Accessibility links

من قصص المهاجرين اليمنيين في «ديربورن».. سعيد حيدرة.. مرارة النجاح الحلو 


إعلان

 

سعيد أحمد علي حيدرة.. مهاجر يمنيّ يستقر مع عائلته في “ديربورن” التي اختارها داراً لهجرته منذ وصوله إليها قبل أكثر من أربعة عقود، وفيها تنقل بين عدد من الأعمال بدءاً من عمله في غسل السيارات.. قبل التحاقه بمصنع “كريسلر” لصناعة السيارات؛ وهو العمل الذي تقاعد منه، ويتفرغ -حالياً- لإدارة استثماراته في مجالي المطاعم والعقارات.. في واحدة من قصص المهاجرين اليمنيين في مدينة “ديربورن”.

ديربورن – “اليمني الأميركي”

وقد صار (سعيد) اليوم كهلاً.. تسترجع معه صحيفة “اليمني الأميركي” بعضاً من حكايته منذ قدومه إلى هنا عُوداً غضا يتطلع للحصول على عمل يؤمّن استقرار حياته.. مثل أي مهاجر يأتي إلى أرض الأحلام من بلد قصي، اسمه “اليمن”..!

قَدَم إلى الولايات المتحدة شاباً يافعاً، لم يكن عمره حينها قد تجاوز السادسة عشرة.. بل ما زال ذلك الشاب يحفظ جيداً تاريخ وصوله للولايات المتحدة في شهر شباط/ فبراير 1971م.. فهذا التاريخ لا يمكن لأي مهاجر أن ينساه، وبخاصة من جاء صفراً، وأصبح – لاحقاً – رقماً على يمينه عدة أصفار…!

كان مجتمع الجالية اليمنية في “ديربورن” حينئذ قليلاً ومحدوداً جداً…:” وكان من الصعب – حينها – إيجاد عمل، وبخاصة لمن كان في عمري” يقول سعيد.. ويضيف إنه وصل إلى “ديربورن”، ولم يكن في جيبه سوى عشرة دولارات.. أعطى نصفها لسائق التاكسي، واحتفظ بالخمسة الأخرى.

عند قدومه اختار أن ينزل لدى أحد أقاربه في المدينة، وهو ابن عمه سعيد حسين حيدرة.. وقد نزل في منزله لعدة أيام. على الفور بدأ ذلك الشاب في البحث عن عمل، إلى أن حصل على أول فرصة؛ وهي العمل “ لفران كار واش على ميشيغان أفنيو».. وقد كان عملاً شاقاً؛ ذلك أنه كان يغسل السيارات صباحاً في مناخ مثلج تعطلت معه حركة وسائل النقل، مما كان يضطره لقطع الطريق من مسكنه لموقع عمله مشياً تحت تساقط الثلوج..

«أمضيتُ في ذلك العمل ثلاثة أشهر، وكانت بداية صعبة.. لقد كنت أقطع في أيام الصقيع، وتساقط الثلوج ثلاثة أميال مشياً على الأقدام من حي «دكس» إلى مكان العمل ذهاباً واياباً؛ وفي ذلك المناخ، شديد البرودة، وتلك الظروف الصعبة كنتُ أعمل في غسيل السيارات وأمشي على الأقدام… وكانت درجة الصقيع -حينها -تصل إلى خمس درجات تحت الصفر» يوضح سعيد.

لم يكتف ذلك الشاب بالعمل الصباحي؛ فبحث عن عمل آخر؛ وبالفعل وجد فرصة أخرى؛ إذ عمل في أحد المطاعم «البيج بوي» بجانب عمله في المغسلة، بالإضافة إلى مواصلته للتعليم.. فكان برنامجه اليومي مشغولاً؛ حيث كان يعمل نهارا في المغسلة والمطعم ويذهب إلى المدرسة ليلاً..

بلا شك أن سعيد، وهو يتذكر تلك البدايات – الآن – يشعر أنه سعيد، حقاً، لا اسماً.. لا سيما وقد تجاوز تلك المحطات بظروفها القاسية، وحقق ما هو عليه الآن من استقرار.. وهو بهذا لا يعكس سوى مثال واحد لمهاجرين يمنيين كثر على امتداد المهجر الأميركي..!

لم يستمر ذلك الشاب القادم من اليمن مدة طويلة في تلك المحطة من رحلته، إذ سرعان ما ابتسم له الحظ ومنحه فرصة أفضل، وذلك من خلال التحاقه بالعمل في مصنع «كرسيلر» للسيارات.. وخلال تجربته في ذاك العمل الذي رافقه إلى سن التقاعد.. شهدت حياته تحولاً نوعياً..

يقول: «كنت شابا اجتماعيا؛ فساعدني ذلك على الانخراط بسهولة بالمجتمع العربي، وبخاصة الجالية اللبنانية».

كعادته في الاشتغال على عامل الوقت؛ فقد عمل سعيد، بجانب عمله، في مصنع السيارات.. في مطعم «العم سام»، وهناك، بدأت علاقته تتكرس بعالم المطاعم، حتى أخذ يتطلع لاحقاً للاستثمار فيها؛ وهي التجربة التي تجذرت بامتلاكه هذا المطعم فيما بعد؛ وهو المطعم الذي مازال يديره؛ في تجربة ظلت تنمو منذ مستهل الثمانينيات؛ ويبرز – حالياً- من أهم ملامحها مطعم «القرية العربية».. استفاد سعيد كثيراً من علاقات الصداقة الواسعة التي كانت ومازالت تربطه بالكثير من المهاجرين وبخاصة اللبنانيين…واستطاع أن يطور ويوسع استثماراته، والتي تجاوزت المطاعم إلى العقارات، وصار له استثمارات عدة يتفرغ – حالياً – لإدارة شؤونها بجانب إدارته لشؤون جمعية «نايا»..

لم تقتصر تجربته في خدمة المجتمع على هذه الجمعية.. فقد ساعدته شخصيته   الاجتماعية على الانخراط بالمجتمع العربي، واكتساب بعض المهارات التي عززت من قدراته في إدارة علاقاته وأعماله كما سبقت الإشارة، متجاوزاً التجارة إلى منظمات المجتمع المدني، فاسهم مع عدد من المهاجرين في تأسيس عدد من الهيئات المدنية للمجتمع العربي في «ديربورن» بدءاً من إسهامه مع ثلة من المهاجرين اليمنيين في سبعينيات القرن الماضي في تأسيس الاتحاد العام للمغتربين اليمنيين، ومن ثمة المركز العربي.. ثم إسهامه مع آخرين في تأسيس الغرفة التجارية العربية الأميركية في الثمانينيات، وغيرها، وصولاً إلى مساهمته في تأسيس الجمعية الوطنية اليمنية الأميركية في مستهل الألفية الثالثة.

لم تقف طموحات هذا المهاجر عند مهجره.. بل انتقل إلى وطنه.. ووفق حديثه لصحيفة «اليمني الأميركي» – يقول إنه أسهم – هناك – في تأسيس عدد من الجمعيات الزراعية، وافتتاح مصنع الصفا للعصائر والأجبان ومعه مزارع للمانجو والليمون والباباي، بالإضافة إلى تأسيس عدد من كافيات الانترنت في مرحلة مبكرة من دخول هذه الكافيات لليمن…وافتتاح فرع لمطعم القرية العربية.

وهو يستذكر تجربته في تلك المحطات والمشاريع التي نجح في بعضها وأخفق في البعض الآخر– يقول سعيد حيدرة: أنا مرتاح الضمير؛ لأنني أسهمت في خدمة الوطن قدر ما استطعت.

   
 
إعلان

تعليقات