حكومةٌ ذكوريةٌ خالصة ونساءٌ يرفعْن النَّكَف الحَرِيمي من لندن!
عبدالله الصعفاني *
يُصِرُّ كثيرون على أنّ المناصب لا تؤنَّث، وأنَّ صفة وزير يجبُ أنْ تتبع اسم الوزيرة أيضًا، ولكن كيف الحال بعد استبعاد المرأة اليمنية تمامًا من التشكيل الجديد لحكومة معين عبدالملك؟.
هذا التجاهُل جعل ناشطات كثيرات يغضبْنَ ويضربْنَ النَّكَف القبلي النسائي في المسافة الممتدة تراجعًا من المهجر إلى اليمن حيث النشأة، حتى أنَّه وقبل أنْ يجفّ حبر قرار تشكيل حكومة ذكورية خالية من النساء كانت مبادرة (بصمة نساء للسلام) دعَتْ لعقد ندوة تخصصية في لندن حول الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وكيف أنّ المرأة اليمنية هي الأكفأ والأحقّ والأجدر بالوزارات السيادية.
ولاحظوا معي (الوزارات السيادية مرَّة واحدة) وصْفٌ يجعلُ المراقب يستحضرُ قانون الفعل وردّ الفعل، ويدعو إلى رفض حماقة النظرة الدونية إلى الشقائق بما في ذلك حماقة شاعر قديم قال (الصمت هو دور المرأة المجيد).
قضية استبعاد المرأة تمامًا من أيِّ حكومة في العالم أمرٌ يُثيرُ استفهاميات كثيرة عن دور الأحزاب اليمنية (المتحاصِصة) في صدور تشكيل حكومي خالٍ من النساء كعَودة بالمرأة اليمنية إلى حيث تكون (ناخبة فقط) في أحسن الأحوال، وهي التي كانت أحرزت أربع حقائب وزارية في حكومة خالد بحاح.
ومن غير المعروف المستوى الذي ستصلُ إليه الغاضبات من استبعاد النساء من الحكومة بعد أنْ كانت المرأة اليمنية اقتربت في مساعي الوصول إلى خط التطبيق لنسبة ما يُسمّى 30% كوتا.
وإذًا، حدث الإقصاء للنساء رغم اللغو الكثير حول الحقوق المكتسبة التي لا تراجُع عنها، وحول القرار الأممي 1325 المتصل بالأمن وسلام المرأة، وكيف أنّ المرأة صارت أحد شروط الحصول على الخارجي… ليبقى التشكيل الحكومي الذي استبعد النساء من حكومة معين عبدالملك مثيرًا للكثير من الآراء المستَهجِنة.
المرأة اليمنية المثقفة لنْ تتراجعَ عمَّا تُسمِّيه الحقوق المكتسبة والكوتا المفترضة، وزيادة فرصها في المشاركة الواسعة، وليس إقصاءها على النحو الذي ظهر في الحكومة الجديدة
الردُّ الطبيعي للمرأة..!
المرأة اليمنية المثقَّفة لن تتراجعَ عمَّا ستُسمّيه الحقوق المكتسبة والكوتا المفترضة، وزيادة فرصها في العمل، والمشاركة الواسعة في الحياة العامة، وليس إقصاءها على النحو الذي ظهر في التشكيل الحكومي الجديد.
والنساء اليمنيات من الدهاء – حتى لا أقول الكيد – بحيث سينبشن دفاتر الرجال فيذكِّرنَهم بالفرق بين الرجولة والذكورة، ثم يسترسِلْنَ في الحديث عن مظلوميتهنّ مع مصادرة الأخ لميراث أخته، وزواج الصغيرات، وخِتان الإناث، والتحرش، والعنف الجسدي واللفظي، فضلاً عن تدهور أوضاعهن الحياتية والإنسانية بسبب قطْع المرتبات عن البسطاء، وكذا احتراب الرجال وكذبهم المتواصل حول مواقفهم الحقيقية من حقّ المرأة في دخول معترك الحياة السياسية وادّعائهم الأجوف فِهْم العلاقة بين تقدُّم النساء وتطور المجتمعات.. فقط لتحسين صورهم والفوز بالمعونات الخارجية.
وللرجال حِبال..!
وحتى اتجنَّب التعصُّب مع دعاوى النساء.. يستطيع بعض الرجال الردّ بالقول:
وماذا عملت النساء عندما تسلَّمْنَ حقائب وزارية غير التماهي مع الأوضاع الحكومية الفاسدة، والقبول بموقع التابع لمن هم أدنى منهن في المنصب، والعزف الباهت على إسلام بلقيس مع سليمان، ودهاء أروى في إدارة الدولة الصليحية… وما إلى ذلك من الاستناد العاجز على حائط الرجُل الذي تفوَّقَ على المرأة حتى في الثرثرة.
أما أنا فسأختمُ بالقول:
لا يمكن تجاهل شقائق الرجال على هذا النحو الذي يتم فيه إقصاء النساء تمامًا من تشكيل حكومي نافِق، ومن الصعب تجاهُل دلالات (ولهنّ مثل الذي عليهنّ)، ومع الأسف ما نزال نشاهدُ رجالاً من موقع مسؤوليتهم يتصدرون احتفالات النساء بمُخاتلة وإسهاب تتقزّمُ أمامهما ثرثرة النساء في بيوت العزاء.
*كاتب يمني
تعليقات