ديترويت – سيمون آلبرت – ترجمة/ ذكريات البرام
قضت بدرية صبري، في الأشهر القليلة الماضية وحتى 30 حزيران/ يونيو، وقتًا طويلاً مع زوجها – أمين خِزانة مقاطعة “واين كونتي”، في إعادة تسمية المبنى الحكومي بولاية ميشيغان، حيث إنها لم تهتم في الواقع للاسم القديم للمبنى ولا يعنيها ذلك، والسبب أنّ الاسم الجديد الذي ناضَلَت من أجله كان مألوفًا لديها وتعرِفه جيّدًا، وهو “إليوت – لارسن”، والذي يعود لِجَدّتها “ديزي إليوت” أيقونة الحقوق المدنية وعضو كونجرس ولاية ميشيغان، وكانت ناشطة دافعت عن حقوق الفقراء والطبقة العاملة والأقليات، وكرّست حقوقهم حتى أصبحت حقيقةً في الدستور الحيّ للولاية.
قالت بدرية: «بعد وفاة والدتي في وقتٍ مبكّر، وحتى عندما عُدْتُ من دراستي الجامعية كانت حياتي تمضي مع جدتي ديزي. «
مَنْ هي ديزي إليوت؟
كانت ديزي إليوت واحدة من ستة أطفال نشأوا في ولاية فرجينيا الغربية مع أبٍ يعملُ في مناجم الفحم لدعمهم وتربيتهم.
وتتذكرُ بدرية بعض القصص التي جلتبها إليوت معها في ذلك الوقت من ولاية فرجينيا الغربية، ومنها قصة الأحذية، فعندما كان والدها (أي ديزي) يعود للمنزل حاملاً معه أحذية للجميع، كانت تعاني ديزي من ضَيْق الأحذية عليها، ولكنها كانت تحاولُ مرات ومرات لارتدائها، وكانت تخشى أنْ يستردّها والدها، ولا تحصلُ على حذاء.. تلك الحياة الصعبة جعلت منها أيقونة لاحقًا بالنظر إلى حياتها السياسية.
يُمكِن لأيّ شخْص أنْ يعترفَ بأنّ ديزي إليوت كانت خطيبة مفوّهة، وذات عقلٍ سياسي حاذق، وقد أصبح هذا التركيز حادًّا عندما أصبحت واحدة من 11 امرأة فقط في المؤتمر الدستوري بميشيغان عام 1961.
جزءٌ من عملها خلال تشكيل الدستور الأخير في ميشيغان هو إضافة لجنة الحقوق المدنية إلى إطار الوثيقة.
وبعد 11 عامًا، عمِلت مع المشرّع الجمهوري ملفين لارسن للحصول على دعم الحزبين لقانون الحقوق المدنية لعام 1976، والمعروف باسم قانون الحقوق المدنية (إليوت – لارسن).
«ديزي، في الواقع، كانت مقاتلة، وكانت شخصية هادئة، ومُحبّة وثاقبة جدًّا، وكذلك عنيدة جدًّا – «قالت بدرية.
دافعت “ديزي إليوت”، أيقونة الحقوق المدنيّة وعضو كونجرس ميشيغان، عن حقوق الفقراء والطبقة العاملة والأقليات، وكرّست حقوقهم حتى أصبحت حقيقةً في الدستور الحيّ للولاية
كيف تم تمرير مشروع القانون في ميشيغان؟
في الستينيات وأوائل السبعينيات، لم تكن أميركا مستعِدّة للتغيير الذي تحتاجه؛ فالسياسة العنصرية تتغلغل في المجتمع الأميركي من خلال الفصل العنصري، وغيره من الممارسات التمييزية.
وقد قُوبِلَت حركة الحقوق المدنيّة الوطنية، التي تدعو إلى إلغاء نظام الفصل العنصري وإرساء المساواة في المعاملة بموجب القانون، بعِداء شديد من الأغلبية البيضاء في البلد.. في ذلك الوقت كان مشروع قانون الحقوق المدنية عملاً سياسيًّا صعبًا.
كان لدى ديزي إليوت نظرة ثاقبة أنّ قانون الحقوق المدنية لإليوت – لارسن يحتاج لِعَقْدٍ من الزمن قبل أنْ يكون شيئًا مهمًّا.
وقال الديمقراطيون، في ذلك الوقت، إنّ على إليوت الانتظار حتى يُمكِن العثور على دعم مشروع ذلك القانون.
ولكن كما تتذكر بدرية، لم تستطع ديزي الانتظار؛ إذ كانت متلهفة للسعي وراء غايتها.
ومن أجل الحصول على المزيد من الدعم لمشروع قانون الحقوق المدنية، سعت للحصول على دعم ملفين لارسن، وهو جمهوري أبيض يُمثّل أكسفورد، ميشيغان، وطوال عملية ضمان دعم لارسن قيل للنائب الجمهوري إنّ دعمه لمشروع قانون الحقوق المدنية سيُنهي حياته السياسية، ولم يستمع لارسن لناصحيه الذين قالوا له إن ذلك يُمثِّلُ انتحارًا سياسيًّا، ولكنه فعلها، كما قالت بدرية.
التصويت
بعد الحصول على دعْم الحزبين (الديمقراطي والجمهوري) لِمشروع القانون، تم التصويت على قانون الحقوق المدنية لإليوت – لارسن ليُصبِح قانونًا عام 1976.
واعتُبِرَت ديزي إليوت واحدة من الشخصيات الرئيسية في عهد الحقوق المدنية في ميشيغان، وكذلك تقدَّم ملفين لارسن لمواقع قيادية على مستوى الولايات داخل الحزب الجمهوري .
بعد الحصول على دعْم الحِزبين (الديمقراطي والجمهوري) لمشروع القانون، تمّ التصويت على قانون الحقوق المدنية لإليوت – لارسن لِيُصبِح قانونًا عام 1976
النشأة مع ديزي إليوت
قالت بدرية: «نظرَ الجميع إلى ديزي إليوت كقائدة في العائلة؛ لِأنها كانت هي التي تخرجُ وتتخذُ القرارات وتساعدنا على تشكيل تفكيرنا في أشياء مختلفة تحدُثُ في البلاد».
«كانت النشأة مع ديزي إليوت تعني التعلّم عن حركة الحقوق المدنية منذ سِنّ مبكّرة.. كان يعني تعلُّم ما كان دورها في مجتمع جعَل الحياة صعبة للغاية في كثير من الأحيان بالنسبة للأميركيين الأفارقة، وكان يعني دائمًا وجود ديزي إليوت للمساعدة».
وأضافت: «كلما كان لديك قلق، اذهبْ وتحدَّث معها عن ذلك»، «ومرات قليلة جدًّا جدًّا، لا أستطيعُ التفكير، ولكن في بعض الأحيان لم تسِرْ الأمور بالطريقة التي قالت إنها يجبُ أنْ تحدُث«.
الإسلام
عندما اعتنقت بدرية صبري الإسلام، قالت إنّ جدّتها راقبت عن كثب، حتى اتضح أخيرًا أنَّ بدرية ملتزمة بطريقة حياتها الجديدة بشكل جيّد.
«هناك علاقة عالمية موجودة بين جميع الأديان الرئيسية الثلاثة على الأقل، الذين درستهم، لكن ديزي احترمت ديانتي الجديدة، وعندما تزوجتُ وبدأتُ أُنْجِبُ أطفالاً، كانت فخورة جدًّا بالطريقة التي كنا نُربّي بها الأطفال كمسلمين».
وتتذكرُ بدرية جدّتها كقوة في حياتها، وكشخص علّمها الصواب والخطأ، والعمل المطلوب في كلّ الظروف، وكيف تكون إنسانًا، وروحًا حيّة، وقوة للتغيير في مجتمع يحتاج لهذه العوامل بوفرة .
تُرى ما الذي ستُفكّر به (ديزي) الآن؟
قالت بدرية: «ستكون سعيدة جدًّا جدًّا بالشباب الذين انضموا معًا للقتال من أجل ما يؤمنون به، ومن أجل قضية ما، وستصرخُ بشأن الظلم الذي لم يترك لها وقتًا في حياتها».
«كانت ديزي شخصًا يعملُ بلا كلل من أجل الجماهير والفقراء والأقلية والمضطهدين في عصرها.. ستعتقدُ أنّ الوقت قد حان لإنهاء الظلم، وهي ستعلَمُ بالضبط كيف يُمكِن للجميع أنْ يساعدوا اليوم «.
تعليقات