عبدالله الصعفاني*
ذات استعدادٍ لمنتخب السامبا صرَّح رئيس الوزراء البرازيلي أنه يتمنى مشاهدة النجم روماريو في المنتخب، لكن المدرِّب سكولاري ردَّ عليه بالقول:
أنا المسؤول عن قراراتي.. وفعلاً لم يشارك روماريو مع منتخب بلاده.
ومع أنّ علي النونو ليس سكولاري، ومن ضغطوا عليه بإضافة لاعبين إلى منتخب الناشئين ليسوا رؤساء وزراء، وخلافة أحمد العيسي لعبدربه منصور في الرئاسة ما تزال تصريحًا للعيسي لم يضره في شيء، فإنّ تصريحات النونو بأنه يتعرضُ لضغوطٍ تدعوه لضمّ لاعبين إلى منتخب الناشئين ضد قناعته أطاحت به من موقعه كمساعدٍ لمدرِّب الناشئين، فغادر المشهد بنظام (ما إنْ سلَّم حتى ودَّع..!).
ويبدو أنَّ النونو تذكَّر تصريح البرازيلي سكولاري وأرادَ أنْ يقلّده فوقعت الطوبة في المعطوبة، وعرف بعد إقصائه أنْه من غير المستبعد أنْ يتم تجفيف فرص النونو في التدريب مستقبلاً على ذمة تصريحه.
ولم تكُن الإطاحة بالنونو موقفًا انفعاليًّا طارئًا، وإنما لأنّ الأصل عند هذا الاتحاد هو أنّ البيوت أسرار، والرأي العام مجرد مجاميع من الأغراب، و(يا قوم لا تتكلموا.. إنَّ الكلام محرَّمُ).
ولستُ في وارد الدفاع عن النونو، وإنما في إثبات قلة خبرته حتى وقد وصفه كثيرون بالشجاعة، فيما هو كما رأى آخرون ينامُ بعمق على مخدة نجوميته الفائتة، والأمر كما أراه يُذكِّر بحاجتنا للاعتراف بالعلاقة بين المقدمات والنتائج.
ولذلك سأقرأ المشهد في ضوء ما ورد في وسائل إعلام تقليدية وحديثة تناولت الموضوع بتمترسٍ غالبًا مع النونو الذي وصفته بالشجاعة، وقليلاً مع اتحادٍ يرفضُ إفشاء أسراره للعامة والدهماء من الجماهير، بمن فيهم أهل الصحافة والإعلام..!
والأهم في القضية أنها تؤكدُ أنّ المعطوف على الغلط غلط، فالساحة الكروية بلا نشاطٍ منتظم، ويديرُ اللعبة اتحاد يُعلن عن بطولة من أجل الفوز بالدعم الخارجي غير عابئٍ بخسائر الأندية التي تُصدقه، ثم يتراجعُ بالتأجيل مرة وثانية وثالثة ورابعة.
ودائمًا حبل الكذب عنده طويل، ولا وجود لمن يتبع الكذاب حتى الباب.
توضيحًا للصورة، فإنّ الاتحاد بعد غياب النشاط لسنين طويلة وهزائم فاضحة في مشاركات خارجية قرر أنْ يغطس أخيرًا في الماء ويُفجّر بعض الغازات، ثم يسمي مدربي منتخبات ناشئين وشباب وأولمبي، ويُعلن عن دوري مؤجل للمرة الرابعة والخامسة، ولكن بعبط بطل فيلم (اللمبي).
بنفَسٍ غير رياضي يتم تكليف المدرِّب قيس صالح باختيار الناشئين من المحافظات الجنوبية، وتكليف مساعده علي النونو باختيار الناشئين من المحافظات الشمالية، مع أنه ليس من مشكلة تمنعُ قيس من زيارة المحافظات الشمالية، واختيار لاعبين منها بمساعدة علي النونو، وهكذا ورط النونو نفسه بقبول المهمة.
إنّ تشكيل منتخبٍ هو حصيلة نشاط ودوري يكشفُ المستويات، فيما اعتمدَ قيس والنونو في الاختيار على الوصايا لتتصاعد الشكاوى، مرة من إب، وثانية من تعز، وثالثة من المهرة.. واشتركنا كإعلاميين في الشكوى وفي البلوى، وزادت أسئلة ليش غاب فلان، وليش حضر علان، هذا لاعب يستحق الانضمام للناشئين فعقَّدوه، وهذا للأولمبي فتجاهلوه، وهذا للشباب فقهروه.. إلى غير ذلك من الخورات.
ألم أقل لكم إنّ تغييب الاتحاد للنشاط عطف الغلط على الغلط، فكانت الطبخة غلط، وعجب؟
عودة إلى علي النونو، فقد اختلط عليه حابل الإحساس بنجوميته السابقة كلاعب مع نابل تواضُع محدودية خبرته، وعدم فهمه حقيقة أنّ الناس سيقيّمونه الآن من خلال ما يقدّمه في مهمته الجديدة، وليس من خلال أنه سجل أهدافًا ذات يومٍ فصفقوا له، واحترفَ فافتخروا به.
صَدَّق علي النونو البرازيلي سكولاري، وأعلنَ أنّ هناك مَن يضغط عليه في مسألة اختيار اللاعبين، وأشار إلى أعضاء في الاتحاد، ولم يدرك المسكين بأنّ الاتحاد الذي اختاره يُجيد الانتقام بذات إجادته إنتاج الهزائم، حتى أنّ الاتحاد لم يُبلغ النونو بقرار الإقالة، مكتفيًا بتسريب ما معناه خلاص انتهى الدرس، والنونو بح.. لن تمر، وتعال يا فيصل أسعد، وكُن ماهرًا في لعبة هزّ الرأس على الشاردة قبل الواردة.. قالوا النونو تجاوزَ صلاحياته بتصريح الضغوط والاتحاد شَكَّل لجنة، واللجنة طلبت منه تسمية مَن ضغطَ عليه بإضافة أسماء غير مستحقة، وأنّ عليه أنْ يكتبَ اعتذارًا صغيرًا، لكن النونو رفضَ الاعتذار، فتمت الإطاحة به.
النونو تردد في البداية، ثم قال إنّ أول حرف من الذين ضغطوا عليه هو عضو الاتحاد عبدالفتاح لطف.
إنّ سبب شكاوى غياب عدالة الاختيار، والضغوط، والإقالة هو عدم إقامة اتحاد الكرة للأنشطة منذ سنين، واعتماده التأجيلات الرباعية والخماسية للنشاط ضحكًا على الذقون، فكان أن اعتمد النونو على الحدس واختبارات تنطيط اللاعبين للكرة والوصايا حتى سمعت من تحدث عن هدايا.
وما دامت هذه هي الحالة العرجاء، فإنّ أعضاء في الاتحاد انطلقوا من كون الاختيارات نفسها تمت بالبركة، وبالتالي لا بأس من التوصية، واستخدام العصا والجزرة، لتحسين صورهم الشخصية أمام أندية هي مَن رشّحتهم لعضوية الاتحاد، وهي من صبرت عليهم، وهم يتواطؤون عليها ويجعلونها تخسر الملايين لمدرِّبين ولاعبين على ذمة وعودٍ اتحادية كذابة بإقامة منافسات لم تكن في الحقيقة سوى سُحبٍ تزيدُ الأندية إفقارًا، ثم لا تُمطِر..!
*كاتب يمني
تعليقات