Accessibility links

إعلان

د. شاكر الأشول

 

الجمعة الماضية.. تناقشتُ أنا وأحد الأصدقاء عن الهوية اليمنية الأميركية..  حاول أن يقنعني بأنه ليس هناك يمنيون أميركيون، وإنما يمنيون في أميركا..

حاولت من جانبي التوضيح بأن مسألة الهوية أكثر تعقيدًا من بيانها بين الأبيض والأسود، وأن هناك نسبة من اليمنيين الأميركيين، ولو كانت صغيرة، وأنه بالفعل ربما كان الغالبية في أميركا هم ما زالوا يمنيين في أميركا.. انتهى نقاشنا.. ولا أنا اقتنعت بتقييمه، ولا هو أقتنع بمحاولتي تعقيد الصورة.

بعد عودتي من لقائنا فتحتُ الفيس بوك لأقرأ عن إطلاق النار في أحد الأعراس في جنوب شرق ولاية ميشجن، عندها أدركتُ أنً صاحبي ربما يكون فعلاً على حق.. وأن الأشخاص الذين يعدون بالأصابع ممن يمكن أن نعتبرهم يمنيين أميركيين هامشيين في مقابل العقلية السائدة والممارسات والتصرفات، التي تعكس – فعلاً – أن اليمنيين في أميركا، وبعد أكثر من مائة عام على تواجدهم هناك ما زالوا يمنيين في أميركا، بهويتهم وبكل إيجابيات وسلبيات الهوية.

في ميشجن وفي كالفورنيا وفي نيويورك تحولت الأعراس، في الآونة الأخيرة (وللأسف صورة من عرس في كالفورنيا) إلى أعراس يمنية، لا تختلف كثيراً عن تلك التي تتم في صنعاء أو في إب.. القات والشيشة والجنبية والمسدس والشال وجو قد يشبهه المصري أو العربي الآخر إلى جو التحشيش منه جو فرح أو بهجة العرس..!!

في الأعراس نخزن القات، والقات ممنوع وغير قانوني، ونحمل الجنابي، ونتنقل بها وهي -أيضاً- ممنوعة قانونيًّا، ونتزين بالمسدسات، حتى أنه لم يتبق علينا إلا إطلاق النار، وهذه الأخيرة تمت هذا الأسبوع..!!

كان أجدادنا أكثر ذكاءً منا.. في الوقت الذي كان المجتمع فيه ناقمًا على الأجنبي وعلى الأسمر، وعلى العربي.. لبس اليمنيون البدلات والكرافتات، وغيّروا حتى أسماءهم ليتكيفوا مع الأوضاع، ونحن اليوم في ظل هذه الأوضاع نتمادى في مخالفة قوانين التجارة وقوانين السلامة، وقوانين الممنوعات، وكأننا نعيش في قرانا، بلا قانون وبلا راعي.

مساجدنا لا تحدّث أحدًا عن القات؛ ربما لأن الإمام مخزّن هو أيضًا، وجمعياتنا مناسباتها واجتماعاتها سنوية، وربما يكون القات ما يجمع أعضاءها، وعندما تظهر أية مشكلة نعتبرها وكأنها مسألة شخصية تخص شخصا أو أسرة، بينما المجتمع كله عرضة لها، والمشاكل في كل بيت مهما حاول الناس التستر عليها.

هوية الإنسان ليست أمرًا مصطنعًا، وجميل أن يرتبط الإنسان بإيجابية بتاريخه وأصوله، فكل الأميركان يفاخرون بذلك، لكن الأجمل أن يعيش الإنسان واقعه، وأن يبحث عن الحياة الأسلم، بعيدًا عن مخالفات القانون، وبعيدًا عن إحياء سلبيات المجتمع الذي تركناه.. قد يكون هناك يمنيون أميركيون، لكن الأصح ما قاله صاحبي،  فلا زال أغلبنا يمنيون في أميركا..!!

   
 
إعلان

تعليقات