Accessibility links

الحرب والرياضة اليمنية.. دمار للمقدرات ونزوح قسري للرياضيين


إعلان
من رحم المعاناة يولد الإبداع…هذا هو لسان حال الشعب اليمني عامة، وكافة الرياضيين خاصة على مدى السبع السنوات الأخيرة، والتي مر خلالها الوطن بأزمة سياسية حادة تحولت الى حرب طاحنة دمرت مقدرات الدولة ومنشآتها،وأنهكت المواطن المغلوب على أمره ومنهم شريحة الشباب والرياضيين الذين توقف نشاطهم تدريجيًّا خلال تلك السنوات السبع حتى تجمد بشكل شبه نهائي منذ العام 2014م،

صنعاء – “اليمني الأميركي” محمد علي الأموي:

وحتى الآن؛ نتيجة عدم قدرة وزارة الشباب والرياضة وصندوق رعاية النشء والشباب والرياضة على توفير أدنى الاحتياجات المادية لتسيير عمل الاتحادات الرياضية والأندية بسبب قلة موارد الصندوق، بل وتوقفها من قِبل الداعمين والممولين له.

النشاط الرياضي

أجبر ذلك التوقف جزءًا كبيرًا من منتسبي الحركة الرياضية اليمنية والعاملين فيها على تحويل نشاطهم إلى الأعمال الحرفية والمهنية والتجارية، أو التوجه إلى الاغتراب، وترك ألعابهم الرياضية التي أحبوها وعشقوها وأبدعوا فيها كلاعبين ومدربين وإداريين وإعلاميين، وبعد أن كانوا يصولون ويجولون في مختلف الملاعب والصالات الرياضية، ويعتلون منصات التتويج وينالون التكريم والتحفيز، بل إن الكثير منهم حصد للوطن الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية، وتمثيل الوطن في البطولات العربية والآسيوية والدولية خير تمثيل، تجدهم اليوم يمتهنون أعمالاً حرة إما بمحلاتهم أو عبر الأجر اليومي في أحد المطاعم أو المخابر أو غيرها.

إن الحرب اللعينة والظروف الصعبة التي يمرون بها أنهكت حتى مكونات الألعاب الرياضية فنجد مثلا الخيول قد توفي منها 8 أحصنة، إما بسبب القصف أو عدم مقدرة الاتحاد على توفير ما تحتاجه من أدوية ورعاية بعد أن وصلت الفروسية اليمنية إلى بطولة العالم لالتقاط الأوتاد لعام 2018م بعد تأهلهم عن التصفيات التي أُقيمت منتصف العام الماضي بإحراز ثلاث ميداليات ذهبية، بالإضافة إلى تدمير مختلف المنشأت الرياضة من ملاعب وصالات مغلقة ومنشآت إدارية.

أعمال حرة

بعد أن غادر الوطن العديد من منتسبي النشاط الرياضي اليمنيين المؤهلين للعمل في دول الجوار إما إداريين أو مدربين أو لاعبين أو إعلاميين في الاتحادات الخليجية، أو حتى مستشارين لتلك الاتحادات، أو هاجروا للاغتراب في الأعمال نجد أن الجزء الأخير منهم، والذي لم يتمكن من مغادرة الوطن لسبب أو لآخر، نجدهم تركوا الرياضة مجبرين، أو قد اتجهوا للبحث عن مصدر رزق يعول أسرهم ويوفر لهم لقمة عيش كريمة.

فنجد – مثلاً – لاعب المنتخب الوطني السابق للكيك بوكسنج فهد الحيدري، والذي مثّل اليمن في مختلف البطولات الخارجية للعبته، ومنها بطولة العالم للكيك بوكسنج (قتال) سنغافورة 2004م، ويحمل الحزام الأسود (3 دان) في لعبته، وحاليًّا هو مدرب دولي في لعبه الكيك بوكسنج.. نجده – الآن – يدير مركز الذئاب للفنون القتالية الاستعراضية بعد أن استدان بعض الأموال من أصدقائه، وقام بتأسيس المركز، وهو عبارة عن مركز يهتم بلعبتين أساسيتين، هما: «الكيك بوكسينج، ولعبة البنجاك سيلات»، التي يجيدها أيضًا، ويحمل شهادات رسمية بمزاولتها معتمدة من قِبل وزراة الشباب والرياضة، وعبر الاتحادين المعنيين باللعبتين.. بالإضافة إلى بعض الألعاب الترفيهية للأطفال كـ (مسبح ماء، ملعب كرة صابوني، لعبة التروميلين).

ويتميز المركز – بحسب كلام فهد الحيدري مدير المركز- بتدريب الألعاب القتالية، وتأهيل اللاعبين تأهيلاً علميًّا وفنيًّا، وإقامة الأنشطة والمهرجانات والبطولات الداخلية، وبإشراف كادر فني مؤهل ومتخصص، ويؤكد الكابتن فهد الحيدري بأن مشروعه ناجح حتى الآن، والحمدلله، بفضل المثابرة والاجتهاد والصبر، وأن المركز يغطي نفقاته التشغيلية كالإيجار الشهري وشراء وتجديد الأدوات المطلوبة والتمارين، بالإضافة إلى احتياجات الأسرة، وهو الهدف الرئيس من إنشاء المركز.

الإعلام الرياضي

الملاحظ على الواقع الرياضي اليمني خلال السنوات الأخيرة أن العديد منهم اتجه للعمل الحر، فالصحفي الرياضي المتميز علي الريمي، الذي يشغل – حاليًّا – نائب مدير تحرير صحيفة الرياضة، وهي الصحيفة الرياضية الأولى في الجمهورية اليمنية نجده قد تنقل في الكثير من الاعمال بحثا عن مصدر رزق له ولأسرته فقد عمل خبازًا، وعاملاً في بقالة، واستقر به الحال –مؤخرًا – للعمل في سرويس السيارات بمقابل يومي 750 ريالاً، أي ما يوازي دولار ونصف الدولار تقريبًا.

ويقول الريمي عن عمله الحالي: أنا اشتغلتُ بالسرويس وغيره من الأعمال الحرة لكي أواجه متطلبات الحياة، ومن أجل توفير مستلزمات المعيشة اليومية لأسرتي، خصوصًا بعد أن توقفت الرواتب وكل المستحقات الأخرى في مؤسسة وصحيفة الثورة، علمًا بأني قد اشتغلت في محطة للمياه وفي محل لبيع المواد الغذائية بالجملة، ورغم أنها أعمال متعبة وشاقة؛ كوني لم أتعود عليها، وعائدها المالي غير مجدٍ، لكن العمل ليس عيبًا؛ فالوضع أجبرنا على ذلك، ولله الحمد والشكر على كل حال، وربنا يفرجها على الجميع.

لاعبون يبيعون القات

على صعيد اللاعبين، فنجد الكثير منهم قد ترك لعبته المفضلة مجبرًا، واتجه للعمل من أجل طلب الرزق، وأغلبهم يعمل في قيادة الدراجات النارية أو بسيارات الأجرة، بل إن بعضهم يعملون في بيع القات، وخاصة لاعبي ألعاب القوى المنتشرين بمحافظة ذمار – وسط اليمن، مع استمرارهم في أداء التمارين بعد الانتهاء من عملهم التجاري.

هذه بعض نماذج من مآسي الحرب على الرياضة اليمنية، والتي دمرت كل شيء جميل في بلاد العرب السعيدة.. الحرب التي أجبرت خيرة شباب الوطن على ترك مجالات التألق والإبداع والانخراط في مجالات جديدة عليهم من أجل توفير أدنى مستلزمات الحياة لهم ولأطفالهم.

ورغم ذلك لم يتخلوا عن رياضاتهم، بل يمارسونها بأوقات محددة وقصيرة على أمل العودة لعشقهم الأول بعد انتهاء الحرب في القريب العاجل، بمشيئة الله.

   
 
إعلان

تعليقات