يشعر معظم العرب بضعف ثقة في قدرة إدارة ترامب على التوصل إلى حل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وفقد كثير منهم الأمل بأن يكون ثمّة حل ممكن باقٍ لهذا النزاع.
وفي الوقت ذاته، يبدو أن عداء الغرب لإيران أنتج ردة فعل مثيرة للقلق في أوساط الرأي العام الإيراني. وهاتان الملاحظتان مجرد نتيجتين من أصل مجموعة نتائج توصل إليها مركز «خدمات بحوث زغبي» من خلال استطلاع آراء نظم في تسع دول شرق أوسطية.
وفي كل عام من الأعوام السبعة الماضية، كانت تتسنى لمركزنا فرصة استطلاع مواقف الرأي العام في دول الشرق الأوسط لصالح «منتدى صير بني ياس»، وهو تجمع يضم نخباً من روّاد المفكرين العالميين تستضيفهم وزارة الشؤون الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالتعاون مع «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» في واشنطن.
وقد استطلع مركز «خدمات بحوث زغبي» هذه المرة آراء 7800 مشارك من سبعة بلدان عربية هي: المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر ولبنان والأردن وفلسطين والعراق، بالإضافة إلى تركيا وإيران. وتم إجراء الاستطلاعات وجهاً لوجه خلال الفترة الممتدة بين 24 أغسطس و19 سبتمبر، وشملت مواضيع متنوعة تشهدها المنطقة في الوقت الراهن.
ونعرض هنا لبعض الملاحظات المهمة التي استقيناها من خلال الاستطلاع: فقد أصبح يُنظر إلى روسيا بشكل متزايد على أنها لاعب مهم في المنطقة على رغم الرفض الكبير لدورها في سوريا. ولم تعد سياسات إدارة ترامب الجديدة في المنطقة تحظى بالقبول في معظم البلدان باستثناء تركيا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وهي الدول التي منحت للولايات المتحدة فيها نسب عالية بسبب دورها في سوريا والعراق. وفيما تنقسم آراء العراقيين حول الدور الأميركي في بلدهم، فإنهم يحملون مشاعر سلبية أكثر إزاء التدخل الإيراني.
ويمكن الاطلاع على هذه الاستنتاجات في التقرير الكامل المنشور على موقع مركز «خدمات بحوث زغبي» ZRS، إلا أن النتائج المتعلقة بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني وإيران هي التي سأتعرض لها في هذا المقال بالنظر لأنها تستأثر باهتمام كبير في السياسة الخارجية الراهنة للولايات المتحدة.
ويشعر العديد من السياسيين العرب بأنهم قد فقدوا الأمل في فرص التوصل إلى حل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. ووجدنا في مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أن حل الدولتين يحظى بالدعم، فيما قال 40% من اللبنانيين والأردنيين والفلسطينيين إنهم لا يرون أي إمكانية للتوصل إلى حل.
واتضح من الاستطلاع أيضاً أن الثقة ضعيفة في قدرة إدارة ترامب على التوصل إلى حل يضع حداً لهذا النزاع. وأعرب ثلثا اللبنانيين والأردنيين والعراقيين والفلسطينيين عن عدم ثقتهم في الإدارة الأميركية، وتشاركهم في هذا الموقف السلبي إزاء محاولات ترامب لحل الأزمة نسبة أعلى من السعوديين والمصريين والإماراتيين.
ومع بلوغ مدة الاحتلال الإسرائيلي عامها الخمسين، تبدو توقعات الفلسطينيين للمستقبل قاتمة. وحوالي ثلث الفلسطينيين قالوا إنهم هم أو أفراد عائلاتهم كانوا ضحايا العنف الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي أو المستوطنون اليهود. وأدى ذلك إلى خسائر جسيمة. ولا يزال ثلثا الفلسطينيين يؤيدون مبادرة السلام العربية. ولكنهم، وكما أشرنا من قبل، فقدوا الثقة في كل المحاولات التي تهدف لإنهاء الصراع. ونحو اثنين من كل خمسة فلسطينيين يقولون إنهم مستعدون لقبول حل الدولة الواحدة.. وقال أكثر من نصف الفلسطينيين إنهم غير راضين عن أداء السلطة الفلسطينية، وعبر أكثر من ثلثيهم عن عدم رضاهم أيضاً عن أداء منظمة «حماس».
وقال 70% منهم إنهم يتمنون على الفصائل المختلفة أن تعمل على توحيد صفوفها، وعبر ثلثاهم عن عدم ثقتهم باحتمال تحقيق مثل هذه الوحدة على أرض الواقع.
ويرى معظم مَن استطلعت آراؤهم أن إيران تلعب دوراً سلبياً في العالم العربي. وفي لبنان فقط، يرى البعض أن الدور الإيراني في المنطقة مهم! وفي كل البلدان العربية الأخرى، ينظر الناس إلى العلاقات مع إيران على أنها غير مهمة، وحتى في العراق بلغت نسبة من يعتقدون أن العلاقة مع إيران مهمة 30% فقط. وكان من الواضح أن تدخل إيران في سوريا والعراق يُنظر إليه في أوساط الرأي العام في كل البلدان العربية باعتباره أمراً مرفوضاً.
وتتناقض مواقف العرب في الدول المختلفة من الاتفاقية النووية مع إيران. ومعظم الإماراتيين والسعوديين والأردنيين والعراقيين يتمنون إلغاءها. وفي لبنان فقط عبر ثلث من استطلعت آراؤهم عن تأييدهم لها.
تعليقات