Accessibility links

إعلان

تحلم أن تساعد الآخرين كما ساعدوها وساعدوا أسرتها.. «فاديا دنوف» شابة سورية عاشت معاناة الحرب مع عائلتها في حلب، كما عاشت النزوح إلى الأردن ومعاناة فقدان الأب هناك، لتغادر العائلة إلى أميركا في رحلة أخرى؛ بحثًا عن فرصة كريمة للحياة. ضمن قصة من قصص الجيل الراهن للجالية السورية في أميركا، تعمل فاديا في أحد مطاعم مدينة ديربورن، وفي ذات الوقت تدرس في (كلية هنري فورد). وصلت هذه الشابة مع عائلتها إلى أميركا عن طريق اللجوء؛ بحثًا عن (الحلم الأميركي)، وسعيًا وراء فرصة للحياة، والبدء من جديد هنا بعد نيل الحرب من بلادها.

ديربورن – « اليمني الأميركي»:

تعكس حكاية هذه الشابة معاناة شعب بأسره أنهكته الحرب، وفي ذات الوقت سنقرأ في قصتها مدى إصرار عائلتها على التحدي والعمل لتوفير عيش كريم، وفي ذات الوقت، وبموازاة العمل، تحرص فاديا على التحصيل العلمي انطلاقًا من وعي بأهمية التأهيل العلمي طريقًا لتحقيق الأحلام.تحلم هذه الشابة السورية، ومثلها قصص شامية عديدة في أميركا، أن تنجح في تجربتها هنا، وصولاً لِأنْ تشتري بيتًا لأسرتها، وتحقيق حُلمها في أن تكون صيدلانية أو طبيبة.. فهل يمنحها الحلم الأميركي هذه الفرصة؟!.. هي موقنة أنها ستنال فرصتها وستُحقق حُلمها، كما أكدت خلال حديثها لصحيفة (اليمني الأميركي).

سوريا والهروب 

“أسرتي مكونة من ستة أشخاص، أمي وأبي وإخواني الثلاثة، وكنا نعيش في وطننا سوريا بمدينة حلب، وكان والدنا يعمل في بيع الحلويات، تساعده أمي في العمل بجانب عملها على تربيتنا في البيت ومساعدتنا في الواجب المدرسي”، تقول فاديا متحدثة عما كانت عليه حياتهم قبل الحرب والهروب، وتضيف: “كان والدي يذهب صباحًا بعربيته الصغيرة لبيع الحلوى والعودة مساءً، وعندما زادت المخاطر في سوريا بسبب الحرب لم نعد باستطاعتنا الذهاب إلى المدرسة بسهولة، حيث كان الذهاب للمدرسة يأخذ منّا وقتًا طويلاً.. حينها كانت المدينة تتدحرج من سيئ لأسوأ، وبعدها قرر والدي السفر إلى الأردن، وسافرنا إليها العام 2011».

الأردن وموت الأب

خلال وصولهم للأردن عاشت هذه الأسرة معاناة قاسية لاسيما بعد وفاة الأب.. تقول فاديا: “وصلنا إلى الأردن، وهناك كل الأسعار مرتفعة، ولكنه شعب طيب، ويرحب بالجميع.. بدأ والدي يعمل في نفس مهنته في بيع الحلوى، حيث يذهب صباحًا ويعود مساءً بعربيته، وكان يعمل في إعداد الحلوى ليلاً بمساعدة والدتي ويبيعها صباحًا لتوفير لقمة عيشنا جميعًا، وأنا وإخواني نواصل التعليم، حيث كنا صغار السن حينها.. وفي أحد الأيام غادر والدي صباحًا كالعادة، ولم نسمع إلا صوت يدق باب البيت في حالة صياح، ويقول لنا: إن والدي صدمته سيارة، خلال عمله على عربية الحلوى، وقد تم إسعافه للمستشفى.. لقد مات والدي عند وصوله المستشفى، كان ذلك عام 2013.. لم تستطع والدتي العمل في ذات المهمة وهي بيع الحلويات؛ لأنها تحتاج لمجهود ليلي، كما تحتاج لرجل يعدّ العجين ويتعامل مع الآلة، وهو ما اضطرها للعمل في البيوت كمنظفة، من أجل تحمّل تكاليف معيشة الأسرة، فأمي تقول دائمًا: أنْ لا عيب في العمل.. والدتي هي التي ترفع من معنوياتي وأعدّها قدوتي الأولى!”.

السفر إلى أميركا 

عاشت أسرة فاديا في الأردن لسنوات عقب وفاة الأب، وتحمّلت الأم أعباء الإنفاق على الأسرة من خلال عملها المتفاني، إلا أن الوضع العام في الأردن، على الرغم من طيبة شعبه وترحيبه بالجميع، لا يشجع على البقاء؛ لأن – تقول فاديا- “قوانين البلد وغلاء المعيشة هناك لا تمنحك القدرة على دخول الجامعة أو شراء منزل أو سيارة.. حينها جاءت لنا فرصة السفر إلى أميركا، حيث تواصلت معنا المفوضية العامة للاجئين، وعرضت علينا فكرة السفر، إلا أن أمي لم توافق في البداية بحجة اللغة وثقافة المجتمع الغربي التي تختلف عن ثقافة مجتمعنا العربي الإسلامي، وغيرها من المخاوف، لكنها بعد أن سمعت من الجميع أن أميركا أفضل لنا، حينها وافقت على السفر”.

اللجوء والحلم

وصلت عائلة فاديا إلى نيويورك عام 2016م، وبعدها إلى ولاية ميشيغان.. تستطرد: “عندما وصلنا استقبلتنا منظمة خاصة باللجوء، وعشنا في فندق هناك ما يقارب الشهر، وكنا نعيش مع لاجئين آخرين، من خلال التبرعات.. كانت أيامًا صعبة، لكن كان هناك رجال خير وقفوا معنا خلال تلك الفترة.. لقد كانت الفكرة أننا سنحصل على عمل وبيت ودراسة من أول يوم، لكن ذلك لم يحصل. بعدها انتقلنا إلى مدينة ديربورن”.

ديربورن ومطعم النورس ولابالما

عندما وصلت العائلة إلى مدينة ديربورن بدأت الأم في البحث عن عمل، وبالفعل حصلت على عمل في أحد الأفران .. تقول فاديا: «كان سكن العائلة فوق الفرن، وبعدها حصلت أنا، أيضًا، على عمل ومازلت أعمل، حيث بدأتُ العمل في (مطعم النورس)، والآن في (مطعم لابالما) مع المدير هشام الذي علّمني الكثير، وساعدني في فهم الكثير من مهارات العمل، وما زلتُ أتعلّم”.

العمل والدراسة 

وعن تجربتها في هذا العمل؛ تقول فاديا: أنا أعمل بدوام كامل، وأدرس بدوام كامل أيضًا؛ لأني أريد ذلك؛ فأذهب إلى كلية هنري فورد ثلاثة أيام في الأسبوع، وأعمل هنا (40) ساعة”.

استطاعت فاديا بمثابرة أن تكتسب اللغة المحكية، والآن تبذل كل جهدها لتعلم اللغة العلمية.

انطلاقاً من اهتمامها الصحافي بقصص كفاح المهاجرين العرب في أميركا.. زارت صحيفة (اليمني الأميركي) فاديا إلى المطعم، واستطلعت واقعها عن قرب ، وهنا تحدث أحد الزبائن مشيدًاً بعملها كمحاسبة (كاشير)، منوهًا بابتسامتها الدائمة خلال العمل، مشيرًا لطموحها وحرصها على إكمال مشوارها التعليمي، من خلال العمل ومواصلة التعليم في آن.

كما تحدث مالك المطعم الشيف اليمنيّ محمد أبو سنان، مبدياً احتراماً وتقديراً لتجربتها وتجربة عائلتها: “ فاديا تعمل بكل جدية، وقد استطاعت النجاح في عملها في المحاسبة؛ لأنها أجادت اللغة الإنكليزية بسرعة وتحب عملها…أضف إلى أنها وأختها، أيضًا، التي تعمل لدينا في المطعم الآخر، لا تترددان في الرد على كل الاتصالات، حتى في يوم الإجازة، إذا أردنا منهما المجيء للعمل”.

ويشيد (سنان)، بتجربة أسرتها ومكافحتها في سبيل توفير عيش كريم…قائلاً: “المستقبل كفيل بإنصاف هذه الأسرة التي تقدّم نموذجاً عربياً للكفاح من أجل حياة كريمة في المهجر”.

   
 
إعلان

تعليقات