الأول لمسافة 3000م وتتابع 100م في بطولة الجمهورية. وعلى المستوى الخارجي تواجدت (الظفري) في دورة الأندية العربية للسيدات في الشارقة عام 2016م، وحصلت على المركز الثاني لمسافة 10000م، والثالث في سباق المشي 5000م، وكذلك المشاركة في أولمبياد الصين عام 2015م بطولة الضاحية، وفي عام 2014م شاركت في البطولة العربية للسيدات في الشارقة، وحققت المركز الثالث لمسافة 5000م.
من خلال قراءة السيرة الذاتية لهاتين العداءتين نجدهما تشتركان في كثير من الصفات، وبخاصة مشاركاتهما الداخلية والخارجية، وكذلك تفوقهن الرياضي بالإضافة إلى تضحياتهن من أجل مزاوله عشقهن الكبير، وهو رياضة ألعاب القوى، ولا ننسى طموحهن الكبير والرائع.
ولرياضة المرأة اليمنية تاريخ ومشاركات رائعة سواء على المستوى العربي أو الآسيوي، فمنذ انطلاقها في نهاية ستينيات القرن الماضي جاء الإنجاز الأول لرياضة المرأة اليمنية عبر اللاعبة نائلة نصر من خلال الحصول على المركز الأول في البطولة العربية الخامسة بالمغرب عام 1977م في فرق السيدات والمركز الأول للدورة العربية المدرسية في طرابلس في نفس العام، وكذلك تحقيق الشقيقتين لؤي ولينا صبري لذهبية البطولة العربية في ثمانينات القرن الماضي؛ ليستمر تواجد الرياضة اليمنية في المحافل العربية والآسيوية والدولية في العديد من الألعاب الرياضية وخاصة الشطرنج وكرة الطاولة، ومؤخراً ألعاب القوى.. لذلك فإن حنين وانتصار تسعيان لحفر اسمائهما بأحرف من نور في سجلات رياضة المرأة في اليمن بعد التغلب على المعوقات والسلبيات الراهنة والتي خلقتها الحرب، وهما بدون شك تملكان المقومات اللازمة لذلك.
تعليقات