جيمس زغبي
رئيس المعهد الأميركي العربي- واشنطن
هناك أوقات لا تكون فيها الأخبار، في الواقع، أخباراً مهمة. هذا مقال عن مثال حديث يثبت حكمة هذا القول. لكن دعونا أولاً نعود قليلاً إلى التاريخ.
في عام 1984، كنت أعمل كنائب مدير الحملة الرئاسية لـ«جيسي جاكسون». كانت الجالية العربية الأميركية مستحثة من قبل جاكسون، وكانوا يستضيفون فعاليات لجمع التبرعات له في مدن في جميع أنحاء البلاد. وفي وقت متأخر من الحملة، التقيت بجاكسون في لوس أنجلوس. كان قد وصل لتوه من زيارة إلى سان دييجو حيث حضر، من بين ارتباطات أخرى، تجمعاً للأميركيين العرب الذين كانوا يجمعون الأموال لحملته الرئاسية.
عندما التقينا في لوس أنجلوس، قال لي جاكسون بروح الدعابة الساخرة، «يبدو أن رفاقك قد تخطوا الحدود. وهم يمارسون ذلك في السياسة الأميركية. لقد أقمنا حدثاً لجمع الأموال في سان دييجو ولم تغطه الصحافة».
كان يشير إلى أنه منذ بداية الحملة وحتى ذلك الحدث في كل مرة كانت تقوم فيها الجالية العربية الأميركية بجمع الأموال، كانت هناك قصص صحفية سلبية مفادها أن «جاكسون يذهب إلى العرب»، أو مخاوف أثارها بعض القادة اليهود الأميركيين المحليين حول احتمال «تأثير المال العربي» على آراء جاكسون. لقد فسر حقيقة عدم وجود تغطية صحفية لحدث سان دييجو على أنها تقدم وربما قبولاً بأن الأميركيين العرب كانوا مجرد مجموعة أخرى من الأميركيين ذوي الأصول العرقية يدّعون دورهم المشروع على الطاولة السياسية. (ملاحظة تاريخية: في حين أن ملاحظة جاكسون كانت صحيحة، إلا أنها كانت سابقة لأوانها للأسف. ظل «الاستفزاز العربي» مشكلة لعدة سنوات أخرى. لحسن الحظ، أصبح الآن إلى حد كبير ماضياً.)
فكرت في كلمات جاكسون هذا الصباح أثناء حديثي مع اثنين من مراسلي الصحف اليومية في العالم العربي. لقد اتصل كل منهما للسؤال عن التصريحات الصحفية الصادرة عن البيت الأبيض ووزارة الخارجية، والتي تعلن عن عدد قليل من التعيينات المهمة إلى حد ما بين الأميركيين العرب في إدارة بايدن. طلب أحد الصحفيين رد فعلي على هذه التعيينات، بينما تساءل الآخر عن السبب في أن هذه القصة لم تحظَ بمزيد من التغطية.
كان ردي مثل رد جاكسون، «عندما لا يصبح تعيين عربي أميركي في منصب للأمن القومي خبراً، عندئذ يبدو الأمر وكأننا تجاوزنا الحدود». كما اقتبست من خطاب «مارتن لوثر كينج» بعنوان «لدي حلم» والذي قال فيه إنه يتطلع إلى اليوم الذي يتم فيه الحكم على المرء من خلال «مكنون شخصيته وليس لون بشرته». بعد أن أمضيت سنوات في رؤية العرب الأميركيين وهم مستبعدون من التعيينات السياسية التي تتناول قضايا الشرق الأوسط الحرجة، فإنه من المشجع أن نرى الأميركيين العرب الأكفاء يتم الحكم عليهم من خلال مهاراتهم وخبراتهم، وليس استبعادهم بسبب خلفيتهم العرقية.
إن حقيقة أن القليل من المعينين هم من أصل فلسطيني قد لوحظت بالطبع من خلال المنشورات اليمينية الهامشية وعدد قليل من أعضاء الكونجرس المتشددين. لكن الدعم الذي تلقاه هؤلاء المعينون من العرب الأميركيين من زملائهم طغى على الهراء القادم من الكارهين للعرب.
باعتباري شخصاً عاش عقوداً من التمييز، حيث كان يتم فصل العرب الأميركيين من وظائفهم بسبب عرقهم أو دعمهم لحقوق الفلسطينيين، أو يتم رفض مساهماتهم، أو إعادتهم لأن المرشحين يخشون رد الفعل العنيف من الظهور على أنهم «قريبون جداً من العرب» – آمل أن تلتمسوا لي العذر لشعوري بالرضا بسبب ما نحن عليه اليوم.
في جميع أنحاء الولايات المتحدة اليوم، في المجتمعات التي كان العرب الأميركيون يواجهون فيها صعوبة في الاعتراف بهم واحترامهم قبل أربعة عقود فقط، يعمل أعضاء الجالية كرؤساء بلدية ويشغلون مناصب أخرى بالانتخاب. على كافة المستويات، فيدرالياً ومحلياً وعلى مستوى الولايات، يبحث أصحاب المناصب والمرشحون بانتظام عن الأميركيين العرب للحصول على الدعم المالي والسياسي والخبرة السياسية. وفي هذا العام، ضمت حملة بايدن عدداً غير مسبوق من الأميركيين العرب ضمن طاقم العمل، ونظمت عدداً من الاجتماعات رفيعة المستوى مع الجالية، وأصدرت أول ورقة موقف (ورقة الموقف هي مقال يعرض رأياً ما بشأن إحدى القضايا) من الالتزامات تجاه المجتمع العربي الأميركي بشأن مجموعة من المخاوف السياسية المحلية والعالمية. وحدث كل هذا دون أي تغطية صحفية أو رد فعل عنيف.
لذا، فإنني لست مندهشاً من أن عدد التعيينات الأميركية العربية العظيمة في إدارة بايدن قد استُقبِلت على أنها هراء من قبل وسائل الإعلام الوطنية. في الحقيقة، فإنني أرى أنه ليس هناك أخبار جيدة. لقد تجاوزنا الحدود، وهذا خبر كبير، في حد ذاتها.
تعليقات