هامترامك – “اليمني الأميركي”:
منذ الأيام الأولى لجائحة “كورونا” ونبيل ناجي يعمل من البيت، حيث يعمل مديرًا لإدارة تعليم اللغات في المنطقة التعليمية بمدينة هامترامك، وهذا ليس عملاً سهلاً بالنسبة إليه، كما يقول، فهو يظلّ يعمل حتى وقت متأخر من المساء بسبب الاجتماعات المستمرة في الإدارة التعليمية.
تمرّ الإدارة التعليمية في مدينة هامترامك، كغيرها من الإدارات، بأيام صعبة، ولكن حنكة الإدارة واتخاذها القرار المناسب بالتوقف منذ أول يوم أُعلِن فيه عن حالات إصابة بالمرض، دفعتها لتُعلِن بالتزامن مع ذلك عن بدء الدراسة عن بُعد.
وتُعدّ مدينة هامترامك موطنًا للمهاجرين من أقليات مختلفة، سواء القادمة من أوروبا أم من جنوب آسيا، أم من الشرق الأوسط، وعلى الرغم من ذلك لا زالت المدينة من المُدن الفقيرة، وتُعاني من البطالة، ومؤخرًا سوف يفقد الكثير من مواطنيها أعمالهم كغيرهم في المدن الأخرى جراء الجائحة، أضِف إلى ذلك أنّ عدم وجود خدمات الإنترنت لدى البعض أو صعوبة استخدام الإنترنت كوسيلة للتعليم سيزيد من تعقيد الوضع.
نبيل ناجي عليه التزامات نحو الإدارة التعليمية، وفي نفس الوقت لديه أربعة أطفال يريدون اهتمامًا من البيت في أداء مهامهم اليومية، «أنا الآن أعملُ من المنزل، وأيضًا أُتابِع أولادي في نفس الوقت، وهذا تحدٍّ لم يواجهني من قبل».
تجربة طفل
ابن نبيل (مُحمد)، عمره (10) سنوات، يبدأ درسه اليومي عن طريق مشاهدة الفيديو المرسَل من المدرسة إلى الكمبيوتر الخاص به، ويبدأ مسيرة يومه بالتعلّم عن بُعد، وفي مادة الرياضيات تُطرح عليه معادلات أو مسائل حسابية تحتاج إلى حلّ، وإذا حلها يستمر في العملية، وإذا أخطأ يقوم الكمبيوتر بطرح فيديو آخر لتوضيح المسائل.
يقول مُحمد: «إنهم يعطونك مواد الرياضيات والقراءة والاجتماعيات».
مُحمد يفضّل الرياضيات عن بقية المواد، وأيضًا يُفضّل التعليم في الواقع على التعليم بواسطة الكمبيوتر، وعلى الرغم من أنه ليس كبيرًا بما يكفي لشرح: (لماذا يحبّ ذلك أكثر من ذاك… ومع ذلك، يقول مُحمد: إنه يجتهد من أجل اجتياز الدراسة دون معلِّم.
وعلى الرغم من أن المواد التعليمية في البيت، وعن طريق التعليم عن بُعد، إلا أن مُحمدًا يفضّل الذهاب إلى المدرسة، فقد اشتاق إلى أشياء كثيرة، منها: صالة الألعاب للتمارين الرياضية، وأيضًا الموسيقا والعلاقات الاجتماعية، ويضيف مُحمد: «كل شيء في المدرسة».
التعليم عن بُعد
منذ بدء تفشّي فايروس كورونا في ميشيغن، اجتهد العديد من المعلمين للانتقال إلى التعليم عبر الإنترنت بهذه السرعة، وكما قال أحد المعلمين في مدينة “فارمنجتون هيلز”: إن العديد من المعلمين يُمنحون أسبوعًا واحدًا فقط لتغيير مسار العام الدراسي بأكمله.
المناطق التعليمية الأخرى مثل هامترامك وديترويت ليست قادرة بسهولة للحصول على التعليم عبر الإنترنت.. والأساس المنطقي، كما قالت المشرِف على المنطقة التعليمية في هامترامك، جليلة أحمد، هو الحفاظ على العدالة والإنصاف داخل المنطقة التعليمية، «وتوفير وزيادة الدعم هو المطلوب».
وفي مقابلة نشرتها صحيفة (اليمني الأميركي) في العدد السابق، أوضحت المشرِف أحمد أن العديد من الطلاب في المنطقة التعليمية لا يُمكِنهم الوصول إلى الإنترنت بسهولة واستخدامه بشكل سريع.. «نقْل مرحلة التعليم عبر الإنترنت سيكون غير منصِف لبعض المناطق مثل ديترويت وهامترامك، ويكون بذلك ترك الطلاب متأخرين عن بقية المناطق».
ما زالت الإجراءات طويلة للعودة إلى المدارس، مع استمرار ارتفاع حالات الإصابة، وخاصة في مقاطعة واين.. وما زال نبيل يبحث عن حلول من أجل تسهيل العملية التعليمية في مدارس هامترامك العامة، «ولكن هناك صعوبة على عكس مدينة ديربورن، حيث الإمكانات أفضل بكثير من مدينة هامترامك، من حيث توفير الكمبيوترات المعروفة باسم (كروم بوك) الذي يوجد في المدارس، وعلينا إرساله إلى المنازل في أسرع وقت، وهناك إجراءات لا بدّ أن نتخذها قبل كل شيء، فهناك إجراءات تتعلق بالكمبيوتر علينا القيام بها، مثل: كيف سيكون البرنامج للطالب، وماذا سيدرُس… ونحن نعمل الآن على إيجاد خطة لمواجهة هذه التحديات».
«مدينة ديربورن لديها إمكانات بحكم حجم المدينة، ولدى المنطقة التعليمية إمكانات أكثر، ورغم هذا فالإدارة التعليمية في مدينة هامترامك ستكون جاهزة بحكم أننا نعمل بجد لطرح برنامج تعليمي يتناسب مع الانتقال إلى مرحلة التعليم عن بُعد».
وعن الطفل مُحمد يقول نبيل: «هذا شيء جديد، لكن الوقت كفيل بأن يتعلموا التحدي الجديد، وللعلم أطفالي الأربعة لم يخرجوا من البيت منذ بداية الجائحة».
رسالة أخيرة
لا بُدّ من التنويه بأن الجائحة مطوِّلة، وعلينا الاستعداد لها ومواجهتها بكل الوسائل: أولاً: عدم الخروج من المنازل، ثانيًا: إنه تحدٍّ، وعلينا القيام بكل الخطوات التي تحمينا وتحمي أولادنا.
تعليقات