Accessibility links

المحاكم العالمية توبخ إسرائيل، لكن الإفلات من العقاب مستمر بدعم واشنطن


إعلان

 

محكمتان دوليتان تضع إسرائيل في دائرة معزولة، وواشنطن تستمر في دعمها.

كان قرار محكمة العدل الدولية أكثر صعوبة بالنسبة لواشنطن لإدانته.

أشار البيت الأبيض إلى أن دعمه غير المشروط لإسرائيل سيستمر.

 

واشنطن– “اليمني الأميركي“: 

أصدرت محكمتان دوليتان منفصلتان حكمين ضد الحرب الإسرائيلية على غزة في شهر مايو/ أيار، مما زاد من عزلة الدولة التي تتحول إلى دولة منبوذة عالميًا بسبب استمرار عمليات القتل الجماعي والتدمير في غزة.

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أعلن في 20 مايو/ أيار أنه يسعى لإصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع ياوف غالانت بشأن اتهامات محتملة بارتكاب جرائم حرب في غزة.

وقال مكتب المدعي العام، في بيان: “نؤكد أن الجرائم ضد الإنسانية المتهم بها إسرائيل ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق وممنهج ضد السكان المدنيين الفلسطينيين وفقًا لسياسة الدولة.. وهذه الجرائم، في تقديرنا، مستمرة حتى يومنا هذا“.

وأضاف: “يؤكد مكتبي أن الأدلة التي جمعناها، بما في ذلك المقابلات مع الناجين وشهود العيان، ومقاطع الفيديو والصور والمواد الصوتية الموثقة، وصور الأقمار الصناعية وتصريحات المجموعة المرتكبة المزعومة، تظهر أن إسرائيل حرمت بشكل متعمد ومنهجي السكان المدنيين في جميع أنحاء غزة من الأشياء التي لا غنى عنها لبقاء الإنسان“.

وفي حين قال خان إنه يلاحق أيضًا اتهامات ضد قادة حماس، فإن سعيه لإصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت هز إسرائيل وحلفاءها الغربيين، وخاصة الولايات المتحدة.

 

رد الولايات المتحدة على المحكمة الجنائية الدولية

في واشنطن، سارعت إدارة بايدن إلى إدانة خطوة خان، وأصدر كل من البيت الأبيض ووزارة الخارجية بيانات ضد القرار.

وقال بايدن، في بيان، إنطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيليين أمر شائن.. واسمحوا لي أن أكون واضحًا: مهما كان ما قد يوحي به هذا المدعي العام، لا يوجد أي تكافؤ بين إسرائيل وحماس.. سنقف دائمًا إلى جانب إسرائيل ضد التهديدات لأمنها“.

وأصبحت الحجة القائلة بأن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كان يدفع بـالتكافؤبين إسرائيل وحماس سمة بارزة في الانتقادات الأميركية.

لكن الخبراء القانونيين يقولون إن القانون يجب أن ينطبق على جميع الأطراف بالتساوي، وأي اتهامات يجب أن تستند إلى حقائق، وليس تصورات بأن إسرائيل متفوقة على حماس.

كما ركزت إدارة بايدن على نقطتين متناقضتين عند الطعن في طلب مذكرات الاعتقال، وزعمت أن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها اختصاص على إسرائيل، كما اتهمت خان بعرقلة التعاون الإسرائيلي مع تحقيقه بإعلانه.

ولكن هذا الموقف يثير سؤالاً مهمًا: إذا كانت المحكمة الجنائية الدولية لا تتمتع بسلطة التحقيق في جرائم الحرب في فلسطين، فلماذا كانت إسرائيل تتعاون مع خان؟.

في الواقع، فلسطين دولة مراقبة دائمة في الأمم المتحدة، وقد قبلت اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في عام 2015.

لذا فإن المحكمة، التي تحقق وتحاكم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، تتمتع بسلطة النظر في الانتهاكات المزعومة المرتكبة في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك غزة.

 

حكم محكمة العدل الدولية

وبعد أيام من إعلان خان، أمرت محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، إسرائيل بوقف هجومها على رفح في جنوب غزة.

وقال قضاة محكمة العدل الدولية إن على إسرائيلأن توقف فورًا هجومها العسكري، وأي عمل آخر في محافظة رفح قد يفرض على المجموعة الفلسطينية في غزة ظروفًا معيشية من شأنها أن تؤدي إلى تدميرها المادي كليًا وجزئيًا“.

وقضت المحكمة عمليًا بأن غزو رفح يمكن أن يساهم في الإبادة الجماعية للفلسطينيين.

وفي وقت سابق من هذا العام، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل باتخاذ خطوات لمنع الإبادة الجماعية في غزة.

وكان قرار محكمة العدل الدولية أكثر صعوبة بالنسبة لواشنطن لإدانته.. ذلك أن الاختصاص القضائي لمحكمة العدل الدولية عالمي بلا أدنى شك، وكانت إدارة بايدن نفسها تحذِّر إسرائيل من غزو رفح.

وهكذا، دعمت وزارة الخارجية بشكل عام دور محكمة العدل الدولية، بينما دعت إسرائيل إلى احترام القانون الإنساني الدولي دون التطرق إلى تفاصيل الحكم في قضية رفح.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر في 28 مايو/ أيار: “لقد أوضحنا أننا نحترم الدور الحيوي للمحكمة في هذا المجال، وأننا نتوقع من إسرائيل الامتثال الكامل لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، وسنواصل الضغط عليهم للقيام بذلك“.

 

الخط الأحمر

وكان الرئيس بايدن نفسه قد أعرب مرارًا وتكرارًا عن معارضته لغزو رفح.. في الواقع، المرة الوحيدة التي حذر فيها إسرائيل من العواقب الحقيقية لأفعالها كانت عندما قال إنه سيمنع القنابل وقذائف المدفعية عن حليف الولايات المتحدة إذا هاجمت رفح.

لكن إسرائيل لم تتجاهل هذا الخط الأحمر وتتجاوزه فحسب.. بل قصفتها. وأدت الهجمات الإسرائيلية إلى مقتل عشرات الفلسطينيين في رفح، وتشريد ما يقرب من مليون شخص.

وكان الهجوم الإسرائيلي على مخيم للنازحين يوم 26 مايو/ أيار مروعًا بشكل خاص، وقتلت اسرائيل 45 فلسطينيًا، تاركة وراءها أطفالاً مقطوعة الرأس وجثثًا متفحمة.. 

فكيف رد بايدن، الذي يقول إنه يعارض هجوم رفح، على المذبحة؟

أشار البيت الأبيض إلى أن دعمه غير المشروط لإسرائيل سيستمر، وقال جون كيربي، المتحدث باسم البيت الأبيض للصحفيين: “نتيجة لهذه الضربة، ليس لدي أي تغييرات في السياسة لأتحدث إليها“.

أما بالنسبة للخط الأحمر، فيبدو أن إدارة بايدن ترفض عمدًا الاعتراف بحقيقة غزو إسرائيل لرفح.

وقال ميلر، من وزارة الخارجية، هذا الأسبوع: “فيما يتعلق بالتقارير عن وجود دبابات في وسط رفح، فهذا ليس شيئًا رأيناه أو تمكنا من التحقق منه في هذه المرحلة“.

وأكدت العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية والفلسطينية أن الدبابات الإسرائيلية كانت بالفعل في وسط رفح.

لكن الولايات المتحدة، بكل ما لديها من قدرات استخباراتية وتكنولوجية، قالت إنها غير قادرة على تقييم ادعاءات حلفائها.

لقد أثبتت هذه المواقف، الأخيرة، لإدارة بايدن أن الولايات المتحدة وبقية الغرب الذين يقفون خلفها سيستمرون في دعم إسرائيل وضمان الإفلات من العقاب على جرائمها، بغض النظر عما تقوله المحاكم الدولية وما يسمى بالنظام القائم على القواعد.

   
 
إعلان

تعليقات