Accessibility links

إعلان

شيكاغو – « اليمني الأميركي»:

تُمثل قصة نجاح «علي مُحَمّد»، وهو شاب يمنيّ أميركي في ولاية شيكاغو، درساً بليغاً للتحدي الذي يتجاوز الصعوبات مهما كانت قسوتها؛ إذ عاش (علي) ظروفاً صعبة بين اليمن وأمريكا، وصولاً إلى تجربته في التعليم والعمل من أجل الإنفاق على عائلته بعد انفصال والديه؛ ليبدأ تجربة جديدة تحول فيها من معاناته العصبية إلى مهارة رائعة في الإلقاء والإضحاك، والتي أهلته للمشاركة في منافسة الولاية التي أحرز فيها مركزاً متقدماً جعلته شخصاً كوميدياً مشهوراً في مدرسته، ويعدّ من الشباب الذين سيكون لهم مستقبل رائع في مجال الكوميديا.
تعالوا نقرأ حكايته كما كتبها «كب كوزاد»:
كانت حقاً لحظة ملحمية، وهو يقف على المنصة بعد إلقائه كل تلك الأسطر في كلمة لـ»بطولة مدرسة إيلينويس الثانوية للمسرحية الهزلية»، عرفَ (علي محمد) أنه وصل بجمهوره إلى حيث أراد.
كان المحكمون مستمتعين بحديثه وانطلاقة لسانه، وكان زملاؤه المنافسون الجالسون في كراسي القاعة يضحكون هم أيضاً باستثناء أولئك الرزينين من أبناء الشمال الذين لم يضحكوا ﻷحد بدافع الاحتشام. أما بالنسبة للآخرين كافة، فقد انفجروا ضاحكين على الفور بشكل طبيعي وبتلقائية تامة.
وعندئذ ألقى (علي) ذلك السطر الذي يقول: «ليست جودة الملابس التي تغطي الوجه هي ما يعوَّل عليه، بل الشخص الذي تحتها هو الأهم» فقد أثار ضحكاً صاخباً اُضطر معه أن يتوقف في منتصف الجملة. لقد وصل (علي محمد).

الحكاية 

كانت مادة (علي) التي شارك فيها في مسابقة الولاية مؤلفة من عناصر من خبرته الشخصية، ومن الثقافة اليمنية والعربية المألوفة، وكذا مما هو شائع ومتداول في أوساط بسطاء السكان الأمريكيين.

كان عرض (علي) يعتمد على حكاية يمني-أميركي وقع في حب مع فتاة بيضاء ساذجة.

قال (علي) شارحاً وهو يرتدي غطاءً للرأس والعنق وحذاء تنس: «أخذتها معي إلى موطني كي أُعرفها بثقافة بلدي الرائعة.. أردتها ألا تكترث بالمعاناة، الفقر مثلاً، وأن تحاول أن ترى ما في ذلك من ميزة إيجابية فيه». غير أن أسرته اليمنية رفضت صديقته (بيكي)، وهو كذلك فعل أثناء أداء تمثيل دوره.

ومستخدماً الفكاهة والمرح، أخذ يتشارك تلك الأخلاق التجاوزية القائلة بأن الجمال يكمن في الداخل. صديقته البيضاء لم تكن ذلك الشخص الطيب، إذ أنها بدورها رفضت اليمن. وفي نهاية المطاف، أحضر له جدُّه عروسة تحب أجداده وتقدرهم وهي تتمتع بالجمال، فقبل (علي) عرض جده.

وفي هذه اللحظة بالذات في عرض (علي) تتمحور هويته الثقافية المزدوجة فحين ينظر في الوجه الجميل لعروسته، يصرخ مُمتنًّا لجده، «شكراً لك، يا يسوع!!!» فتتعالى ضحكات المحكمين وضحكات زملائه المدوية.

التحدي

تحدى (علي) بمرحه وفكاهته الكثير من الصعوبات التي واجهته كعربي نشأ في أمريكا. يذكر (علي)، وهو يتناول – عند نقطة بعينها – المعاملة العنصرية في أحد المطارات، يقول، «استطعت الحصول على هذه البطاقة التي تقول، «Person of Interested: مثير للاهتمام” (وانتفخ متفاخراً بطريقة كوميدية وهو يلفظ العبارة)، وفيما بعد وأنا أتفحص العبارة الأصلية وجدتُني أواجه العراقيل في المطار. لقد جعلوا أختي تخلع جواربها.. لكي يفحصوا باطن قدميها، هل ذلك ما أرادوه؟ لقد رأيت وصمة العار. كانت أمي وأخواتي يرتدين الحجاب، ونحن الأخوة السِّمان البنيي البشرة قليلاً نمشي مع الأسرة مرتدين أحزمة ماركة (فاميلي دولار) رحنا نخلع كل شيء.. كل شيء”.

كانت حياة (علي) حياة بسيطة أيًّا كان ما يحدث فيها. نشأ في “بافلو، نيويورك” ثم كان تنقله المتواصل هنا وهناك أمراً عسيراً. وهو في المستوى الدراسي السادس، سافر إلى “عدن” مع أسرته لقضاء عطلة الصيف كما كان مقرراً والعودة، لكن بدلاً عن ذلك بقي هناك سنتين كاملتين

. يقول (علي) بهذا الشأن، “قذف بنا والدنا هناك ﻷنه أرادنا أن نتعلم الثقافة، ونتعلم اللغة العربية، ونتعلم الدين الإسلامي”.

اليمن

شاهد (علي) الجانب العسير للعيش في اليمن؛ ﻷن طريق الباص فقط كان محفوفاً بالمخاطر في «عدن» في عام 2014، فلم يلتحق (علي) بالمدرسة في تلك الفترة. المظاهرات وحظر التجوال المتكرر أفسدت إقامته في اليمن.

عندما عاد إلى أمريكا، صارت حياته الشخصية أكثر تعقيداً. يقول (علي) موضحاً، «لقد طُرِدنا من «نورث سايد» في شيكاغو. وانفصل والديَّ، وتزوج أبي. وانتهى بي المقام أنا وأمي واخواتي وأخي هنا في ضواحي «شيكاغو» الجنوبية.

شيكاغو

وهناك كانت المزيد من التحديات. يقول (علي)، إنه لم يكن له الكثير من الأصدقاء، «كنت اتلفت مرعوباً شمالاً ويميناً، وبدلاً من أن يضحك الآخرون عليَّ، كنت آخذ في الضحك معهم مطلقاً النكات على نفسي كي أخفف من التوتر».

أما السيد «هاريقان» فقد أضاف قائلاً إن (علي) كان قادراً على استخدام تلك الطاقة العصبية في مصلحته وهو يخوض منافسات الإلقاء.

وجد (علي) صوتاً في فريق الإلقاء بمدرسة «ريتشاردز الثانوية». وأخذ يجول في أنحاء البلاد، ويُمارس لعب كرة السلة، وكرة القدم قبل إصابة ركبته. ثم أُختير من قِبَل السيد «هاريقان» ليُشارك في الإلقاء في سنته الأخيرة بالمدرسة الثانوية. وفي ذلك الوقت كان (علي) يشغل وظيفتين ليُعيل أمه وأخواته الأربع وأخاه. ولما صار أكثر جدية في المشاركة بمنافسات الإلقاء، تخلى عن إحدى الوظيفتين لكي يركز أكثر على تجويد أدائه. وبمرور الوقت، حلت الفرصة هذا العام. لقد شحذ (علي) مهاراته وحظي بالفوز السردي الذي يجمع بين التجارب الشخصية والفكاهة الثقافية المتصلة بجذوره اليمنية الأميركية.

النهائي

وفي فبراير وصل (علي) إلى نهائي منافسة الولاية بإلقائه «Mideastern Night›s Dream” في “بيوريا، إيلنويس”. إنه سباق رائع لطالب لم يسبق له أن بدأ المنافسة إلا في سنته الأخيرة وحسب، بل إنه أيضاً قهر العديد من العوائق والصعوبات في حياته.

يقول (علي)، “أُريد أن أجعل كل يمني أمريكي يعرف أن باستطاعته أن يُحقق أي شيء يُريده. لقد انحدرت من أسرة بسيطة، وواجهت الصعاب مع والدي، وكبرت في رعاية أمي طوال حياتي. إن باستطاعة أي شاب يمني أميركي أن يحقق حلمه”.

تحديات ماضي (علي) صارت ذكريات. لقد أصبح الآن شخصاً يُشار إليه بالبنان في مدرسة “ريتشاردز الثانوية” كونه الشخص الرابع الوحيد في 53 عاماً من تأريخ “ريتشاردز” الذي يفوز بمنافسة الولاية يعني الكثير. إن (علي) يخطط الآن للالتحاق بجامعة “ايلينويس-شيكاغو” في فصل الخريف. وبمشاركته في أداء إلقائه النهائي، فإن (عليَّ) يُسهم في تقديم شيءٍ ما لكل فردٍ منا.

   
 
إعلان

تعليقات