Accessibility links

الدكتور بدر إسماعيل وكتابه «التعليم النظامي في الأعبوس»1-2


إعلان

عبدالباري طاهر

 «التعليم النظامي في الأعبوس: نشأته، ومراحل تطوره»، للدكتور بدر إسماعيل عبد الرزاق. قرأت ما تيسر عن التعليم في اليمن، أو بالأحرى ما وقع بيدي، وبالأخص كتاب الأستاذ الجليل والأب التربوي حقًّا بدر إسماعيل. 

والأستاذ بدر إسماعيل من أكثر الباحثين توثيقًا ورصدًا وتتبعًا ودقة للموضوع العلمي المهم «التعليم النظامي في الأعبوس – تعز، 1937م».

يتتبع الباحث المراحل الباكرة للتعليم في الأعبوس، وقد يكون الأقدم في مناطق الحجرية، وهي المناطق ذات الأسبقية، بحكم تأثير حداثة التعليم في عدن، شأن مدارس ذبحان وحيفان، والتي درسها بدقة وتوثيق وعرفان الدكتور قايد طربوش.

الكتاب المتوسط القطع يقع في 237 صفحة، ويشتمل على ثمانية فصول، وعدد كثير من العناوين الفرعية، مزدانًا بالصور، والوثائق، والمصادر والمراجع التي تشكل جزءًا من الكتاب المهم.

يعد الكتاب من أهم الإصدارات القليلة عن التعليم في مناطق اليمن المختلفة، فما نشر عن التعليم في مناطق اليمن المختلفة قليل.

ميزة الكتاب والمبحث المهم أنه لا يقرأ فقط نشأة ومراحل تطور التعليم، وإنما يدرس قصة التحديث في القرية اليمنية، سواء في المتوكلية اليمنية، أو في الجمهورية العربية اليمنية، وتأثير عدن، والجمعيات التعاونية، والصحافة العدنية، والأهم دور أبناء هذه المناطق من الحجرية، رجالاً ونساء في التنادي، ودعم التعليم الحديث، والتفاني في حمايته والارتقاء به.

ويتضمن الكتاب معاناة أبناء هذه القرى من العزلة والتخلف المفروض عليهم، وغياب أبسط الخدمات (الطرقات، والمياه، والكهرباء)، والمظالم الجائرة، وقسوة الحياة.

والأخطر نظام البدل، وهو أن يدفع الفلاحون الجياع زكاة الأرض في عام القحط كالتي دفعوها في عام الخصب، وهو ما دفع الفلاحين إلى مغادرة قراهم كجماعات، وترك الأرض للتصحر والموات.

يهدي الدكتور كتابه إلى رواد التنوير في مرحلتي التأسيس والتكوين، ويقدم الأستاذ الدكتور محمد إبراهيم الصانع – أستاذ مناهج العلوم والتربية العملية – الكتاب كوثيقة من أهم الوثائق والمصادر التاريخية، ويعتبره أنموذجًا يُقتدى به، مشيدًا بالجهد الكبير للمؤلف.

مقدم الكتاب يشير في مقدمته إلى كتابه «مسيرة التعليم النظامي في مدرسة الإرشاد – ظبي أعبوس 1941»، ويذكر الدافع للتأليف، وهو أرشيف الأستاذ عبدالرؤوف أحمد عثمان، ثم يشير إلى فصول هذا الكتاب الثمانية، وما تناوله كل فصل.

 في الفصل الأول يتناول التعليم النظامي. وفي العهد الملكي، يتناول الباحث تعريف التعليم النظامي في أي مجتمع، مشيرًا إلى بقاء التعليم بعد رحيل الأتراك كما هو، وأن أول وزارة للمعارف عام 1938.

ويذكر تأسيس المدرسة العلمية في صنعاء كأول دار للعلوم تنفق عليها الدولة، وجعل التعليم فيها إجباريًّا.

ويؤرخ لتأسيس دار العلوم بعد عودة المبعوثين من العراق، مشيرًا أن تطور التعليم بدأ على يد الدكتور محمد إسماعيل الوافي الآتي من مصر، ولم تُتَح له الفرصة للاستمرار.

ويشير إلى تقرير من المتوكلية إلى المؤتمر الثقافي في الإسكندرية عام 1950 عن حالة التعليم.

يتحدث عن نشأة الكاتب التدريسية في الأعبوس، وتحديدًا في الخريم عام 1356هـ/ 1937.

فوض أهالي قريتي الاكسار والخريم من يقوم بمراجعة الإمام لبناء مكتب للتعليم، ويذكر أسماء الموقعين على العريضة.

يذكر أن الصحفي عبدالحليم سيف محمد أشار إلى أن وزارة المعارف عينت الفقيه محمد مرشد مشرفًا ومديرًا، ثم أرسلت الوزارة المعلم محمد أحمد القدسي، ولقبه المعاون، وفي فترة لاحقة أرسلت الوزارة معلمًا للحساب، وكان يشرف على المدرسة نظارة وزارة المعارف عبدالعزيز عطا.

يتابع باهتمام كل التعيينات في الخريم – ناحية القبّيطة، ويدون نقل المكتب التدريبي من الخريم إلى ظبي وسط الأعبوس، والمكتب التدريسي في بني علي.

في الفصل الثاني يدرس الهجرة، وبداية تبلور الوعي المجتمعي. يدون بعض أسماء المهاجرين في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي.

كما يتناول الهجرة إلى عدن، وهم «الرعية» جماعيًّا من جور الجباية الجائرة على المزارعين، وأسلوب البدل الذي يلزم المزارع في زمن القحط، وما أكثر أزمنة القحط في اليمن، بدفع الزكاة عام القحط مساواة بزمن الخصب، ما يضطر الفلاحين لبيع أراضيهم، أو تركها بورًا، والفرار من التنافيذ.

ويعني المصطلح إرسال العسكر إلى قرى الفلاحين، وإلزامهم بإخلاء منازلهم للعسكر، والصرف عليهم، وتنفيذ أوامرهم الجائرة.

ويدرس المردود الإيجابي لهذه الهجرة على الأشخاص، مثلاً أحمد عمر مقبل – رائد التصوير في اليمن، ومحمد عمر، ودوره الريادي في التصوير والإخراج، ومردود هذه المرحلة إلى عدن على الحياة العامة في مناطق الحجرية، وعلى اليمن بصورة عامة.

يدرس الحرب العالمية الثانية، وهبوب رياح التغيير في أوروبا وبلدان العالم، وتجمعات أبناء المناطق المجاورة لعدن في مناطق معينة، والأهم الانصراف للعمل في مرافق مختلفة، وأهمها السكن.

ويتناول تأسيس «نادي الاتحاد العبسي»، ونشاط النادي، ودوره في استقبال الوافدين ومساعدتهم في العمل، والاهتمام بالتعليم، ورفع مستوى الوعي، ومساعدتهم للابتعاث للخارج، ومساعدة قراهم في تحسين مستوى المعيشة، وإدخال وسائل العصر، وفتح المدارس، وتزويدها بالكتب والمدرسين.

*نقيب الصحافيين اليمنيين الأسبق.

   
 
إعلان

تعليقات