Accessibility links

إعلان
إعلان

وجدي الأهدل

كل شخص سيقرأ هذا المقال لابد وأن قد خطر بباله يوماً هذا السؤال: كيف يمكن أن نجلب السلام إلى العالم؟ وما هي الوسيلة التي يمكن استخدامها لتحقيق هذا الأمل؟ لقد جربت حكومات ومنظمات فكرة «حوار الأديان» بوصفه الطريق الأقرب لإحلال السلام بين الأمم.. لكن هذا الحوار لم يُسفر عن شيء.

ورأيي الشخصي أن «حوار الأديان» لن يثمر عن سلام حقيقي، ولن تقتنع به سوى جماعات صغيرة. وعلينا ألاّ نغتر بخطاب رجال السياسة المداهن الذين يرفعون شعار حوار الأديان نفاقاً وأمام الكاميرات فقط.. ولعل ما أقدم عليه الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) بقراره نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس دليل على تناقض السياسي مع مفهوم احترام الأديان ومقدسات الشعوب.. وأن «حوار الأديان» ليس سوى وهم مثالي بعيد المنال.

الأمر الآخر، وهو الأكثر سوداوية، أن كل دين منقسم على ذاته إلى طوائف عديدة، وهذا الانقسام الطائفي يجعل أيّ حوار مع ديانة أخرى نوعاً من إضاعة الوقت، ومحكوم عليه بالفشل سلفاً، ولن ينتج عنه أيّ تفاهم. وعلى سبيل المثال، فإن الدين الإسلامي يحتاج أولاً إلى أن يتحاور مع نفسه، ويحل المشاكل الطائفية بين معتنقيه، وتسوية النزاعات حول التفاصيل التي تُبدد إسلامهم قبل سلامهم، وبعد ذلك يمكن الانتقال إلى الخطوة التالية، وهي الحوار مع الأديان الأخرى.

وهنا عزيزي القارئ نطرح معالجة مختلفة كلياً، هدفها التوصل إلى الحد الأدنى من السلام بين الحضارات.. وهي فكرة «حوار القصص». وملخص الفكرة أن يتداعى كُتَّاب المسرح والقصة والرواية والسيناريو الأدبي إلى كتابة قصص تُركز على الأخوة الإنسانية بين الشعوب، وتشجع على إذابة الحواجز النفسية بين الأمم، تلك الحواجز التي مصدرها اللغة واللون والدين والعرق والحدود السياسية والفوارق الاقتصادية.

لقد حان الوقت لكي يقوم الكُتَّابُ من جميع الجنسيات بدورهم الحاسم في كسر حلقة العداء بين الشعوب، ونشر الصداقة بين البشر على أوسع نطاق ممكن، وأن نتعلم حب كل كائن بشري، بما هو عليه، بغض النظر عن لون بشرته أو ديانته أو حالته المادية. علينا أن نُركز كل التركيز على نشر وعي «المحبة» عبر المسرح والتلفزيون والإذاعة والمجلة والصحيفة والكِتاب ووسائل التواصل الاجتماعي، وبواسطة قصص إنسانية تُعلي من شأن التسامح مع المختلف، والتصالح مع الخصم، ونبذ العنف والتطرف واستخدام القوة سواءً على مستوى الأفراد أو على مستوى الأحزاب والدول.

إن هذا الحل هو برأيي الحل الوحيد – الخالي من التناقض- الذي يمكنه إنقاذ العالم من الحروب وإفناء نفسه بنفسه.

إن تكوين سلسلة من الكُتَّاب عابرة للقارات والثقافات والحضارات واللغات والحدود السياسية، تهدف إلى نشر وعي عالمي بحب «الإنسان» من أيّ مكان قد يُحقق المعجزة! ويجعل الشعوب أكثر تواداً وتراحماً، فتولد صداقة حقيقية بين الأبيض والأسود، والغني والفقير، والمسلم وغير المسلم، فلا تجد الأنظمة السياسية وقوداً لحروبها، ولا مجالاً لترويع العالم بعدوانيتها وتعطشها للسيطرة والتحكم وسلب الآخرين مواردهم.

يمكن للأعمال الدرامية والأدبية أن تبدع قصصاً موجهة، تحمل في طياتها رسالة مفادها أن المساعدة الصحيحة التي يمكن للإنسان أن يقدمها لأخيه الإنسان هي أن «يحبه» ويتعاطف معه ويُعامله معاملة حسنة.

   
 
إعلان

تعليقات