صنعاء – “ اليمني الأميركي”:
يُعدّ مظهر نزار من أكثر التشكيليين اليمنيين اشتغالاً على الخصوصية الثقافية لبلاده وفق رؤية خاصة تمثله تجريديًّا وواقعيًّا..
ففي أعماله الواقعية تُمثل تجربته بالألوان المائية محطة مهمة من محطات تجربته في علاقتها باليمن؛ فجميع أعماله التي قدّمها بهذه التقنية جسدت -واقعيًّا – كثيرًا من معالم الجمال في اليمن مكانًا وإنسانًا، وتبرز صنعاء القديمة أبرز ثيمات هذه التجربة، حيث اشتغل مظهر على أبرز ملامح الخصوصية الثقافية والفنية في المدينة معمارًا ونقوشًا وأزياء وغيرها من التفاصيل التي أجاد الاشتغال عليها وفق تقنية برع فيها ،متميزًا دون باقي الفنانين من جيله والأجيال الأخرى.
على صعيد تجربته التجريدية بقيت، أيضًا، اليمن موضوعًا خصبًا تنوعت عناوينه في أعماله الوفيرة، بل يمكن القول إن لكل مرحلة من مراحل تجربته هذه قصة وحكاية…ويمكننا التوقف على مجموعة من أعماله الأخيرة التي اشتغل فيها على الحرب في بلاده، ومن الأعمال التي اشتغل فيها على الحرب: مجموعة لوحات بعنوان: “ما زال يتنفس…» ومجموعة “الحرب وأنا” ومجموعة “الأمل” وغيرها من الأعمال التي صوّر فيها رؤيته لِمعاناة بلادها جراء الحرب والحصار وتطلعه لتجاوز المعاناة وانتصار الانسان… لقد اشتغل في أعماله تلك وغيرها على الألم اليمني بصوره المختلفة؛ والتي جسد فيها مظاهر إنسانية قاسية للموت وتحدي الحياة في الواقع اليمني جراء الحرب؛ وهي اشكال اشتغل عليها في معظمها بالأسود معتمداً الحبر باعتباره أفضل تقنية تعبيرية تتحدث باسم المأساة من وجهة نظره.
عددٌ من اللوحات التجريدية جسّدت موقف الفنان المساند لبلاده، والمتماه مع جراحه، والمرتبط بآلامه والمساهم في شحذ طاقة الأمل ايضاً…وهذا ليس بغريب عليه؛ فهو فنان غزيز الإنتاج، مرتبط بحبل سري بكل شيء يمني؛ ولهذا يكاد يكون نسيجًا وحده في تعبيره عن معاناة الحرب في بلاده تشكيلياً؛ إذ استطاع أن يصوّر الجرح اليمني النازف في عددٍ من اللوحات مختزلاً بواسطتها كثيرًا من صور الأنين والأمل الصادر من كل يمنيّ نتيجة هذه الحرب…لدرجة يشعر المشاهد بمحمول كبير من الأحاسيس يفيض بها النص البصري، بل كأن اللوحة تتحدث!
يعمل مظهر نزار في مرسمه الخاص بمنزله بصنعاء، ويمارس عمله بحرفية عالية، مستفيداً من تراكمات تجربة ثرية، والتي برز من خلالها واحداً من أهم أسماء المشهد التشكيلي اليمنيّ، منتمياً للجيل الثاني في المحترف اليمني، ويُمثّل مدرسة مستقلة في خصوصيته التقنية والموضوعية.
على الرغم من استقراره منذ عقود في صنعاء بعد عودته من الهند، حيث ولد وتعلم، إلا أنه ما زال لا يتحدث العربية بوضوح؛ لكنه يفهم لهجة كل يمنيّ عندما يتحدث إليه، ويمعن في إدهاشك حين يتحدث العربية بلهجة صنعائية غير سليمة ؛لكنها تبدو كأنها يمنيّة خالصة على ما فيها… هكذا يشعر كل مَن تحدث معه! كل ذلك يؤكد لك مدى حرصه على التماهي مع بلاده…إنه حكاية جميلة من حكايات اليمن.
تعليقات