لاينسيغ – “اليمني الأميركي” – سايمون آلبرت:
تُعدّ ولاية ميشيغن من الولايات المتقدّمة في عدد الإصابات بمرض كورونا، وفي عدد الوفيات أيضًا؛ فالرقم يصل فيها إلى نحو 60 ألف حالة إصابة، وما يقارب من (5500) حالة وفاة، بالإضافة إلى أنّ الولاية من أولى الولايات التي دعت للحظر الاجتماعي وأغلقت المدارس، وما زال إغلاقها للمرافق الحكومية مستمرًّا إلى منتصف شهر يونيو/ حزيران… علاوة على أنّ عدد سكانها يقاربُ 10 ملايين نسمة، ويتصدر الحزب الديمقراطي منصب الحاكم المتمثّل بالحاكم (وليتمر)، ويُمثّل الحزب الجمهوري الأغلبية في مجلسي نواب وشيوخ الولاية.
أضِف إلى أنّ حاكم الولاية (وليتمر) تم اختيارها للرد على خطاب الرئيس ترامب في خطابه الاتحادي الأخير تعبيرًا عن ردّ الحزب الديمقراطي على خطاب الرئيس ترامب، وقالت حاكم الولاية: “البلطجة على الناس في تويتر لا تُصلِحُ الجسور، بل تُحرِقها”.
كورونا والسياسة
لكنها قصة مختلفة الآن، وقد تُوفّي أكثر من 100 ألف أميركي نتيجة مضاعفات الإصابة بالمرض، وعلى الصعيد العالمي فإن العدد أكثرُ خطورة، حيث قتل المرض ما يقارب (350) ألف شخص حتى الآن.
وأصبح القادة السياسيون يعرِفون أنه لا يوجَدُ وقت للّعب بالسياسة؛ فالوقت وقت إيجاد الحلول، وليس إحراز موقف سياسي.
أكبر تَحدٍّ وجّهته حاكم الولاية (وليتمر) هو خروج المظاهرات ضد قراراتها التنفيذية بالحظر وتمديد الفترة، وهي مظاهرات تُعبِّر عن مؤيدين للحزب الجمهوري والرئيس ترامب، كما أنها ضد الحظر، ومعروف أنّ ترامب لديه مؤيدين في كلّ الولايات، للردّ على مَنْ يُعارِضه في موقفه ضد أزمة الجائحة.
في 17 نيسان/ أبريل، غرّد الرئيس ودَوّن مدونته الشهيرة على ولاية ميشيغن وبعض الولايات الأخرى، داعيًا مؤيديه للعمل على “تحرير ميشيغن”.. وهي مدونة وخطوة أثارت انتقادات خطيرة من الجانب الديمقراطي في واشنطن، وربما ألهمت بعض مؤيديه لصياغة تهديدات بقتل الحاكم؛ وهو ما حصل بالضبط؛ إذ أنّ هناك من أعرَبَ في “فيسبوك” عن رغبته بقتل الحاكم.
أغلبية ومعارضة قوية
وفقًا لاستطلاع للرأي نُشِر قَبْل أسبوع واحد فقط من قِبل الغرفة التجارية في مدينة ديترويت، فإن أغلبية سكان ميشيغن يقولون إنهم يؤيدون استجابة الحاكم (وليتمر) لوباء فيروس كورونا.
ومع ذلك، ونتيجة للمعارضة القوية للمحتجين على حاكم الولاية، يعتقدُ الأغلبية الذين يعيشون خارج نِطاق الولاية بأنّ جميع السكان في ميشيغن هم ضد توجُّه الحاكم وليتمر، وقد بذلت جماعات مثل ائتلاف المحافظين في ميشيغن، وميشيغن يونايتد من أجل الحرية، جهدًا كبيرًا لتعبئة الأشخاص المناهضين للحاكم في احتجاجات منتظمة بالقرب من مبنى العاصمة في الولاية، مما أدى إلى نجاح الحملة الإعلامية ضد الحاكم.
وقال “ادام انجيلي”، وهو أحد المنظِّمين لهذه الاحتجاجات، “إنّ هذه الاحتجاجات، بالنبسة له وللمنظمة، إنما تُعبّر عن قلقٍ مما سوف ينتجُ من تأثير عن قرارات الحاكم؛ فالمحتجون ضد قرار الإغلاق الحكومي الذي اتخذه الحاكم بقرار تنفيذي، مطالبين بالرجوع للقانون الدستوري”.
ويُعدّ الرئيس ترامب من المشجِّعين على خروج المتظاهرين، ومِن أكثر المؤيدين لمعارضة الحاكم، حتى أنه دعا إلى إيقاف الدعم الفيدرالي للولاية.
ترامب وملعب الولاية
الأسبوع الماضي زار الرئيس ترامب ولاية ميشيغن، وحاول قدر المستطاع عدم الظهور للإعلام، وهو يرتدي الكمامات؛ بغرض عدم الاستجابة لقرار الحاكم، المتمثّل بضرورة ارتداء الكمامات في اللقاءات العامة، وفي أماكن العمل، وذلك عند زيارته مصنع شركة فورد.
التصريحات القاسية
عندما أعلنت وزيرة الأحوال المدنية في ولاية ميشيغن، والتي تختصُّ بإخراج الوثائق العامة، أنها ستقومُ بإرسال طلبات اقتراع الغائبين بالبريد… أدلى الرئيس بما رآها الكثيرون أنها تصريحات غير دقيقة حول خطر تزوير الناخبين عبر الطلبات البريدية، لدرجة أنه هدد بإلغاء التمويل الفيدرالي من الاستجابة الطارئة في الولاية، وبينما الوزيرة كانت تقصدُ شيئًا حوّله الرئيس ترامب إلى شيءٍ آخر، ففيما كانت تقصدُ أنّ إرسال الاستمارات لتعبئة البيانات لغرض التصويت، قال ترامب إن التصويت الغيابي يُعدّ تزويرًا… وهنا يأتي التلاعب بعقلية الناخب لكسب موقف سياسي.
الاستحقاق والانتخابات
البروفيسور “ديفيد دولو”، يُدرّس العلوم السياسية في جامعة أوكلاند – ولاية ميشيغن، والعديد من صفوفه والمواد التي يقوم بتدريسها تتعامل مع الانتخابات والمصالح السياسية.. ووفقًا للبروفيسور دولو، في حديث لصحيفة (اليمني الأميركي)، فقد تكون استجابة الفيروس والجائحة مختلفة إلى حدّ كبير لو لم يحدث ذلك خلال هذا العام وهو عام الانتخابات، “فقد يكون بدون سياسة ومصالح لكن الوضع مختلفٌ”.
الرئيس دونالد ترامب مرشّح لإعادة انتخابه في تشرين الثاني/ نوفمبر… وقد قال العديد من النقاد إنه إذا كان تراجُع الاقتصاد خلال الجائحة مستمرًا بالهبوط ولم يتعافَ أو يتحسّن قريبًا، فقد يفقدُ الرئيس إحدى النقاط المهمة الرئيسة لمناشدة الناخبين لإعادة انتخابه.
لذا بالنسبة للرئيس وقادة الحزب الديمقراطيين، فإنّ أغلبية الخطاب السياسي لهم هو حول الحفاظ على دعمهم وتحفيزهم للإقبال الجيّد خلال انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني.
وقال البروفيسور دولو “إنه مجرد مثال آخر على مدى صلابة موقف كلّ من الأحزاب السياسية وقياداتها في زواياها الخاصة، كما أنه ليس لديهم أيّ تصوّر للخروج مِن حُفَرِهم الخاصة، بل يحفرون فيها”، “إنّ الاستراتيجيات والتكتيكات التي يستخدمها الرئيس تروق لقاعدة المناصرين الخاصة به، وعندما يُطلِق خصومه النار، فإن ذلك يُناشِد قاعدتهم أيضًا؛ لذلك أعتقدُ أنّ الكثير من هذا يتعلق بتفعيل سياسة قاعدة المناصرين”.
ميشيغن ولاية أساسية، فمَن يفوزُ بها يفوزُ بالانتخابات الرئاسية، وللعلم أنّ ميشيغن كانت ديمقراطية، ولعدة فترات سابقة؛ إلا أنّ الرئيس ترامب فاز وخطفها، وصارت من نصيبه.
ومن أجل الفوز، سيحتاجُ المرشحون للرئاسة بشدة إلى دعم الأغلبية في ميشيغن، ومع اقتراب يوم الانتخابات، قد نشهدُ المزيد من نفس الجهود لكسب رضا الناخبين في الولاية.
تعليقات