صنعاء – ” اليمني الأميركي”:
صدر عن الهيئة العامة للكتاب بصنعاء، مؤخرًا، ديوانا الشاعر اليمني الكبير الراحل عبدالله البردوني (1929 – 30 أغسطس 1999) “رحلة ابن شاب قرناها” و”العشق في مرافئ القمر”.
وشهد بيت الثقافة بصنعاء حفل توقيع الديوانين اللذين صدرا في كتاب واحد، ضم بين دفتيه 19 قصيدة، بواقع 12 قصيدة في ديوان “رحلة ابن شاب قرناها”، وسبع قصائد في ديوان “العشق في مرافئ القمر”.
ويكتسب الحدث أهميته من كونهما يصدران بعد اختفائهما لثلاث وعشرين سنة، وتحديدًا منذ وفاة الشاعر الكبير عبدالله البردوني.
وثار جدل في مواقع التواصل الاجتماعي بمجرد إعلان الهيئة بدء العمل على إصدار الديوانين، إذ تساءل البعض عن كيفية وصول الهيئة إلى اتفاق مع الورثة واستلام الديوانين في هذه الفترة بالذات، منوهين بما اعتبروه مخاوف من ممارسة الحذف والإضافة للديوانين…إلخ، وهو ما نفته الهيئة العامة للكتاب بصنعاء، موضحة أنها أرفقت بالديوانين ملحقًا يتضمن عرضًا مصورًا للمراحل التي مر بها استلام الديوانين من ابن كاتب البردوني (خالد محمد الشاطبي)، بحضور وموافقة ورثة البردوني، بما فيهم أرملته فتحية الجرافي، وصولاً إلى مراجعة وتدقيق حتى مطابقة النص المخطوط بالمطبوع.
وأكدت الهيئة أن اختفاء الديوانين كل هذه المدة كان نتاج خلافات ورثة الشاعر الراحل، مشيدة في ذات الوقت بما لقته من تعاون من الورثة، بما فيهم أرملته التي نقلت عنها الهيئة قولها إن البردوني أوصى بتسليم أعماله للدولة، مبدية استعدادها دعم طباعتها وفق كلمة رئيس الهيئة عبدالرحمن مراد خلال حفل التوقيع.
وكان قبل عام تقريبًا قد صدر كتابان باسم الشاعر عبدالله البردوني، عن دار وسم التركية، أحدهما نثريّ، وهو عبارة عن حلقات ذكريات الشاعر الراحل، كان قد نشرها في صحيفة 26 سبتمبر، وحمل عنوان “تبرج الخفايا ولفيف من الذكريات”، والثاني شِعريّ، بعنوان “طواف”، ضم مجموعة من القصائد الجديدة للشاعر الراحل، تقول مصادر لـ” اليمني الأميركي” إنها منتقاة من هذين الديوانين.
ومنذ وفاة شاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني، ظل تراثه المخطوط مثار جدل ونقاش ترتفع فيه الأصوات مع إحياء ذكرى رحيله كل عام، مطالبة بإخراج تراثه للنور، متهمة السلطات السياسية تعمُّد إخفاء تراث الشاعر الراحل بسبب مواقفه السياسية الصريحة.
وكان ذلك الجدل ينوه بأسماء لعناوين كثيرة، بما فيها كتاب “الجديد والمتجدد في الأدب اليمني”، وكتاب “ثوار في رحاب الله”، وكتاب “الجمهورية اليمنية”، بالإضافة إلى الديوانين اللذين صدرا مؤخرًا… فيما ينفي بعض من عملوا على إخراج هذين الديوانين وجود أيّ كتب مخطوطة أخرى للشاعر الراحل… وهو ما ستثبته الأيام.
وكان البردوني قد نشر في حياته عشرين كتابًا، متمثلة بـ 12 ديوانًا شعريًّا، وثمانية كتب نثرية… وحقق خلال حياته مكانة مرموقة كأحد أهم شعراء ومجددي قصيدة العمود العربية، فضلاً عن كونه من أهم قامات اليمن الثقافية في القرن العشرين.
ونشر الراحل، بالإضافة إلى ذلك، كتابات دورية منتظمة في وسائل إعلام يمنية: صحيفة 26 سبتمبر، وصحيفة الثورة، ومجلة الجيش، وإذاعة صنعاء… ما زالت بحاجة إلى من يتولى جمعها وإعدادها للنشر في كتب، كما عمل الناقد الدكتور حيدر غيلان بجمع حلقات ذكريات البردوني في صحيفة 26 سبتمبر، وأصدرها في كتاب عن دار عناوين بوكس، وكان قد سبقه كتاب آخر لنفس الحلقات صدر باسم مختلف في دار وسم التركية (لم يتبين لنا حتى الآن أوجه الاختلاف بين الإصدارين لصدورهما خارج اليمن).
عبدالله صالح البَرَدُّوْنِي شاعر وناقد أدبي ومؤرخ ومدرس يمني، غلبت على قصائده الرومانسية القومية، والميل إلى السخرية، والرثاء بوهج درامي، وكان أسلوبه الشعري يحمل روحًا حداثية تميز بها عن كثير من شعراء العمود في عصره.
فيما تناولت مؤلفاته النثرية تاريخ الشعر القديم والحديث في اليمن، وقضايا سياسية وثقافية مرتبطة ببلده، أبرزها التراث الشعبي والثقافة ودورها في الثورة، علاوة على الصراع بين النظامين الجمهوري، والملكي الذي أطيح به في ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962.
تعليقات